مقال عن محاضرة عن خزف بيكاسو
في محاضرة عن «خزفيات بيكاسو» بمركز كاظمة للفنون
علي العوض: بيكاسو أنفرد بقدرات خاصة وربط بين القديم والمعاصر
ضمن النشاط الثقافي لمركز كاظمة للفنون بنادي كاظمة الرياضي نظم الفنان علي العوض محاضرة فنية تحت عنوان خزفيات بيكاسو بحضور جمهور من الفنانين والمهتمين بالفنون وخصوصا فن الخزف تحدث خلالها عن جانب من حياة بيكاسو فقال أن حياة بيكاسو الفنية بدأت تتصل بفن الخزف لأول مرة على أثر زيارته صدفة لبلدة «فالورى» عام 1946 ومشاهدة معرضها الخزفي السنوي.وتلك البلدة تقع على ربوة عالية بالقرب من «كان» وتبعد حوالى كيلو متر من البحر المتوسط، واسم البلدة يعنى وادي الذهب فهي محاطة بغابات الصنوبر وحدائق الزيتون، حيث ينمو البنفسج والياسمين، والزهور، بالإضافة إلي شهرتها في صناعة الروائح العطرية.
وقد تعرف بيكاسيو على ورشة لأحدي العائلات فقام أول مرة بتشكيل ثلاث قطع خزفية قبل مغادرته الورشة أبدعها على سبيل التسلية. كانت هذه هي البداية وبعدها أجرى بيكاسو دراسات حافلة بالتفاصيل للتصميم أناء خزفي على هيئة (ثور) ومن الواضح انه كان يفكر تفكيرا جاداً لمتطلبات (البنية الخزفية) وهي متطلبات معقدة وقد ساعده فيها فيما بعد (آل رامية – وكيميائي الخزف جول آغار) ولم يشكل بيكاسو خزفا على الدولاب بنفسه أبدا بل ترك صناعة خزفياته لحرفي (مادورا) إلا انه وضع تصاميم خاصة بعدد كبير من الأواني التي تم صنعها بمساعدة (آل رامية) وفريقهم بالإضافة إلى التزين الإشكال النموذجية سواء تقليدية الشكل أم تنويعات
وعن أسباب التحول إلى فن الخزف قال العوض: في العام 1947 باشر بيكاسو محاولة فنية جديدة لإنتاج الخزف في الوقت الذي اتجهت فيه ممارسة الفنون التصويرية على هذا الجانب من الأطلسي نحو التجريد باطراد وعلى نطاق يتزايد اتساعه أخذ مشروع خزفيات بيكاسو في الاتجاه المضاد نحو ماهو مادي ونحو نطاق صغير مسارا وهدفا لحرفة الخزف القديمة وهناك أسباب كثيرة تفسر لماذا ظهر هذا الاتجاه الذي اتخذه بيكاسو نحو فن الخزف و خصوصا الخزف المنزلي هو أن الخزفيات بيكاسو تم إبداعها على خلفية من ستارة المسرح العائلي فقد كانت هناك ثلاثة أجيال إن صح التعبير من أطفال بيكاسو متباعدة الأعمار بحوالي 30 عاما متواجدة كلها على شاطئ الازور بالأخص الطفلان(كلودا) و(وبالوما) وهما طفلا زوجته فرانسوا المولودين في العامين 1947 1949 على التوالي ولا شك أن منتج بيكاسو الواسع من الأطباق والصحاف والسلطانيات والمزهريات والأباريق والجرار تؤلف نوعا من الخزف الذي ينتسب إلى غرفة تخزين أواني المائدة والمؤن art of the pantry وتطرق العوضي إلى إنتاج بيكاسو فقال في بادئ الأمر قام بيكاسو بزخرفة الأطباق الصغيرة والكبيرة الحجم البيضاوية والمستديرة بأشكال لها علاقة بإنتاجه التصويرى ولكنه بطريقة تتفق و أسلوب معالجة الطين حيث ظهرت ثقته بنفسه في التنفيذ وسرعته التي تتناسب تماما مع الخامة المستخدمة، فكانت فرشاته السريعة والمختزلة تخرج أشكالا مكونة من خطوة قليلة تعبر عما يجول بخاطره، من عناصر طبيعية أو حيوانية فقد صور أنواعا من الطبيعة الصامتة على الأطباق، تمثل شرائح السمك والبيض وأدوات الزجاج مستغلاً في ذلك مساحة الشكل الفخاري كله حتى حافته، مستعينا بظلال وأضواء وخطوط قوية تحدد العناصر فتبدو وكأنها مجسمة على السطح الفخاري، هذا الأسلوب اتبعه بيكاسو في زخرفة أشكاله الفخارية مما أصبح من العلامات المميزة لفن الخزف، كما أظهر بيكاسو تفوقه في أسلوب معالجة الشكل البيضاوي المسطح والمجسم منه رغم معرفته لطبيعة الطين المستخدم. وقد عاونه في ذلك ما كان عليه من سعة خيال وذكاء وقدرات ابتكارية عالية، فإلى جانب الأشكال المسطحة كان يذهب إلى الورشة ويبدأ في إعادة تشكيل الإنتاج الفخاري المجهز للتجفيف والحريق، فيعيد تشكيلة وزخرفته، مثال ذلك ما كانت توحي به الأواني الفخارية من أشكال جديدة فيخلق منها بلمساته الحساسة أشكالا تمثل نساء مجسمات في أوضاع مختلفة أو يحول تلك الإشكال إلى زهريات وأوان، وفي أشكال أخرى نجده يحورها إلى طائر بمنقار مفتوح أو حمامة أو إلى عنقاء أو ماعز.
ورغم الفترة القصيرة التي كان يقضيها بيكاسو في ورشة الخزف بفالورى فقد كان يزور الورشة بعد الظهر حيث قام بأكبر وأعظم انتاج للخزف خلال عام واحد من إقامته، فأنتج أكثر من ألفي قطعة خزفية منذ أكتوبر عام 1947 حتى أكتوبر عام 1948 عرض منها حوالي 150 قطعة في معرض باريس لأول مرة في نوفمبر 1948 ووجد فيها العالم وجها جديداً لبيكاسو في خامته وبأسلوب جديد.
ثم تحدث العوض عن تجديد بيكاسو في الخزف فأكد أن بيكاسو سيطر على تفكيره خامة الطين والمنتجات الخزفية تلك التي وجد فيها ما يجمع بين فنون الرسم و النحت والتصوير، بالإضافة إلي ما فيها من نفع واستعمال وقدرة على الانتشار فالأشكال الخزفية الممثلة في السلاطين والقدور والأواني الكبيرة والأطباق لم يعد ينتجها كتحف نادرة بل أصبحت أشياء مستخدمة في الحياة اليومية أو للزينة أو كأدوات منزلية. ويفضل بيكاسو اختلاف النظرة إلى الخزف من اعتباره مجرد حرفة خزف إلي اعتباره يجمع بين النحت الملون والتصوير والاستعمال.
وتحدث العوضي عن بيكاسو والحضارات القديمة فقال لم يختلف خزف بيكاسو عن تصويره ونحته الذي أعتمد على دراساته للفنون والحضارات القديمة وتنقيبه الدائم فيها، وقد نرى ذلك واضحا فأوانيه التي تشتهر بالفوهتان المندمجتان في فوهة واحدة قصيرة بصفة خاصة تلك الأواني التي أخذها عن خزف أميركا الجنوبية (بيرو ـ المكسيك ـ البابلو) كذلك تأثره بالصورة والرسوم الإغريقية وما عليها من زخارف توحي بأساطير الإغريق القدامى وما عليها من رسوم حيوانات خرافية، كما استخدم الأحمر الطوبي والأسود التي استعملهما الإغريق من قبل كما اهتم بيكاسو بإظهار ملامح بشرية في أوضاع أمامية وجانبية مطوقا الأجسام من جميع نواحيها في وقت واحد في مساحة واحدة بغية تسجيل النظرة السريعة الخاطفة للأجسام المتحركة فترى صور الفتيات بأنوفهن وآذانهن وبعيونهن تملأ فراغ الوجه الجانبي، اذ وجد في العين أميز خصائص البشر، مثله كمثل اليابانيين في اعتقادهم في العين، فصوروها على جانبي مقدم السفن والمراكب مبصرة هادية حارسة، وكمثل الفراعنة عندما صورها بجلاء، واسعة لتنقذ منهما الروح عندما تعود إلى جسم صاحبها، كذلك رأى بيكاسو أن الإنسان لا يستطيع أن يبدع ويبتكر بغير العين.
وختم العوضي حديثه قائلا بيكاسو أنفرد بقدرته على تقنين نوع الحياة التي يشتهيها لنفسه، كما استطاع أن يبعث في خزفه ولوحاته رسوما وصورا من وحي صنوف تلك الحياة. وتجده يتبدل ويتغير من حياة ليبدأ أخرى. مما قد يدل على أن فن بيكاسو استطاع أن يربط بين القديم والمعاصر له ومزج بينهما بشكل حدد له معالم مدرسة جديدة في الخزف تفرعت عنها مدارس متعددة.
منقول لعموم الفائدة
في محاضرة عن «خزفيات بيكاسو» بمركز كاظمة للفنون
علي العوض: بيكاسو أنفرد بقدرات خاصة وربط بين القديم والمعاصر
ضمن النشاط الثقافي لمركز كاظمة للفنون بنادي كاظمة الرياضي نظم الفنان علي العوض محاضرة فنية تحت عنوان خزفيات بيكاسو بحضور جمهور من الفنانين والمهتمين بالفنون وخصوصا فن الخزف تحدث خلالها عن جانب من حياة بيكاسو فقال أن حياة بيكاسو الفنية بدأت تتصل بفن الخزف لأول مرة على أثر زيارته صدفة لبلدة «فالورى» عام 1946 ومشاهدة معرضها الخزفي السنوي.وتلك البلدة تقع على ربوة عالية بالقرب من «كان» وتبعد حوالى كيلو متر من البحر المتوسط، واسم البلدة يعنى وادي الذهب فهي محاطة بغابات الصنوبر وحدائق الزيتون، حيث ينمو البنفسج والياسمين، والزهور، بالإضافة إلي شهرتها في صناعة الروائح العطرية.
وقد تعرف بيكاسيو على ورشة لأحدي العائلات فقام أول مرة بتشكيل ثلاث قطع خزفية قبل مغادرته الورشة أبدعها على سبيل التسلية. كانت هذه هي البداية وبعدها أجرى بيكاسو دراسات حافلة بالتفاصيل للتصميم أناء خزفي على هيئة (ثور) ومن الواضح انه كان يفكر تفكيرا جاداً لمتطلبات (البنية الخزفية) وهي متطلبات معقدة وقد ساعده فيها فيما بعد (آل رامية – وكيميائي الخزف جول آغار) ولم يشكل بيكاسو خزفا على الدولاب بنفسه أبدا بل ترك صناعة خزفياته لحرفي (مادورا) إلا انه وضع تصاميم خاصة بعدد كبير من الأواني التي تم صنعها بمساعدة (آل رامية) وفريقهم بالإضافة إلى التزين الإشكال النموذجية سواء تقليدية الشكل أم تنويعات
وعن أسباب التحول إلى فن الخزف قال العوض: في العام 1947 باشر بيكاسو محاولة فنية جديدة لإنتاج الخزف في الوقت الذي اتجهت فيه ممارسة الفنون التصويرية على هذا الجانب من الأطلسي نحو التجريد باطراد وعلى نطاق يتزايد اتساعه أخذ مشروع خزفيات بيكاسو في الاتجاه المضاد نحو ماهو مادي ونحو نطاق صغير مسارا وهدفا لحرفة الخزف القديمة وهناك أسباب كثيرة تفسر لماذا ظهر هذا الاتجاه الذي اتخذه بيكاسو نحو فن الخزف و خصوصا الخزف المنزلي هو أن الخزفيات بيكاسو تم إبداعها على خلفية من ستارة المسرح العائلي فقد كانت هناك ثلاثة أجيال إن صح التعبير من أطفال بيكاسو متباعدة الأعمار بحوالي 30 عاما متواجدة كلها على شاطئ الازور بالأخص الطفلان(كلودا) و(وبالوما) وهما طفلا زوجته فرانسوا المولودين في العامين 1947 1949 على التوالي ولا شك أن منتج بيكاسو الواسع من الأطباق والصحاف والسلطانيات والمزهريات والأباريق والجرار تؤلف نوعا من الخزف الذي ينتسب إلى غرفة تخزين أواني المائدة والمؤن art of the pantry وتطرق العوضي إلى إنتاج بيكاسو فقال في بادئ الأمر قام بيكاسو بزخرفة الأطباق الصغيرة والكبيرة الحجم البيضاوية والمستديرة بأشكال لها علاقة بإنتاجه التصويرى ولكنه بطريقة تتفق و أسلوب معالجة الطين حيث ظهرت ثقته بنفسه في التنفيذ وسرعته التي تتناسب تماما مع الخامة المستخدمة، فكانت فرشاته السريعة والمختزلة تخرج أشكالا مكونة من خطوة قليلة تعبر عما يجول بخاطره، من عناصر طبيعية أو حيوانية فقد صور أنواعا من الطبيعة الصامتة على الأطباق، تمثل شرائح السمك والبيض وأدوات الزجاج مستغلاً في ذلك مساحة الشكل الفخاري كله حتى حافته، مستعينا بظلال وأضواء وخطوط قوية تحدد العناصر فتبدو وكأنها مجسمة على السطح الفخاري، هذا الأسلوب اتبعه بيكاسو في زخرفة أشكاله الفخارية مما أصبح من العلامات المميزة لفن الخزف، كما أظهر بيكاسو تفوقه في أسلوب معالجة الشكل البيضاوي المسطح والمجسم منه رغم معرفته لطبيعة الطين المستخدم. وقد عاونه في ذلك ما كان عليه من سعة خيال وذكاء وقدرات ابتكارية عالية، فإلى جانب الأشكال المسطحة كان يذهب إلى الورشة ويبدأ في إعادة تشكيل الإنتاج الفخاري المجهز للتجفيف والحريق، فيعيد تشكيلة وزخرفته، مثال ذلك ما كانت توحي به الأواني الفخارية من أشكال جديدة فيخلق منها بلمساته الحساسة أشكالا تمثل نساء مجسمات في أوضاع مختلفة أو يحول تلك الإشكال إلى زهريات وأوان، وفي أشكال أخرى نجده يحورها إلى طائر بمنقار مفتوح أو حمامة أو إلى عنقاء أو ماعز.
ورغم الفترة القصيرة التي كان يقضيها بيكاسو في ورشة الخزف بفالورى فقد كان يزور الورشة بعد الظهر حيث قام بأكبر وأعظم انتاج للخزف خلال عام واحد من إقامته، فأنتج أكثر من ألفي قطعة خزفية منذ أكتوبر عام 1947 حتى أكتوبر عام 1948 عرض منها حوالي 150 قطعة في معرض باريس لأول مرة في نوفمبر 1948 ووجد فيها العالم وجها جديداً لبيكاسو في خامته وبأسلوب جديد.
ثم تحدث العوض عن تجديد بيكاسو في الخزف فأكد أن بيكاسو سيطر على تفكيره خامة الطين والمنتجات الخزفية تلك التي وجد فيها ما يجمع بين فنون الرسم و النحت والتصوير، بالإضافة إلي ما فيها من نفع واستعمال وقدرة على الانتشار فالأشكال الخزفية الممثلة في السلاطين والقدور والأواني الكبيرة والأطباق لم يعد ينتجها كتحف نادرة بل أصبحت أشياء مستخدمة في الحياة اليومية أو للزينة أو كأدوات منزلية. ويفضل بيكاسو اختلاف النظرة إلى الخزف من اعتباره مجرد حرفة خزف إلي اعتباره يجمع بين النحت الملون والتصوير والاستعمال.
وتحدث العوضي عن بيكاسو والحضارات القديمة فقال لم يختلف خزف بيكاسو عن تصويره ونحته الذي أعتمد على دراساته للفنون والحضارات القديمة وتنقيبه الدائم فيها، وقد نرى ذلك واضحا فأوانيه التي تشتهر بالفوهتان المندمجتان في فوهة واحدة قصيرة بصفة خاصة تلك الأواني التي أخذها عن خزف أميركا الجنوبية (بيرو ـ المكسيك ـ البابلو) كذلك تأثره بالصورة والرسوم الإغريقية وما عليها من زخارف توحي بأساطير الإغريق القدامى وما عليها من رسوم حيوانات خرافية، كما استخدم الأحمر الطوبي والأسود التي استعملهما الإغريق من قبل كما اهتم بيكاسو بإظهار ملامح بشرية في أوضاع أمامية وجانبية مطوقا الأجسام من جميع نواحيها في وقت واحد في مساحة واحدة بغية تسجيل النظرة السريعة الخاطفة للأجسام المتحركة فترى صور الفتيات بأنوفهن وآذانهن وبعيونهن تملأ فراغ الوجه الجانبي، اذ وجد في العين أميز خصائص البشر، مثله كمثل اليابانيين في اعتقادهم في العين، فصوروها على جانبي مقدم السفن والمراكب مبصرة هادية حارسة، وكمثل الفراعنة عندما صورها بجلاء، واسعة لتنقذ منهما الروح عندما تعود إلى جسم صاحبها، كذلك رأى بيكاسو أن الإنسان لا يستطيع أن يبدع ويبتكر بغير العين.
وختم العوضي حديثه قائلا بيكاسو أنفرد بقدرته على تقنين نوع الحياة التي يشتهيها لنفسه، كما استطاع أن يبعث في خزفه ولوحاته رسوما وصورا من وحي صنوف تلك الحياة. وتجده يتبدل ويتغير من حياة ليبدأ أخرى. مما قد يدل على أن فن بيكاسو استطاع أن يربط بين القديم والمعاصر له ومزج بينهما بشكل حدد له معالم مدرسة جديدة في الخزف تفرعت عنها مدارس متعددة.
منقول لعموم الفائدة
تعليق