إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في حضرة مولانا جلال الدين الرومي

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في حضرة مولانا جلال الدين الرومي

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أهل ورد الغاليين

    يحمل التاريخ في طيّاته كثيراً من الأشخاص
    الذين عاشوا لغيرهم، أو لربّهم.
    وكثيرون هم الشعراء الذين تغنّوا بالحياة وجمالها.
    وكثيرون من المتصوّفة غنّوا للحُبّ. لكن،
    ما من شاعر غنّى للحُبّ والحياة والجمال،
    والنُور والوجود غيره،
    وما من شاعر صوفيّ
    غاص في أعماق النَفْس البَشَريَّة،
    أو ألهب قلوب العشّاق، كما فعل هو
    شاعرٌ،
    اختار حياة التصوّف سبيلاً
    للوصول إلى الله والاتّحاد معه.
    فكان تصوّفه مزيجاً من الحِكمة والروحانيَّة،
    والغوص في أعماق الإنسان.
    وبشعره الذي فاض حُبّاً وحِكمة،
    بلغ أسمى درجات العبقريَّة الشعريَّة.
    هرب بالإنسان إلى أقاصي الروح،
    وحلّق به إلى أعالي القمم،
    وجعل منه غباراً أمام الطبيعة
    ورحل في رحلة عشق لخالق الكون.

    وهذا العشق ليس هو إلاّ علاقة الإنسان بربّه.
    وهو يعني
    المحبّة الخالصة
    والعرفان الكامل
    والوجد الصوفيّ.
    لإنّ العشق الإلهيّ هو أساس التصوّف،
    ذاك العاشق المتلاشي في ذات المعشوق
    كنقطة في بحر أو كنجمة في مجرة لن توجد إن انفردت،
    كان الحب عنده مطلقاً لا حدود له
    مترفعاً عن ذرات المادة والجسد،
    أما اسمه
    يكفي ليختصر فكراً لن تفيه البحور.
    إنه

    مولانا جلال الدين الرومي



    وقفتْ وقفةَ المتهيِّب عن مغامرة كهذه!
    أية جرأة محاولتي الإحاطة بالمحيط؟!
    لربما ظلمت نفسي
    لكن رغبة ملحة بداخلي
    تدفعني أن أبدأ هذا العام
    بخوض غمار هذا البحر الكبير

    دعواتكم و الله المستعان

  • #2
    حياته

    "جلال الدين محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم
    بن مسيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق"
    المولود في
    السادس من ربيع الأوّل سنة 604ه‍ / أيلول 1207م،
    في مدينة بلخ، لذلك لقّب أحياناً ب‍ِ جلال الدِين محمّد البلخيّ.
    أمه هي مؤمنة خاتون ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد،
    أبوه محمّد بن الحسين الخطبي،
    وكان يدعى بهاء الدِين (بهاء ولد)
    وهو شاعر وعالِم في الدِين، من أتباع المدرسة الحنفيَّة،
    وذو مكانة مرموقة، لذلك لقّب ب‍سُلطان العلماء،
    ولد الرومي في القرن الثالث عشر عام 1207،
    حين وقعت مجازر ضد المسلمين من قِبل الغزو المغولي،
    والتي دمرت جزءًا كبيرًا من العالم الإسلامي،
    ليس فقط من الجانب المادي،
    بل أثرت سلبًا على الحضارة الإسلامية في بلاد الإسلام
    من خورسان إلى بغداد،
    إلا أنه في الوقت ذاته هرب علماء
    الحضارة الإسلامية الحديثة من الغزو المغولي
    إلى بلاد الأناضول، وكان منهم والد جلال الدين،
    فتنقّل مع أسرته من بلد إلى آخَر، استغرقت الرحلة الكثير،
    من خورسان الواقعة الآن ضمن حدود أفغانستان،
    مرورًا بمكة والقدس ومنها إلى الشام
    إلى أن حطّ به الترحال في مدينة قونية،
    عاصمة دولة السلاجقة في آسيا الصُغرى.
    وخلال تنقّلاته هذه، التقت أسرته مع
    الشاعر الفارسيّ الكبير فريد الدِين العطّار،
    الذي أخذ الطفل بين يديه،
    وتنبّأ له بمستقبل عظيم ومرتبة عالية في التصوّف،
    ثمّ أهداه نسخة من منظومته "أسرار نامه".
    وخلال إقامة جلال الدِين الروميّ في
    مدينة لاندرة، التي تعرف الآن بمدينة قرمان.
    تزوّج من جوهرة خاتون،
    ابنة "لالا شرف الدِين السمرقنديّ"
    ورُزق منها بصبيين، علاء الدِين وبهاء الدِين.

    و بعد وفاة زوجته تزوج بأخرى مسيحية انجبت له
    ابنه أمير العلم شلبي، وابنته ملكة خاتون
    لقّب جلال الدِين بالروميّ، نسبة إلى بلاد الروم،
    حيث قضى القسم الأكبر من حياته،
    ومات ودُفن فيها
    في الخامس من جمادى الثانية سنة 672ه‍
    الموافق السابع عشر من ديسمبر، 1273م
    كان عشرات الآلاف يومها
    يشيعون رجلاً جمَّعهم رغم اختلافاتهم،
    حتى أنَّ النصارى واليهود قد حضروا جنازته،
    وإذا زرتَ يومًا ما قونية في تركيا
    ستجد زوَّار ضريح جلال الدين الرومي من جميع الديانات،
    فقد قال النصارى “لقد فهمنا عيسى من خلال مولانا”
    وقال اليهود “لقد فهمنا موسى من خلال مولانا”.
    وقد شيّدت قبّة فوق قبره عرفت بالقبّة الخضراء.
    وقد زار الرحّالة ابن بطّوطة القبر ووصفه لنا
    في كتابه "رحلة ابن بطّوطة".





    القبر

    تعليق


    • #3
      علومه

      إنّ أوّل مَن لقّن العلوم لجلال الدِين الروميّ
      والده "بهاء الدِين ولد"،
      ثمّ تابع برهان الدِين محقّق الترمذيّ - صديق والده،
      تعليم جلال الدِين الروميّ، على مدى سنوات،
      نصحه بعدها بزيارة دمشق،
      والتي توجّه إليها مروراً بحلب.
      وفي حلب التقى صوفيّين آخَرين.
      ومن المعلوم أنّ حلب كانت تعدّ في ذلك العصر
      مركزاً فكريّاً هامّاً.
      وقد أمّها كبار العلماء والفلاسفة.
      ثمّ تابع مسيره إلى دمشق
      حيث أقام سنوات عديدة.
      ولسنا نعلم ما إذا كان قد التقى
      خلالها شيخ المتصوّفة "ابن عربيّ"
      خاصّة أنّ جلال الدِين الروميّ لا يشير إلى
      لقاء جرى بينه وبين شيخ المتصوّفة.
      بعد عودته إلى قونية،
      ووفاة أستاذه برهان الدِين محقّق الترمذيّ.
      تسلّم جلال الدِين الروميّ مهامّ التدريس في هذه المدينة،
      فتجمّع حوله التلاميذ والمريدون، ليستمعوا إليه،
      إذ كان يعدّ من الفقهاء الأحناف.
      أمّا خارج أوقات التدريس،
      فقد كان يُمضي أوقاته في الوعظ والتأمّل.
      يخبرنا ابن بطّوطة أنّ جلال الدِين الروميّ
      كان يلقي دروسه يوميّاً على طُلاّبه،
      وإذا ببائع حلوى يدخل عليهم ليبيعهم من بضاعته.
      فلمّا أتى مجلس التدريس قال له جلال الدِين الروميّ،
      هات طبقك. فأخذ الحلوانيّ قطعة وأعطاها لجلال الدِين،
      فخرج جلال الدِين وراءه تاركاً تلاميذه والتدريس.
      إذا أخذنا حكاية ابن بطّوطة على محمل الصدق،
      فإنّ بائع الحلوى هو شمس الدِين التبريزي
      ولكن، يبدو أنّ الطابع الخياليّ
      يلفّ هذه الحكاية وكثيراً من الحكايات
      التي حيكت حول
      لقاء جلال الدِين الروميّ شمسَ الدِين التبريزيّ.
      وتبقى لحظة التقاء الرجلين غائبة عن معرفة المؤرّخين،
      يعد عام 1244 كانت نقطة التحول الكبرى في حياته
      بظهور شمس الدين في حياته فكان رفيق روح الرومي
      الموحشة، التي استأنست بجواره
      فكان أحدهما روحاً والآخر جسداً،
      فعاش جنون عشق التبريزي
      الذي أحدث أثراً عظيماً في حياته الفكرية والإبداعية
      وقد كان لقاء ترك أثراً كبيراً في جلال الدِين الروميّ.
      استطاع شمس الدِين التبريزيّ أن
      يبعد جلال الدِين الروميّ عن تلاميذه.
      فانصرف بذلك عن التعليم والوعظ إلى حياة جديدة
      تقوم على المعرفة الحقّانيَّة، والانصراف إلى الله كلّيّاً
      فأضحى أعظم متصوّفة عصره.

      تعليق


      • #4
        إذا به يتحول من فقيه إلى ملهم ذي قريحة فيّاضة،
        كما أدخله عالَم التصوّف، الذي انقطع له،
        وعن هذا التحوّل يقول جلال الدِين الروميّ
        في إحدى رباعيّاته ما ترجمته،
        عندما اشتعلت نيران الحُبّ في صدري
        أحرق لهيبها كلّ ما كان في قلبي
        فازدريت العقل الدقيق والمدرسة والكتاب
        وعملت على اكتساب صناعة الشعر، وتعلّمت النظم.
        أشرق شمس على الرومي أو تلألأت روح الرومي
        من النظام والحركة الاعتيادية إلى الانبساط والتلقائية،
        ومن الوِردِ المرتّب إلى الذّكر الدائم،
        ومن الصورة إلى المعنى،
        ومن الحكاية إلى أن أصبح هو بطل الحكاية،
        فإذا كنّا قد اعتدنا أن نقرأ آية القرآن في الأعلى
        ومن بعدها التأويل والتفسير والمعنى،
        فإن الآية هنا أمست فعلاً وحياة وعالم بأسره
        يمكنك إن تعرّفت عليه أن تتعرّف على الكتب السماوية
        وحكايات الأولين وحكم السابقين
        أنبياء وفلاسفة وسالكين وغير ذلك.

        وشاءت الظروف أن يُقتل
        شمس الدِين التبريزيّ سنة 645 للهجرة.
        فتألّم جلال الدِين الروميّ كثيراً لرحيل صديقه ومعلّمه.
        واحترق حزناً كعود عطر بكلمات من
        شعر ونثر وموسيقا ورقص تنعش للروح وتؤنس وحشتها.

        ويقول عن رحيله:

        مَن ذا الذي قال إنّ شمس الروح الخالدة قد ماتت!
        ومَن الذي تجرّأ على القول بأنّ شمس الأمل قد تولّت!
        إنّ هذا ليس إلاّ عدوّاً للشمس، وقف تحت سقف،
        وعصب عينيه ثمّ صاح، ها هي الشمس تموت.

        تعليق


        • #5
          فكـره

          ليس في المستطاع أن نحيط بفكر جلال الدِين الروميّ،
          عبر كلمات قليلة. فهو ثالث المثلّث الصوفيّ الفارسيّ،
          بعد سنائي وفريد الدِين العطّار.
          لا بل إنّه قمّة هذا الهرم الثلاثيّ.
          وقد أجمع البحّاثة من الشرق والغرب معاً،
          على أنّه أعظم شعراء الصوفيَّة بدون منازع،
          لا بل إنّه واحد من شعراء الإنسانيَّة الأفذاذ.
          كان جلال الدِين الروميّ يؤمن بوحدة الأديان،
          مثل ابن عربيّ، ويقول بذلك:

          مسلم أنا، ولكنّي نصرانيّ وبرهميّ وزرادشتيّ.
          توكّلت عليك، أيّها الحقّ الأعلى، فلا تنأ عنّي.
          ليس لي سوى
          معبد واحد، أو مسجد، أو كنيسة، أو بيت أصنام.
          ووجهك الكريم منه غاية نِعمتي.
          فلا تنأ عنّي، لا تنأ عنّي.


          وقد امتاز جلال الدِين الروميّ
          بقوّة البيان وبراعة التصوير،
          إذ كان ذا خيال فيّاض.
          فهو يقدّم لنا الفكرة الواحدة بصور متعدّدة،
          مغنياً إيّاها بالأمثلة الكثيرة، فتأتي القصّة الصغيرة
          بمئات ومئات من الأبيات الشعريَّة
          ، ويدعم فيها آراءه ونصائحه
          لتكون كاملة متكاملة...
          وإنّه ليقول عن كتابه "مثنوي" إنّه أصولُ أصولِ الدِين.
          إنّه ليستطيع بأسلوبه الشعريّ الفذّ أن يجسّد الفكرة،
          فيجعل القارئ يتنقّل ما بين المعنويّات والمحسوسات.
          إنّه بمهارته الشعريَّة،
          يمزج بين الطبيعة والحياة والنَفْس الإنسانيَّة،
          فيضع لقارئه صورة متكاملة،
          تنقله إلى عمق أعماق التأمّل
          في النَفْس البَشَريَّة والعزّة الإلهيَّة.

          امتاز الروميّ بمقدرة عجيبة على
          تناوله موضوعاً ما لا يكون جديداً بالضرورة،
          يعرضه بقالب جديد وأسلوب فنّيّ أدبيّ،
          فيأتي الموضوع وكأنّه يُعرض على القارئ لأوّل مرّة.
          وتتطرّق أفكاره وموضوعاته إلى أمور الحياة اليوميَّة
          بمختلف مستوياتها، فبراعته الفنّيَّة وعبقريّته وأسلوبه
          في فنّ الحِوار، استطاعت أن
          ترفع بكثير من الموضوعات البسيطة
          إلى مستوى فنّيّ أدبيّ في غاية الروعة،
          حيث يضعها في موضع التأمّل النَفْسيّ والإلهيّ.
          وهو يتّخذ من الحِكم والأمثال
          مادّة في عرض فلسفته الصوفيَّة،
          ما زاد من أهمّيَّة الموضوعات التي تطرّق إليها.
          فجاءت أفكاره واضحة ونافذة إلى عمق النَفْس البَشَريَّة،
          مع أنّها وُضعت في
          القرن السابع الهجريّ (الثالث عشر الميلاديّ).
          ويمكن القول إنّ الفكر والشعر عند جلال الدِين الروميّ
          يتطرّقان إلى حالات الوجد الصوفيّ
          والفناء عن الذات الإنسانيَّة.
          وحاله بذلك هي حال جميع المتصوّفة الذين نظموا الشعر
          في حالات الوجد الصوفيّ،
          الذي نستطيع أن نسمّيه "بأدب اللاوعي":

          تراب هذه الدار وقمامتها مسك وعنبر وعطر.
          كلّ سطحها وبابها شعر وألحان.
          فمَن وجد سبيلاً فيها فهو سُلطان الأرض وسليمان الزمان.

          تعليق


          • #6
            زُهْده
            يصف الأديب عباس العقاد زهد الرومي،
            فيقول: «الزهد زهدان: زهد من لا يملك الدنيا،
            وزهد من لا تملكه الدنيا، وهذا هو أكرم الزُّهْدَين،
            وأعلاهما في مراتب الفكر والخلق،
            وهو زهد جلال الدين. تمَّتْ له صفات رجل الدنيا،
            من سلامة العقل، وسلامة العاطفة الإنسانية،
            ووسائل النجاح بالعلم والكياسة، وسمو الهمَّة؛
            فهو مع الدنيا يتركها حيث شاء،
            ولا تتركه حيث تشاء، ويزهد باختياره،
            ولا تزهد فيه على كُرْهٍ منه واضطرار.
            فمن سلامة العقل أن كلامه الذي ثبتت نسبته إليه،
            يتَّسم بالجِد والرصانة،
            ولا يتخلله شيء من ذلك الشطط،
            الذي يوغل فيه دراويش الصوفية،
            ولا من تلك الحذلقة التي تطيب لفريقٍ منهم؛
            فيما يصطنعونه من التشبيهات المُلَفَّقة،
            يقول سير وليام جونس:
            إن في كتاباته عمقاً ورصانة،
            لا مثيل لهما في شعر شاعرٍ من طبقته،
            مكانة الرومي كشاعر عالمي،
            من شعراء الإنسانية الكبار، على مر العصور،
            يؤكد العقاد أنه لهذا السبب: يتنافس على
            نِسبة جلال الدين أربعة أوطان،
            وهي خراسان، وفارس،
            وبلاد العرب، وبلاد الترك، التي اشتهرت ببلاد الروم.

            تعليق


            • #7
              مصادر ثقافته

              إنّ مصادر الفلسفة عند جلال الدِين الروميّ، كثيرة،
              كما هو الحال عند المتصوّفة كافّة.
              فالأفلاطونيَّة المحدثة والفلسفة الهنديَّة
              حاضرتان في أكثر من موضع من مؤلّفاته.
              كذلك، هناك شبه كبير بين بعض آرائه
              وآراء المتصوّفة المسيحيّين.
              ومثله في ذلك، مثل الإمام الغزاليّ،
              الذي اقتبس بعض آيات من الكتاب المقدَّس،
              مبدّلاً بعض كلماتها من دون تغيير المعنى.
              فمثلاً، يقول جلال الدِين الروميّ
              مخاطباً قلبه المتعلّق بالهيكل الجسميّ الزائل:

              أيّها القلب!
              لمـاذا أنت أسير لهذا الهيكل الترابي الزائل!

              كذلك تأثّر كثيراً بالشعر العربيّ،
              وخاصّةً أشعار المتنبيّ.
              فهناك أبيات شعريَّة وردت في مثنوي
              تكاد تكون ترجمة حرفيَّة لبعض أشعار المتنبي:

              صدّقوهم،
              هم مصابيح الدجى أكرموهم،
              هم مفاتيح الرضا


              يتبع

              تعليق


              • #8
                شعره
                ألاف الأبيات من الشعر ،
                تجلَّتْ فيها صورةُ الإنسان الكامل،
                سلطان دولة العشق وأمير قافلة الحبِّ الإلهي.
                ألفاظ عذبة رقيقة، رمز وإيحاء،
                صور بيانية ذات تنوع مذهل،
                تبتعد عن المحسِّنات اللفظية،
                ومظاهر طبيعة هي تجلِّيات الخالق في خلقه،
                أبهاها الزهور، رُسُل المحبة، تعبِّر بتباينها عن
                اختلاف أحوال الإنسان ومشاعره،
                تلتقطها العينُ الساحرة العاشقة لتحيلها شعرًا
                كلمات راقصة على إيقاع
                خمسة وخمسين بحرًا من بحور الشعر،
                يا للخبرة باستخدام حتى الأوزان المهملة،
                والتوظيف الفطري للموسيقى الجانبية،
                كالقافية والرديف
                والموسيقى الداخلية وفي هذا
                أرقى تجلٍّ لإبداعه وتفرُّده.

                حوّل الرّومي الشعر
                من موضوع للمدح والثناء والهجاء والتغني إلى
                قالب صبّ فيه الرموز والإشارات،
                وفصّل فيه المجمل من الكلمات،
                ورتّل فيه الآيات، واستعاد آلاف الحكم والأحاديث
                وما خلا نبض الحياة من كلّ كلمة مما قال،
                فلم يراع نظامًا لقوالب حددت سلفًا ولم يشغله الترتيب
                والتنسيق عن سرد الأفكار، فهو ليس أعظم شاعر
                وإن قال عنه أحد الأعاجم أنه أعظم من شكسبير

                لكن يمكن أن تقول إنه :
                إنسان صوفي متدين سجّل في آلاف الأبيات من الشعر
                ما استعصى على غيره أن يسجله بهذا الشكل.

                يقسم الشعر عند جلال الدِين الروميّ إلى نوعين:
                إنسانيّ أخلاقيّ،

                ويتناول فيه المُثُل العُليا للحياة الإنسانيَّة والكون،
                وهو شعر تعليميّ يعتمد كثيراً على القصص والأمثال،
                ليمرّر من خلاله تعاليمه وآراءه التي يدعو إليها.

                والنوع الآخَر وجدانيّ فلسفيّ.
                ويتناول فيه معاني الصوفيَّة،
                من وجد ونَفْس إنسانيَّة وأصلها الإلهيّ،
                وهو بذلك لا يمسّ الحياة المادّيَّة. بل يحلّق
                في سماء العالَم الروحيّ، متحدّثاً عن المحبّة الإلهيَّة،
                التي هي سعادة الإنسان الأبديَّة وكمال الخلود.

                إنّ الروح التي ليس شعارها الحُبّ الحقيقيّ
                من الخير ألاّ توجد،
                فليس وجودها سوى عار.
                كُنْ ثملاً بالحُبّ،
                فإنّ الوجود كلّه محبّة.
                وبدون التعاون مع الحُبّ فلا سبيل إلى الحبيب.
                يقولون،
                ما الحُبّ؟
                قلْ: هو ترك الإرادة.

                تعليق


                • #9
                  الموسيقى والرقص
                  لم تكن محرمات عند جلال الدين الرومي
                  إنما سبيل الوصول إلى الله، فكل منها خطوة
                  تنقلك للتركيز بقوة حتى تفنى ثم تعود إلى الواقع
                  بطريقة مختلفة في رحلة تصاعدية من خلال النفس
                  والمحبة للوصول إلى الكمال فتخفت أنانيتك
                  وتنضج روحك بالمحبة فتعشق الله،
                  و تون خادما لغير من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية.

                  ابتكر مع شمس الدين التبريزي
                  طقوس الرقص الدائري «المولوي»
                  مختصراً فكرة الكون بعمقه وجوهره،
                  حيث حول الإنسان
                  لجرم في الكون يسير لمستقره والله مركزه،
                  طقوس تابعها وأكملها من بعده ابنه سلطان ولد

                  حوّل الرّومي الخرقة التي تبلى مع الزمان
                  وتقتصر على ثوب فحسب
                  إلى لوحة من لوحات الجمال
                  إن رأتها العين اندهشت،
                  ولأن الغريب
                  والمبتعد عن الرحاب يرى أفضل من المقترب
                  والذي اعتاد أن يرى مثل هذه الصور،
                  رأى الأعاجم في خرق الدراويش الدّوارين
                  ما جعلهم يجددون في ثياب البشر
                  تحت عنوان أحدث صيحات الموضة والأزياء.

                  ولصوت الناي رمزية خاصة لديه
                  فأنين الناي أنين للإنسان وتوق لأصله الذي
                  فصل عنه بنغمة تذيب كل مستمع
                  وتجعله بهيجا ومسرورا للموسيقي...
                  فالموسيقي كانت السيمفونية
                  التي جمعت ( الناي/ الإنسان)
                  بمفردات عالم متضاد يرقص بإيقاعات
                  دوارة متناغمة ودوران الأرض،
                  تعبيرا عن التوحد المحب لكل جزء منها،
                  هو مَن أدخل الموسيقا إلى الطريقة الصوفيَّة،
                  وجعل لها مكاناً مرموقاً
                  في محافل طريقته "المولويَّة"
                  مخالفاً بذلك ما جرى عليه الآخَرون.

                  تعليق


                  • #10
                    طريقة "الدراويش الدوَّارين"
                    الطريقة المولويَّة

                    أسَّس جلال الدين الرومي
                    في تركيا الطريقة المولوية،
                    ونظَّمها بعد وفاته ابنُه الأكبر سلطان وَلَد.
                    وهي طريقة صوفيَّة قوامها الدراويش الراقصون.
                    انتشرت منذ تأسيسها بشكل واسع في قونية - تركيّا.
                    تعتمد هذه الطريقة على الموسيقا.
                    حيث أدخلها جلال الدِين الروميّ، في مجالسها.
                    ومن سماتها وخصائصها التي عُرفَتْ بها
                    الرقص المعروف أو السماع،
                    الذي أعطى الأعضاء اسم "الدراويش الدوَّارين"
                    الذي عُرِفوا به في الغرب
                    كانت قونية المقر الأول للطريقة،
                    ومنها انبثقت التكايا
                    التي هي بمثابة فروع للمركز؛
                    وصار السلاطين والأمراء هم الذين يبنون التكايا
                    منذ القرن العاشر الهجري.
                    وفي عهد السلطان سليم الثالث،
                    شهدت الطريقة أوج مجدها وانتشارها.
                    ولم تكن المولوية تميِّز بين الأديان والمذاهب،
                    بل ترفض التعصب وتنبذه

                    وكان أعضاؤها ينطلقون في جماعات
                    إلى القرى لإسعاف الفقراء
                    وإقامة حفلات السماع التي تعزِّي القلوب الحزينة.

                    تعليق


                    • #11
                      لم تكن الطريقة في بداية حياة الرومي مركزية تمامًا:
                      فهنالك المقر في قونية،
                      وله فروع من التكايا في المناطق الأخرى.
                      وكانت بطانة الرومي تتألف من الفنانين والحرفيين
                      والصنَّاع المهرة الذين كانوا يقومون بالأعمال كلِّها.
                      وبدءًا من القرن العاشر الهجري (السادس عشر للميلاد)،
                      تغيرت الطريقة، فأصبح التنظيم مركزيًّا،
                      وتولَّت الأوقافُ تنظيمَه والإشرافَ عليه
                      وضبطَ الهبات والأعطيات المقدَّمة له،
                      مما أفقده طابعه الشعبي، فصار أرستقراطيًّا،
                      يبتعد شيئًا فشيئًا عن روح مؤسِّسه.
                      ويبدو أن خوف السلاطين العثمانيين
                      من مواقف بعض الفِرَق الصوفية
                      جعلهم يدعمون المولوية
                      في مواجهة الحركات والفِرَق الأخرى.

                      تنتسب الطريقة المولويَّة إلى
                      فرع الصوفيَّة الخراسانيَّة الفارسيَّة.
                      وليس إلى الفرع العربيّ البغداديّ.
                      وقد انتشرت في البلاد العثمانيَّة فقط.
                      لكنّها أسّست لها بعضاً من المراكز في
                      حلب، ودمشق، والقاهرة، والقدس.
                      وقد مارس فيها الأتراك فقط شعائر الصوفيَّة المولويَّة .
                      ومن هنا أصبحت المولوية في القرن الثامن عشر
                      جزءًا من مؤسَّسات الدولة العثمانية.

                      في سنة 1925، قمع مصطفى كمال (أتاتورك)
                      كلَّ الطرق الصوفية في تركيا،
                      فأصبحت تكية حلب مركزًا للتكايا الأخرى بعد قونية.
                      ثم استولت الأوقاف التركية على ممتلكاتها،
                      وتحولت أكثر التكايا إلى متاحف.
                      ومع ذلك، مازالت هنالك مراكز مولوية في
                      مصر وقبرص وليبيا وغيرها.

                      و الجدير بالذكر أنّها سمّيت مولويَّة
                      نسبة إلى لقب (مولانا) جلال الدِين الروميّ.

                      تعليق


                      • #12
                        مولاوية و تصوف؟؟؟؟

                        للتصوف مسيرة طويلة وتاريخ طويل؛

                        ذلك أن انطلاقة التصوف تعود إلى
                        القرون الإسلامية المبكرة.
                        لكنه اتخذ طابعًا مؤسَّسيًّا في وقت متأخر،
                        حيث لازم ذلك
                        ظهور الأربطة والخانقاهات والزوايا
                        التي انتشرت منذ القرن الثاني للهجرة،
                        وصارت فيما بعد مدارس الطرق الصوفية،
                        تتولَّى تقديم الطعام والمبيت،
                        وتقوم على نظام يكون بين أعضاء الجماعة من جهة،
                        وبين الشيخ والمريد من جهة ثانية.

                        ليس ثمة إجماع على تعريف التصوف.
                        فقد يعود معنى التصوف إلى "الصوف" أو "الصفاء"
                        أو إلى "أهل الصُّفَة" من أصحاب النبي.
                        تعريفات مختلفة تشرح التصوف وتعرِّف به،
                        من ذلك ما قاله ذو النون:
                        "الصوفي هو مَن إذا تكلَّم نبعَ كلامُه من حقيقة وجوده."
                        وقال أبو الحسن النوري:
                        "الصوفي هو مَن لا يملك شيئًا ولا يملكه شيء."
                        كما قال النيسابوري:
                        "التصوف أن لا يهتم الإنسان بظاهره وباطنه،
                        بل ينظر إلى كلِّ شيء على أنه لله."

                        من الجليِّ أن التصوف،
                        وإنْ كان مسلكًا ذاتيًّا لاكتمال مسيرة الروح وتطهيرها،
                        فإن حضوره كان واسعًا في
                        مجالات الفن والثقافة والحياة الاجتماعية.

                        وقد أشار الرومي كثيرًا إلى أهمية
                        التأثير الروحي للجمال الذي يُلقي بالناظر
                        في متاهات الحيرة والدهشة.
                        وقدرة الفن على إيجاد المقدس تتمثل في الإعادة؛
                        والإنسان المبدع يعيد الخلق بمساعدة الشعائر.
                        وكل صلاة تعني أن يكون الإنسان في
                        تناغم مع كون مقدس،
                        يصلِّي فيه الطائر عندما ينشر جناحيه
                        والشجرة عندما تلقي ظلاًّ.

                        ومن المؤكد أن عددًا كبيرًا من الصوفية
                        لم يكونوا مجرد نُسَّاك زهَّاد،
                        بل شعراء يتغنون بالمحبة الإلهية؛
                        ومنهم: عمر بن الفارض، العطار،
                        سعدي، حافظ، سنائي، الجامي، وغيرهم
                        ممَّن وضعوا العديد من
                        الدواوين الشعرية والكتب والرسائل.
                        كما ألهم التصوف المبدعين في فنون الموسيقى والغناء.
                        وكانت الطرق الصوفية جسرًا بين
                        عقلانية المراتب الصوفية العالية وبين التدين الشعبي.

                        وشعراء التصوف هم الذين نظموا
                        أناشيد الحب المخلص والتضرع
                        في اللهجات المختلفة للجماعات،
                        مما غدا سبيلاً لتثقيف هذه الجماعات.

                        كما أن الطرق الصوفية
                        أدَّت مهمةً كبيرةً في المجتمعات النقلية في العالم الإسلامي،
                        كان الناس خلالها يعيشون في ظلال الزوايا،
                        يستمعون إلى تلاوة القرآن
                        وإلى أناشيد المتصوفة ويشاهدون رقصاتهم.
                        وبذلك تؤدي الطرق الصوفية وظيفة تثقيفية واجتماعية،
                        حيث لا فوارق طبقية بين أبناء الطريقة وأتباعها.
                        أما أشهر الطرق الصوفية، إلى جانب المولوية، فهي:
                        السُّهْرَوَردية،
                        الشاذلية،
                        الكُبْروية،
                        النقشبندية ،
                        الرفاعية،
                        القادرية،
                        الخلوتية.

                        تعليق


                        • #13
                          الطريق الروحي "التصوُّف "

                          الطريق أن تنظر إلى الحق وتُزهِقَ الباطل.

                          ولا يكون التصوف حقيقيًّا ما لم يحقَّق بطريقتين:

                          التزام الشرع والبحث عن المعنى الباطني.
                          فالشريعة تختص بالشعائر والأعمال التعبدية،
                          وتوجد الشريعة من أجل عبادة الله،
                          و لكي نطيع أوامره،
                          بينما تتعلق الحقيقة بالرؤية الباطنية للعظمة الإلهية؛
                          و توجد الحقيقة من أجل التفكر فيه؛
                          وتجعلنا نفهم أوامره.

                          وقد أكد الرومي التلازم الوثيق بين الشريعة والحقيقة،
                          فقال:
                          الشرع مثل قنديل يضيء الطريق.
                          فإذا كنت لا تحمل القنديل لا تستطيع أن تمشي.
                          وعندما تتقدم في الطريق تكون رحلتك هي الطريقة،
                          وعندما تكون قد وصلت إلى الهدف تكون قد بلغت الحقيقة.

                          وفي عبارة أخرى،

                          تشبه الشريعة تعلُّم الكيمياء من أستاذ أو كتاب،

                          وتُشبه الطريقة استخدام منتجات الكيمياء
                          أو فَرْك النحاس بالحجر الكيميائي،

                          وتشبه الحقيقة تحول النحاس فعليًّا إلى ذهب.

                          والشريعة تمثل الطريق الواسع المُعَدَّ للناس جميعًا،

                          في حين أن الطريقة مسلك ضيق من نصيب العدد القليل
                          من أولئك الذين يريدون تحقيق مرتبتهم الكاملة.

                          ولما كانت طبائع الأفراد والشخصيات
                          وقدراتهم الروحية متباينة،فإن
                          المعرفة التي ينشدونها يتم بلوغها والتوصل إليها
                          فقط بفضل من الله
                          وبمساعدة التعاليم الروحية وتوجيهات شيخ الطريقة

                          تعليق


                          • #14
                            بداية الطريق:

                            كما يذكر جلال الدين الرومي،
                            تقتضي تغييرًا في الإدراك،
                            وتحولاً في المعرفة، ودأبًا في السؤال.
                            والبحث الذي يهدف إلى إغناء التجربة الروحية للصوفي
                            وعروج الروح إلى ربِّها في رحلة إسراء
                            يتطلب من السالك محاولة
                            تسلُّق سُلم مراتب الوجود الكوني،
                            حيث يخاطب الإنسانُ نفسَه فيقول:
                            في اللحظة التي دخلتَ هذا العالم
                            وُضِعَ أمامك سلمٌ ليمكِّنك من النجاة.
                            في الأول كنت جمادًا،
                            ثم صرت نباتًا،
                            ثم بعدئذٍ صرت حيوانًا: كيف يمكن لك أن تتجاهله؟
                            ثم جُعِلتَ إنسانًا موهوبًا معرفةً وعقلاً وإيمانًا.
                            انظر إلى هذا الجسد المصنوع من التراب،
                            أيَّ كمالٍ اكتسب، وعندما تتجاوز شرط البشرية،
                            لا شكَّ في أنك ستغدو ملاكًا.
                            بعدئذٍ ستنتهي من هذه الأرض،
                            وإقامتك ستكون في السماء.


                            يتبيَّن مما سبق أن
                            السير على طريق الصوفية
                            يتطلب لدى المولوية إعدادًا خاصًّا،

                            يخضع المبتدئ بموجبه لتدريب روحي
                            يستمر ثلاث سنوات. فإنِ استجاب لكلِّ ما
                            يطلب منه شيخُه قُبِلَ في الطريقة
                            وأصبح واحدًا من أعضائها.

                            ويقوم المبتدئ
                            في السنة الأولى بخدمة الناس،
                            وفي الثانية بخدمة الحق،
                            وفي الثالثة بمراقبة قلبه

                            ولا يستطيع المريد المبتدئ خدمة الناس إلا إذا
                            نظر إليهم على أنهم
                            أسياد وخير منه ورأى واجبًا عليه خدمتهم جميعًا؛

                            ولا يستطيع خدمة الحق إلا إذا
                            تخلَّى عن كلِّ غرض ذاتي، سواء كان
                            من أجل هذه الحياة الحاضرة أو الحياة الآجلة،

                            أي التأكيد على أنه إنما يعبد الله حبًّا بالله فقط؛
                            وليس في مقدوره أن يحرس قلبه إلا
                            عندما يستجمع أفكاره ويتخلَّى عن كلِّ شاغل،
                            بحيث يبقى في حديث ودي مع الله في قلبه،
                            مواجِهًا هجمات الغفلة.
                            فإن بلغ المبتدئ تلك المؤهلات
                            يستطيع ارتداء المرقَّعة
                            على أنه متصوف حقيقي، وليس مقلِّدًا.


                            يتبع

                            تعليق


                            • #15
                              تجربة الطريق:

                              وخلال رحلة المريد إلى التحقُّق الروحي
                              وبلوغ الفضائل التي لا بدَّ من تمثُّلها ونوالها،
                              يجب عليه أن يخضع لتهذيب الطريقة في
                              التواضع والمحبة والإخلاص

                              ينشأ التواضع عن إدراك الوحدانية:
                              فالله وحده كائن، وكل شيء سواه تابع له أو خاضع؛
                              وإذا كان التواضع يعني
                              موت شيء ما في النفس أو انقباضها،
                              فإن المحبة الروحية انبساط يأذن للإنسان أن
                              يحقق الوحدة مع الناس جميعًا؛
                              ويُعَد الإخلاص أو الصدق
                              قمة الفضيلتين الأخريين ويُبنى عليهما،
                              وهو يعني رؤية الأشياء على طبيعتها الحقيقية.

                              والفضائل الروحية
                              تماثل الأحوال، والأحوال مواهب،
                              وتتصف بالسرعة والزوال؛

                              أما المقامات فهي منازل دائمة. فهي اكتساب.

                              وعلى هذا النحو،
                              يرى السالك أحواله تتغير وتصير أسهل عليه.
                              ومن أجل كلِّ مقام يتحمَّله حبًّا بالله راجيًا فضله،
                              سيُجازى صلاحًا وإحسانًا وقبولاً.

                              ذكر الله:

                              يُعَد الذكرُ المنهج الرئيسي للتصوف.
                              وأسُّه دعاء لا يتوقف، عدا الصلوات المفروضة.
                              وقد ذكر الرومي إن المريد في الطريق
                              ينبغي له أن يدعو الله
                              في الخلوة حتى يصير كيانه كلُّه صلاة.

                              فالذكر هو المحور الأساسي للتصوف،
                              والدعاء في جوهره ذكر الله.
                              قال تعالى: "فاذكروني أذكركم" [البقرة 152]،
                              وقال سبحانه: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد 28].

                              وبحسب درجة المريد يكون الذكر.
                              وقد يكون فرديًّا، كما يكون جماعيًّا،
                              حيث يجلس الدراويش حول شيخهم،
                              ويبدؤون الذكر بتلاوة القرآن؛
                              ثم تُلقى بعضُ القصائد الصوفية،
                              ويُعزَف بالناي،
                              ويتم الترنُّم ببعض أسماء الله الحسنى؛
                              ثم يأخذ الحالُ بعضَ المتصوفة، فيبدأ الرقص أو السماع.
                              وتؤدي الموسيقى دورًا هامًّا في التأثير وبلوغ تلك الحال.

                              تعليق

                              مواضيع تهمك

                              تقليص

                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-08-2025 الساعة 11:33 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-04-2025 الساعة 05:29 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-31-2025 الساعة 10:07 PM
                              المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-30-2025 الساعة 11:48 PM
                              المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 05-30-2025 الساعة 09:36 AM
                              يعمل...
                              X