للباحثين في دهاليز عوالم الفخار والخزف
لمن يهوى الاستمتاع بما يكتب عن هدا الفن
نبحث لعيونكم عن أحسن ما كتب
حتى يكون منتدانا جامعة للعلم والعمل
حتى تكون الاستفادة أعم وأشمل
فتحية لكل من كتب ويكتب عن الخزف
ومعدرة للجميع لأننا لم نستأدنهم في نقل مقالاتهم
وأتمنى أن يشفع لنا حبنا لهم ولهدا الفن
الدي نتقاسم جنون عشقه
للكاتب : زيدان حمود
1
رائحة الطين وأسرار الخزف في النار
الخزف والصلصال ورائحة الطين وسر اكتواء الفخار بنثار التاريخ الموروث عبر أزمنة تتناسل في ارض أنجبت المستحيل عبر تدفق سيول القمح مع سيول الطين المتحجر تاريخا منقوشا على وجه الأبدية إلى ما نهاية من السنين .
كيف يبقى الإنسان ؟
سؤال خالد كسنوات عمره المنسية فوق رفوف الزوال ، وجواب لم يلق عنده كلكامش حلا امثلا في عشبة الخلود ، فراح يبحث عنه في سر الطين ، حيث الطين هو البقاء الدائم لسر الوجود ، أوله تراب وآخره نطفة متوارثة في قواميس الأجداد والأبناء لا فرق .
من الطين كان الإنسان ..
( هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم انتم تمترون ) قرآن كريم
الطين والتراب الذي هو أصل الطين قبل مزجه بالماء ، وبعده الصلصال ، ثم الحمأ المسنون كلها تشكيلات أولية من تشكيلات الطين نحو الخلود .
الجسد من الطين ( هكذا قال الله ) إذن الجسد فان والطين باق … لماذا يبقى الطين ويفنى الجسد ؟
الجسد الذي هو نطفة الطين الخالدة لبقاء الإنسان يزول ليورثه التراب الممزوج بالتراب .. كيف ؟
سؤال مشروع أمام بناء الجسد الفاني وبقاء الطين خالدا في أشكال ورموز وتصورات أعطتها الشمس جزءا من نورها ، ومنحتها النار القسم الأكبر من خلودها الأكيد ، فكان الخزف بعد الصلصال ، وهو الفخار قبل اكتشاف النار ، وسر افتتان الإنسان بالطبيعة التي امتثلت أمامه سحرا من الموجودات الراكزة في ذهنه كشكل من أشكال المحاكاة في الرسم والنحت والفخار ، وفي هذا الكون الحافل بالتاريخ المنقوش رموزا ولقي فخارية ترمز إلى تحول الإنسان عبر مراحله الحياتية ، وتعامله مع الطين لتكوين حضارته البدائية الأولى في تعامله مع الفخار بعد الحجر ، ومن هنا يكمن سر النشوة في البدايات التي ستكون محور حديثنا مع فنان السيراميك المبدع ( حسين ناصر حسن ) الذي بدأ مشواره الفني مع الطين منذ الطفولة وهو يتلاقح بصمت مع آثار الحضارة السومرية ، وزقورة أور الشاخصة في قلب مدينته الجنوبية المتعبة ( الناصرية ) حيث الانغماس العفوي بأسرار اكتشاف لعبة التشكيل منذ الصف الثالث الابتدائي ، عندما تميز بين أقرانه بالتعامل مع الطين بموهبة أذهلت الجميع في خلقه لأشكال جميلة من حيوانات وخضروات وأصابع حلوى ، وغيرها من المنحوتات الطينية البسيطة التي خلقت في ذاكرته المستوعبة لتحولات الزمن في حياته ، لونا من ألوان الحنين إلى تلك الفترة ، وتشجيع معلم الفنية له بالاستمرار والمواصلة لدراسة فن السيراميك .. ربما كان للمفردة في بداية سماعها سحر الغرابة في اللفظ ، أو عدم الفهم ، ولكنه عندما دخل إلى أكاديمية الفنون الجميلة في عام 1974 كان يعرف تماما ماذا يعني له السيراميك ، بالنسبة إلى حياته القادمة التي سيكون للطين فيها حيزا حيويا ، حيث الاستغراق في العمل كثيرا ، في محاولة لاختزال الزمن وتدوين اسمه في قائمة الفنانين المبدعين في هذا الفن النادر ، فن التاريخ والتوثيق ومعرفة الحضارات من بداياتها ، فالطين مسودة أولى لأبجدية متقدمة في الحداثة والعمران .
عرف حسين ناصر بين مجموعة من الفنانين الأكثر إبداعا ، وشارك في العديد من المعارض العراقية والعربية والعالمية ، وتجول مع أعماله في كثير من بلدان العالم ، حاملا حلم طفولته الأولى في خلق عوالم متجددة لربيع الطين المتناسل مع أيامه حبا وإبداعا .
الفنان حسين ناصر حسن يحدثنا عن رحلته مع الطين وفن السيراميك قائلا :
( كثيرا ما تشدني الطينة لقراءة تكوينها فأحاكيها عن قرب ، وأتلذذ بمداعبة عجينتها وهي تتلوى بين أصابعي كجسد أنثوي اعريه بقدسية اللقاء ، فأمتزج معه مكونين شريكين نمنح بعضنا لبعض في لحظات لقاء طويل ، واهبين للحياة أشكالا تدور في فضاءات الرؤيا لتجذب العيون وعلى مختلف الأذواق .
إن الأشكال التي اصنعها وعلى الرغم من نمطيتها ، إلا أنها تجعل المتلقي يقف متأملا قيم الإبداع التي تحتويها والتي تزخر بروحية الطين المتفاعلة مع بصمات الفنان .
إن مراحل صيرورة العمل كثيرة وطويلة ، تبدأ باختيار الطينة أولا مرورا بتنقيتها من الأملاح والشوائب عبر غسلها ونخلها لتكوين سائل طيني يجهز كطين صالح للعمل ، وهنالك طرق عديدة لتهيئة الطين قبل الشروع بتشكيل الموضوعات ، منها طريقة الحبال الطينية ، وطريقة الصفائح وتعتبر طريقة العجلة الكهربائية من انجح الطرق في تكوين وتجسيم الأشكال ، وهنالك طريقة أخرى لعمل الجداريات وهي طريقة البلاط ( الكاشي ) ،إضافة إلى طريقة النحت الفخاري التي يمكن من خلالها تنفيذ الأعمال النحتية المجوفة ، فهي تأخذ صفات الأواني عبر تجويفها لتكون مختلفة عن الأعمال النحتية المعروفة .
المرحلة الأخرى بعد تكوين الأشكال الطينية المطلوبة هي مرحلة التجفيف ، وهذه المرحلة خاضعة للظروف والأجواء المناخية التي تسهم في عملية التجفيف التي تقسم إلى قسمين تجفيف أولي وتجفيف متأخر حيث الأول في فصل الصيف والآخر في فصل الشتاء كما هو معروف لشدة الشمس أو ضعفها في كلا الفصلين .
المرحلة الثالثة بعد التجفيف هي مرحلة الفخر، أو الشي بالنار بواسطة الأفران الخاصة بعمل السيراميك ، وهذه متنوعة ، منها الفرن البدائي ( الكورة ) ، والفن الغازي او الفرن الكهربائي الذي يستخدم بكثرة ، وذلك بسبب جودته وحداثته .
بعد عملية الفخار تأتي عملية التزجيج ، وهي عملية طلاء الفخار بمواد زجاجية وأكاسيد كيماوية ترش مع الماء على سطح المادة الفخارية لتحويلها إلى السيراميك ، حيث تتم العملية في درجة حرارة عالية قد تصل إلى (1200)5 م ، بعدها يتحول السطح الفخاري إلى سطح زجاجي متصلب بعد إطفاء الفرن وبرودته تدريجيا .
وللحرارة دور كبير في الحصول على ألوان قد تكون غير متوقعة بفعل تغير العوامل الفيزياوية والكيماوية الحاصلة أثناء عملية الاحتراق والاختزال الذي يجري داخل الفرن ، وقد تكون هذه التغيرات بصالح العمل ولكنها في الغالب تعتبر عيوبا يتعرض لها العمل الفني بسبب عدم الدقة في تقدير المواد المطلوبة . )
إن فن السيراميك من الفنون الحديثة التي تتطلب مهارة فائقة لإنجاز أعمال حديثة تحاكي في دقتها الموروثات التاريخية التي جسدت فعل الحضارات الإنسانية الخالدة على مر الزمن ، وهذا ما امتاز به الفنان المبدع حسين ناصر حسن الذي نتمنى له مزيدا من العطاء المتواصل عبر رحلتنا القصيرة معه في عوالم الطين المغروسة في تفاصيل الإنسان منذ الخليقة وحتى أخر اغماضة عين في توسدها للتراب .
منقول لعموم الفائدة
لمن يهوى الاستمتاع بما يكتب عن هدا الفن
نبحث لعيونكم عن أحسن ما كتب
حتى يكون منتدانا جامعة للعلم والعمل
حتى تكون الاستفادة أعم وأشمل
فتحية لكل من كتب ويكتب عن الخزف
ومعدرة للجميع لأننا لم نستأدنهم في نقل مقالاتهم
وأتمنى أن يشفع لنا حبنا لهم ولهدا الفن
الدي نتقاسم جنون عشقه
للكاتب : زيدان حمود
1
رائحة الطين وأسرار الخزف في النار
الخزف والصلصال ورائحة الطين وسر اكتواء الفخار بنثار التاريخ الموروث عبر أزمنة تتناسل في ارض أنجبت المستحيل عبر تدفق سيول القمح مع سيول الطين المتحجر تاريخا منقوشا على وجه الأبدية إلى ما نهاية من السنين .
كيف يبقى الإنسان ؟
سؤال خالد كسنوات عمره المنسية فوق رفوف الزوال ، وجواب لم يلق عنده كلكامش حلا امثلا في عشبة الخلود ، فراح يبحث عنه في سر الطين ، حيث الطين هو البقاء الدائم لسر الوجود ، أوله تراب وآخره نطفة متوارثة في قواميس الأجداد والأبناء لا فرق .
من الطين كان الإنسان ..
( هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم انتم تمترون ) قرآن كريم
الطين والتراب الذي هو أصل الطين قبل مزجه بالماء ، وبعده الصلصال ، ثم الحمأ المسنون كلها تشكيلات أولية من تشكيلات الطين نحو الخلود .
الجسد من الطين ( هكذا قال الله ) إذن الجسد فان والطين باق … لماذا يبقى الطين ويفنى الجسد ؟
الجسد الذي هو نطفة الطين الخالدة لبقاء الإنسان يزول ليورثه التراب الممزوج بالتراب .. كيف ؟
سؤال مشروع أمام بناء الجسد الفاني وبقاء الطين خالدا في أشكال ورموز وتصورات أعطتها الشمس جزءا من نورها ، ومنحتها النار القسم الأكبر من خلودها الأكيد ، فكان الخزف بعد الصلصال ، وهو الفخار قبل اكتشاف النار ، وسر افتتان الإنسان بالطبيعة التي امتثلت أمامه سحرا من الموجودات الراكزة في ذهنه كشكل من أشكال المحاكاة في الرسم والنحت والفخار ، وفي هذا الكون الحافل بالتاريخ المنقوش رموزا ولقي فخارية ترمز إلى تحول الإنسان عبر مراحله الحياتية ، وتعامله مع الطين لتكوين حضارته البدائية الأولى في تعامله مع الفخار بعد الحجر ، ومن هنا يكمن سر النشوة في البدايات التي ستكون محور حديثنا مع فنان السيراميك المبدع ( حسين ناصر حسن ) الذي بدأ مشواره الفني مع الطين منذ الطفولة وهو يتلاقح بصمت مع آثار الحضارة السومرية ، وزقورة أور الشاخصة في قلب مدينته الجنوبية المتعبة ( الناصرية ) حيث الانغماس العفوي بأسرار اكتشاف لعبة التشكيل منذ الصف الثالث الابتدائي ، عندما تميز بين أقرانه بالتعامل مع الطين بموهبة أذهلت الجميع في خلقه لأشكال جميلة من حيوانات وخضروات وأصابع حلوى ، وغيرها من المنحوتات الطينية البسيطة التي خلقت في ذاكرته المستوعبة لتحولات الزمن في حياته ، لونا من ألوان الحنين إلى تلك الفترة ، وتشجيع معلم الفنية له بالاستمرار والمواصلة لدراسة فن السيراميك .. ربما كان للمفردة في بداية سماعها سحر الغرابة في اللفظ ، أو عدم الفهم ، ولكنه عندما دخل إلى أكاديمية الفنون الجميلة في عام 1974 كان يعرف تماما ماذا يعني له السيراميك ، بالنسبة إلى حياته القادمة التي سيكون للطين فيها حيزا حيويا ، حيث الاستغراق في العمل كثيرا ، في محاولة لاختزال الزمن وتدوين اسمه في قائمة الفنانين المبدعين في هذا الفن النادر ، فن التاريخ والتوثيق ومعرفة الحضارات من بداياتها ، فالطين مسودة أولى لأبجدية متقدمة في الحداثة والعمران .
عرف حسين ناصر بين مجموعة من الفنانين الأكثر إبداعا ، وشارك في العديد من المعارض العراقية والعربية والعالمية ، وتجول مع أعماله في كثير من بلدان العالم ، حاملا حلم طفولته الأولى في خلق عوالم متجددة لربيع الطين المتناسل مع أيامه حبا وإبداعا .
الفنان حسين ناصر حسن يحدثنا عن رحلته مع الطين وفن السيراميك قائلا :
( كثيرا ما تشدني الطينة لقراءة تكوينها فأحاكيها عن قرب ، وأتلذذ بمداعبة عجينتها وهي تتلوى بين أصابعي كجسد أنثوي اعريه بقدسية اللقاء ، فأمتزج معه مكونين شريكين نمنح بعضنا لبعض في لحظات لقاء طويل ، واهبين للحياة أشكالا تدور في فضاءات الرؤيا لتجذب العيون وعلى مختلف الأذواق .
إن الأشكال التي اصنعها وعلى الرغم من نمطيتها ، إلا أنها تجعل المتلقي يقف متأملا قيم الإبداع التي تحتويها والتي تزخر بروحية الطين المتفاعلة مع بصمات الفنان .
إن مراحل صيرورة العمل كثيرة وطويلة ، تبدأ باختيار الطينة أولا مرورا بتنقيتها من الأملاح والشوائب عبر غسلها ونخلها لتكوين سائل طيني يجهز كطين صالح للعمل ، وهنالك طرق عديدة لتهيئة الطين قبل الشروع بتشكيل الموضوعات ، منها طريقة الحبال الطينية ، وطريقة الصفائح وتعتبر طريقة العجلة الكهربائية من انجح الطرق في تكوين وتجسيم الأشكال ، وهنالك طريقة أخرى لعمل الجداريات وهي طريقة البلاط ( الكاشي ) ،إضافة إلى طريقة النحت الفخاري التي يمكن من خلالها تنفيذ الأعمال النحتية المجوفة ، فهي تأخذ صفات الأواني عبر تجويفها لتكون مختلفة عن الأعمال النحتية المعروفة .
المرحلة الأخرى بعد تكوين الأشكال الطينية المطلوبة هي مرحلة التجفيف ، وهذه المرحلة خاضعة للظروف والأجواء المناخية التي تسهم في عملية التجفيف التي تقسم إلى قسمين تجفيف أولي وتجفيف متأخر حيث الأول في فصل الصيف والآخر في فصل الشتاء كما هو معروف لشدة الشمس أو ضعفها في كلا الفصلين .
المرحلة الثالثة بعد التجفيف هي مرحلة الفخر، أو الشي بالنار بواسطة الأفران الخاصة بعمل السيراميك ، وهذه متنوعة ، منها الفرن البدائي ( الكورة ) ، والفن الغازي او الفرن الكهربائي الذي يستخدم بكثرة ، وذلك بسبب جودته وحداثته .
بعد عملية الفخار تأتي عملية التزجيج ، وهي عملية طلاء الفخار بمواد زجاجية وأكاسيد كيماوية ترش مع الماء على سطح المادة الفخارية لتحويلها إلى السيراميك ، حيث تتم العملية في درجة حرارة عالية قد تصل إلى (1200)5 م ، بعدها يتحول السطح الفخاري إلى سطح زجاجي متصلب بعد إطفاء الفرن وبرودته تدريجيا .
وللحرارة دور كبير في الحصول على ألوان قد تكون غير متوقعة بفعل تغير العوامل الفيزياوية والكيماوية الحاصلة أثناء عملية الاحتراق والاختزال الذي يجري داخل الفرن ، وقد تكون هذه التغيرات بصالح العمل ولكنها في الغالب تعتبر عيوبا يتعرض لها العمل الفني بسبب عدم الدقة في تقدير المواد المطلوبة . )
إن فن السيراميك من الفنون الحديثة التي تتطلب مهارة فائقة لإنجاز أعمال حديثة تحاكي في دقتها الموروثات التاريخية التي جسدت فعل الحضارات الإنسانية الخالدة على مر الزمن ، وهذا ما امتاز به الفنان المبدع حسين ناصر حسن الذي نتمنى له مزيدا من العطاء المتواصل عبر رحلتنا القصيرة معه في عوالم الطين المغروسة في تفاصيل الإنسان منذ الخليقة وحتى أخر اغماضة عين في توسدها للتراب .
منقول لعموم الفائدة
تعليق