إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الباحث عن المستحيل الشاعر أمل دنقل

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وهكذا تفقد الحمامة البيضاء التى ترمز للحلم

    جناحها فى هذه النهاية المقترحة ويراه الشاعر
    عند قدوم الفجر ملقى على تمثال

    " نهضة مصر "، وتضعنا هذه النهاية أمام

    سؤال هل سيصبح الجناح وسيلة الحلم نحو
    التحليق أثرا بعد عين وجزءا جديدا من تمثال
    " نهضة مصر " يشير اٍلى اٍن مصر فى زمن
    نهضتها كانت تمتلك جناح تحلّق به، أم يشير

    اٍلى رغبة تمثال " نهضة مصر " فى الهجرة

    و الرحيل عن هذا الواقع المعاصر الذى عاشه

    الشاعر أمل دنقل ؟!.

    واٍلى جانب توظيف الشاعر أمل دنقل لتقنيات

    السينما فى بناء مشهد شعرى تمثيلى بلغة

    مصوّرة نرى فيه جغرافيا المكان وملامح

    وأصوات وحركة الشخوص والكائنات

    والأشياء فى العالم الذى تشير اٍليه القصيدة،
    فاٍن أمل دنقل استعان بتقنيات السينما

    فى تجسيد وتمثيل الهواجس والكوابيس
    التى تشير اٍلى نقل واخراج ما يتواجد

    ويدور دخل أعماق الذات اٍلى العالم الخارجى
    المحيط فيتحوّل الداخلى / الباطنى اٍلى معطى

    بصرى تمثيلى يشتبك بالعالم الخارجى كما فى
    قصيدة " كهل صغير السن " :

    أعرف أن العالم فى قلبى قد ماتْ !

    لكنى حين يكف المذياع وتنغلق الحجراتْ :

    أنبش قلبى، أُخرج هذا الجسد الشمعىُّ

    وأسجيهُ فوق سرير الآلام

    أفتح فمهِ أسقيه نبيذ الرغبةْ

    فلعل شعاع ينبض فى الأطراف الباردة الصلبهْ

    لكن تتفتت بشرته فى كفّى

    لا يتبقّى منه.. سوى : جمجمة.. وعظام !.

    الهاجس المسيطر على الشاعر أمل دنقل فى
    هذا المشهد هو محاولة اٍحياء العالم الذى
    مات فى قلبه، وفى تمثيله لهذا المشهد
    بدأ بتصوير لقطة خارجية لحظة صمت المذياع
    وغَلْق الحجرات، وبسرعة خاطفة انتقلت
    عدسته الشعرية اٍلى الداخل ليعرض لنا حركته
    وهو ينبش قلبه ليخرج منه ذلك العالم الميت،
    ثم يركّز عدسته على صورة الجثة
    التى توحى بأن موت العالم فى قلب
    الشاعر له طبيعته الخاصة والتى تمثّل
    فى مسخ وتحولّ ذلك العالم اٍلى
    جسد شمعى/ تمثال بارد جاف متصلّب،
    وبعد أن صوّر الشاعر أمل دنقل حركة
    اٍخراج ما فى الداخل/ القلب اٍلى الخارج
    ينتقل بعدسته لمتابعة حركته
    وهو يفتح فم الجثة/ التمثال الشمعى،
    ويسجيه على سرير الآلام، ويسقيه نبيذ الرغبة
    فى الحياة لعل أطراف الباردة المتصلبة تنبض
    وتدّب فيها الحياة، لكن فى نهاية المحاولة
    تتفتت بشرة التمثال فى يد الشاعر،
    ولا يتبقى منها سوى جمجمة وعظام
    بقايا تمثال شمعى بلا ملامح.

    يتبع

    تعليق


    • أما عن فلسفة الموت
      نقرأ فى كتاب
      " تشكيل صورة الموت في شعر أمل دنقل "

      للناقد جمال محمد عطا
      الصّادرعن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2013


      يرى الكاتب أنّ ثمّة جمالا أو جماليات في «قضية الموت»
      التي تردّدت باطّراد في شعر أمل دنقل،
      وهو ما تكشّف بالقراءة الواعية عن دلالات الموت
      وتنويعاته في شعره، فأمل لم ينظر إلى الموت بمعناه الضيّق أي الفناء،
      وإنما رآه نوعا «من عدم الاتّصال الذي يواجهنا في
      شكل “الحُزْن-الهَمّ” وذلك عندما نُمَارِسُ أو نجرِّب تهديدًا
      لاتصال وجودنا مع أنفسنا ومع الآخرين مِن جانبٍ،
      ومع الحياة والواقع السِّياسي من جانبٍ آخر».
      من ثَمَّ نُصبح إزاء معنى، أو بالأحرى معان جديدة
      مُنْفَتِحَة ومُتَعدِّدَة للموت، تسعى إلى الكشف عن
      جذره الأساسي، في الموروث الثَّقَافي “
      العربي والغربي” بصفة عامة، وبناءً عليه
      تتحدَّدُ دلالات الموت وفواعله ومسَبِّبَاته
      وطرق مواجهته في خِطاب شعري ينطوى في
      جوهره على إطار فلسفي يتماسُ في استحضاره لإنسانه
      مع إرادة القوة عند نيتشه، لا مع إنسان سارتر ومثاليته،
      في الوقت الذي يحتفظ فيه لنفسه بالخصائص الشِّعرية
      التي تجاوز الخطاب النثري العادي، كدحض لتلك المقولات
      التي روَّجها “السبعينيون” عن خطابه المباشر والنثري.
      لكن الأهمّ، هو تلك الرؤية التي قدَّمها شعر أمل دنقل
      والتي وقف عليها الكاتب بدربة وخبرة مستعينًا
      بأدواته الإجرائية النَّقدية التي تجعل من
      المنهج السوسيولوجي ممارسةً تطبيقيّة فاعلة،
      والمتمثِّلة في تجاوز الموت الطبيعي
      (ماهيته / قانونه / حجمه) فهذه جميعها كما يرى المؤلف،
      “أمورٌ مُسلَّمٌ بها”، لكن ما قدمته صورة الموت
      كما رآه (ها) الشَّاعر واختبره (ها) وجهًا لوجه
      في المحيطين على اختلاف مستوياتهم كالموت الحقيقي؛
      فقد الأهل: (الأب – الأخت)،
      وَفقد الأصدقاء: (يحيى الطاهر – محمود حسن إسماعيل
      – صلاح عبدالصبور وغيرهم)،
      أو كالموت المعنوي، الحاضر في فقد الوطن والقرية؛
      لينفذَ إلى معنى عميق مضاد للموت في كُلِّ صوره
      وأشكاله المختزنة في الوعي عبر إطاره المعرفي والثقافي،
      يكشف عن «مفهوم ومعنى الحياة ومقوماتها
      وغاياتها على النحو الذي يُعَرِّف الشيء بالضّدِّ»،
      وقد استطاعتْ هذه الرؤية بعمقها، بحسب تعبير
      المؤلف أنْ «تكشفَ لنا عن مَوَاطِنِ العفونة والجمال،
      القوَّة والضعف في الذَّات البشرية وفي مجتمعها».

      تعليق


      • []ويشير المؤلف إلى أسبابَ اختياره لقضية الموت
        دون سائر القضايا التي حَفل بها شعر أمل دنقل،
        حيث يرى أنَّها ذاتَ اتصالٍ وثيقٍ بواقعها
        الخارجي (الاجتماعي / السِّياسي) الذي عاشه أمل ذاته،
        هذا الواقع المُثْقَل بالجراح والهزائم السِّيَاسيّة
        (ما بين 1948- 1967) أو سيطرة الشِّعَارات الكاذبة
        (الاشتراكية المشوَّهة والمزيفة، والتبعيَّة “الامبريالية ” …. إلخ)
        وهذا ما كان كفيلاً بـ«خلق نوْعٍ من النَّزْعَة العدمية والاغتراب
        والإحساس بالعبث واللاجدوى نتيجة الإحساس بالتناقضات»،
        أما الدافع الثَّاني فمرجعه رؤية أمل الفلسفية
        والعميقة إزاء الموت والتي تتخطى الموت كـ«فكرة مصير»،
        لتؤسِّس لمنهج حياتي وجودي أصيل،
        وهو ما كَشَفَ عن تلك الرؤية الدقيقة في
        معالجتها للموت في بعده الأيديولوجي،
        كاشفةً عن شعور عدمي كان مُسيطرًا على الشَّاعر
        ربما مرجعه إلى روافده الثقافية التي نَهَلَ منها،
        والتي كان مِن أهمها تأثُّره بالنزعات الفلسفية
        عند نيتشه التي تقول بأن
        «الحياة لا تكون حياة إلا (من دون الآخر / الموت والألم)،
        أو ما كان يُصَرِّحُ به هيدجر
        «إن الدازاين (الكينونة) تحمينا من أن
        نشيخ حتى لا تليق بنا انتصاراتنا»،
        غير أنه ينبغي أن نفهم – هنا- أنَّ وجود الموت
        لا يعنى أن نموت
        «وإنما يعني أنْ نخاطر بموتنا من أجل وجودنا»،
        أو حتى تلك التي تنتشر في الفكر الوجودي
        الذي وَجَدَ رواجًا في ثقافتنا لما أحدثته الهزائم
        من انتكاسات للذَّات، وطموحه في
        القضاء على «غربة الإنسان»
        ورفضه القاطع لتلك الحلول التي قدمتها الماركسية
        في نموذجي هيجل وماركس، كحلٍّ مُقْنِعٍ لمشكلة الاغتراب.


        تجربة الموت التي دخلها أمل،
        خلقت نوعا من الهدوء والحكمة والتأمل
        والتسليم المطلق للفضاء الكوني،
        وقد انعكس ذلك بشكل واضح على أدواته
        وما صاحبها من تشكيل جمالي
        [/]

        تعليق


        • []كما يُرْجِعُ الروافد التي نَهَلَ منها أمل
          إلى الثَّقافة بمعناها الواسع بدءًا من
          المثيولوجيا (الفرعونية / اليونانية / العربيَّة)
          والنُّصوص الدينيّة
          (الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد، والقرآن الكريم)
          وأيضا إلى التراث الشعبي،
          وقد شكَّلت هذه المصادر بنية الفصل الأول
          المعنون بـ (مصادر صُورة الموت في شعر أمل دنقل)،
          وقد قرأ فيه المؤلف هذه التأثيرات ودورها في
          حَمْلِ تجربة الشَّاعر لجمهوره وصياغتها فنيًا.
          أما الفصل الثاني المُعنون بـ
          (أنماط الموت وآليات مقاومته في شعر أمل دنقل)
          فقد فنَّدَ فيه اختلاف نظرة الشُّعراء المحدثين
          عمَّن سبقوهم في تناولهم لقضية الموت،
          ثم نظرة أمل الخاصة،
          عارضًا بشيء من التفصيل أنماطه المتعدِّدة
          (مثل: الموت الطبيعي / الموت الأيديولوجي /
          الموت المعنوي / الشعور العدمي)،
          مُبَيِّنًا أبعاد كُلِّ نمطٍ وفواعله وطُرق مقاومته .
          أما الفصل الثالث
          والذي كان بمثابة الاختبار التطبيقي
          للفروض والإجراءات النظرية،
          فوقف الكاتب فيه على الأدوات التشكيليّة والجماليَّة
          التي شكَّلت خطابه وصاغت رؤيته
          بما تَحْمِلُ من بُعْدٍ فلسفي،
          ومن ثمَّ قسَّمه إلى قسمين؛
          الأوّل بعنوان الأدوات التشكيلية
          التي شكَّلت خطاب «الموت الأيديولوجي»،
          واقفًا على قدرة أمل في تجاوز التعبير
          عن الموت في إطاره الفكري،
          إلى التعبير عنه جماليًا
          (عبر: الشكل الطباعي / المستوى الصوتي /
          المستوى التركيبي / المعجم / المجاز / …
          إلخ)

          [/]

          تعليق


          • أما القسم الثاني فجاء بعنوان،
            الأدوات التشكيلية التي صاغت رؤية أمل دنقل
            «للموت في بُعْـده الكوني»
            ووقف فيها عند ديوان «أوراق الغرفة 8»،
            ورأى المؤلف أن تجربة الموت
            التي دخلها أمل خلقتْ
            «نوعًا من الهدوء والحكمة والتأمُّل
            والتسليم المطلق للقضاء الكوني»،
            وقد انعكس ذلك بشكلٍ واضح على أدواته
            وما صاحبها من تشكيل جمالي حيث
            «خف نهج التقابلات الحادة التي كانت تسم شعره قبلها،
            وخفـَّت معها القوافي الناتئة المدببة لتحل مكانها
            قوافٍ ممدودة ثقيلة،
            ودخلت قضاياه مسحة من التجريد (المحسوب)
            بما يستلزمه من خفوت الإيقاع الظاهر الحاد
            باتجاه الإيقاع المتأني الذي يسري في روح القصيدة
            قبل أن يسري في جسدها

            هكذا قدَّم لنا الكاتب رؤيته
            عن الموت في شعر أمل عبر جماليات تشكيله،
            التي جعلت من الموت حياة،
            وتحديقنا فيه ما هو إلا تحديق في الحياة ذاتها،
            وهو ما كشف لنا عن موت الذَّات العربيَّة
            والخلل الاجتماعي والسِّياسي وحالات الاغتراب،
            وقبلها عن مَوَاطِن العُفونة والجمال،
            القوة والضعف في الذات البشرية وفي مجتمعها،
            لكن نسي المؤلف الذي اجتهد كثيرًا
            في تحليلاته وكادت أن تعصف به أن أمل مَات،
            رغم فلسفته الوجودية، وبقي جمال شعره،
            وأن ما هَزَمَ أمل في أحد مراحله
            وكاد يهزم المؤلف (أيضًا)،
            رغم مراوغته له بالمراوحة بين اليأس
            والأمل والإقدام والإحجام،
            هوتردِّي الواقع بكل حمولاته
            السِّيَاسيَّة والاقتصادية، ومع الأسف ما تغيَّر،
            ولم ولن يتغيَّر الواقع في شيءٍ
            “حتى ولو رآها البعض رؤية سوداوية منّي،
            ومصادرة لأمل بازغ”
            بل زاد سَوْءَةً على ما كان عليه.
            الشَّيءُ المهم مع كلِّ ترددات الموت،
            فهلْ مِنْ مُجيب،
            أم يأتي إليّ صوت أمل متسائلاً
            «فمتى يُقْبِل موتي. قبل أن أصْبحَ – مثل الصَّقر – صقرًا مُسْتَبَاحًا ؟!».

            تعليق


            • أما عن كتاب
              "عم صباحا أيها الصقر المجنح"
              الذى قام بتحضيره الشاعر
              حلمي سالم

              و الذي صدر عن المجلس الأعلى للثقافة
              محتويا علي القصائد التي كتبها
              الشعراء (المصريون والعرب)
              في رثاء أمل دنقل
              بعد رحيله الأليم في مايو عام 1983

              يتسأل حلمى سالم
              لماذا لم أكتب شعرا عن أمل دنقل؟
              راودني هذا السؤال بغتة أثناء تحضيري
              كتاب 'عم صباحا أيها الصقر المجنح'
              و الحق أنني اكتشفت أثناء إعدادي هذا الكتاب
              أن هذا الشاعر (دنقل) الذي تصور الكثيرون
              انه كان أثناء حياته ¬نفورا من الآخرين وعدوانيا
              إنما كان يحظى بطاقة محبة هائلة للآخرين، ومن الآخرين.
              وحيث 'ان المعاصرة حجاب' كما يقولون
              فقد حرر رحيله طاقة حب الآخرين له من قيودها،
              لتنكشف عن مودة واحترام غامرين للرجل
              ولتجربته الشعرية علي السواء.
              وقد تنوعت قصائد الشعراء في رثاء أمل دنقل
              بين قصائد تقوم علي عرض مرتكزات شعر دنقل
              من الحرية والعدل وكرامة الإنسان وتحرير الفرد والوطن،
              ونصوص تقوم علي عرض صاحبها بمناسبة أمل دنقل،
              ونصوص تقوم علي المقارعة الجمالية بين نظريتين فنيتين:
              نظرية الراثي ونظرية المرثي (الكاتب والمكتوب عنه).
              يجمع بين هذه القصائد جميعا:
              مرارة فقد الراحل وصدق الشعور
              بأن الشعر (والوطن) قد خسرا ركنا ركينا
              ورثاء النفس في قناع من رثاء الآخر.
              إذن، لماذا لم أكتب شعرا في رثاء أمل دنقل،
              لأكون ضمن هذه النخبة المميزة
              ¬ من الأجيال والتيارات المختلفة¬
              التي بكت الرجل الذي قال:
              'أيها الشعر، يا أيها الفرح المختلس'؟
              يبدو ان خوفي من 'السرطان' الذي انتشر في الهواء،
              والذي أخذ مني مجموعة من أعز الناس
              جعلني أجفل من رثاء دنقل
              ، حتى لا أكون في مواجهة مباشرة مع السرطان.
              يبدو أنني شعرت بأنني لن أستطيع التعبير شعرا
              عن تحول موقفي من شعر أمل دنقل من حال الى حال
              يبدو أنني من صنف الشعراء الذين لا يجيدون
              إفراد قصائد كاملة في رثاء راحل
              ابتعدت عن رثاء دنقل حتى لا أرثي نفسي
              فأموت مرتين: مرة قبل موتي ومرة بعد موتي.
              ولأن شعر أمل صار ملكا للجميع،
              فإنني سأسمح لنفسي بأن أستعير كلماته في رثاء

              الصقر (أليس دنقل هو الصقر؟) وأقدمها إليه،

              كأنني أرثيه وأرثي الصقر وأرثي نفسي، قائلا:
              عم صباحا أيها الصقر المجنح
              عم صباحا
              سنة تمضي
              وأخري سوف تأتي
              قبل ان أصبح، مثل الصقر،
              صقرا مستباحا.

              تعليق


              • شهادات لأجيال مختلفة من الشعراء و النقاد و المبدعين
                أمل دنقل الشاعر و الإنسان

                الناقد د.جابر عصفور
                مبدأ حركة القصائد ما بين الحاضر والماضي
                في شعر أمل دنقل هو الوعي بالانهيار القومي
                الذي استجاب إليه شعره حتى من قبل
                وقوع كارثة العام السابع والستين.
                وهو الوعي الذي أدى إلى رؤية اللحظة التاريخية
                لهذا الانهيار بوصفها لحظة السقوط،
                المساء الأخير على الأرض،
                وقت الرماد الذي ينسرب إليه الأفول من كل حدب وصوب،
                متخذًا العديد من التجليات الفردية و الجماعية
                التي لا تخلو من حضور الموت الذي يبسط ألويته السوداء
                على قصائد أمل منذ البداية.
                ويصل هذا الوعي المأساوي بين المفرد والجمع،
                الخاص والعام، الحاضر والماضي.
                والنتيجة هي ما ينتهي إليه المتمعن في شعر أمل
                من أن قصائده تتحول إلى مراثٍ متكررة الرجع
                في مستوى أساسي من دلالاتها،
                مراثٍ لعالم يحتضر أو عالم ينتشر فيه الموت.
                صحيح أن هذه القصائد لا تكف عن رفض الموت
                في تعليقها على ما يحدث، ولا تتوقف عن التمرد
                على الموت الذي ينتشر كالهواء في كل شيء.
                ولكن رفض الموت والتمرد على حضوره الطاغي
                إثبات لهذا الحضور، وتأكيد لعلاماته الكثيرة
                التي تجذب العين في عالم مستكين
                لم يعد في ظاهره ما ينبض بالروح.

                الشاعر والناقد عبد العزيز موافي
                يبقى لأمل دنقل أنه -في حقبتي الستينيات والسبعينيات-
                كان يمثل حزب المعارضة الأوحد بامتداد العالم العربي،
                وكان أنصار هذا الحزب هم أعضاء حركتي العمال والطلبة،
                وكل أطياف اليسار آنذاك؛ فكان أشبه بالضوء الساطع
                الذي يكشف الانتصارات الزائفة،
                وسيطرة العسكرتاريا الانقلابية على مقدرات
                عدد كبير من البلدان العربية إضافة إلى
                البؤر الرجعية المتخلفة -في بعض البلدان العربية
                - عن العصور الوسطى. وإذا لم يقدم أمل إنجازًا آخر
                غير تشكيل هذا الحزب،
                لكفاه ذلك لكي نعده أحد الشعراء العظام،
                الذين أثروا في واقعهم بالكلمة،
                دون أن يتقوقعوا داخل أوهامهم الذاتية.

                تعليق


                • المخرجة التسجيلية عطيات الأبنودي

                  قالت : الحقيقة أنني أريد الخروج عما هو

                  شخصي جدًّا في تجربتي مع فيلمي عن أمل
                  "حديث الغرفة رقم 8" إلى ما هو عام؛
                  وهو افتقادنا الشديد لأفلام وثائقية

                  عن فنانينا وكتابنا وشعرائنا،
                  ليس بمعنى وجود برامج تلفزيونية عنهم،
                  وإنما بمعنى أن يقول الفنان بنفسه ما يريد.
                  وإذا كان كل من في القاعة اليوم يتحدث
                  عن أمل،
                  فإن هذا الفيلم هو الوثيقة الوحيدة

                  التي يتحدث فيها أمل عن أمل.
                  وحين بدأت عمل الفيلم واجهتني
                  مشكلة إنتاجية: من الذي ينتج الفيلم؟
                  لا أحد يريد ذلك.

                  كنت أقوم بعمل فيلم تسجيلي طويل

                  وفاضت لديّ خمس علب أفلام،

                  ودخل أمل المستشفى،

                  وأحب أن أقول شيئًا هنا: أمل لم يكن صديقي،
                  بصفتي مخرجة أفلام تسجيلية تعرف قيمة الناس

                  تاريخيًّا، قررت المسارعة لتصوير أمل وتوثيق
                  شيء عنه. وعبلة تشهد بذلك، فأمل لم يدخل بيتنا
                  أبدًا؛ لذلك لم أسجل الفيلم لأسباب شخصية

                  بل لأنني متخصصة في التوثيق.

                  ثم يتضح في النهاية أن الفيلم هو الوثيقة الوحيدة

                  التي يمكننا أن نشاهد فيها أمل دنقل وهو يتحدث؛

                  فقد كان لديّ حس تاريخي بأن أتدارك هذا الرجل
                  الذي دخل المستشفى لأن يحيى الطاهر
                  لم يمكنني تداركه قبل رحيله.
                  ومع الأسف لم يموِّل أحد هذا الفيلم، فالأستاذ

                  محسن نصر تبرع بتصوير المقابلة

                  التي تمت مع أمل، وقمنا بتأجير الكاميرا

                  ووسائل الإضاءة، وأخذ العمال أجورهم...

                  لقد كانت فداحة الحدث تلزمنا بإتمام هذا العمل.
                  وقد أجريت حديثي معه سنة 1982،
                  ولم أتمكن من إتمام الفيلم إلا سنة 1990؛
                  فلم تتبرع أي جهة رسمية ولا أي أفراد لإتمام
                  الفيلم، لأنني كنت أرى أن المقابلة بمفردها
                  لا تكفي لعمل فيلم تسجيلي مكتمل يطالعه الناس،
                  فلا يمكن أن يكون الفيلم مجرد إنسان يتحدث

                  فينبغي عليّ أن أحل المقابلة فنيًّا.
                  وفي سنة 1990 كنت أصور فيلمًا آخر في

                  الصعيد، فقررت زيارة عائلته في "قِفْط"،
                  والتقيت بالسيدة والدته واصطحبتني لتصوير

                  المقبرة، ثم حصلت من عبلة على بعض الصور
                  الفوتوغرافية؛ وهنا وجدتُ لدي حلاًّ فنيًّا للفيلم:
                  أن يحتوي الفيلم على معلومات حقيقية على
                  لسان أمل دنقل. فمنذ البداية كانت رؤيتي

                  أنني لو طلبت من شاعر قراءة قصيدة له
                  في فيلم تسجيلي عنه، فإنني بذلك سأختزله

                  في هذه القصيدة. لذلك لم أطلب من أمل قراءة
                  قصيدة له في الفيلم.

                  تعليق


                  • الدكتور محمد رفيق خليل

                    بعد أن تعرفت عليه عام 1962م
                    عن طريق عبدالمنعم الأنصاري وسيد الشرنوبي،
                    وكان الثلاثة روادًا للحداثة وللرفض الإيجابي
                    (الذي يختلف عن الغضب)،
                    إلى جانب الشاعر محمود العتريس.
                    وأضاف أن أمل دنقل عاش في الإسكندرية
                    بنسيجها متعدد الألوان وتأثر بها، فكان يختزل المدينة
                    في المقهى الصغير ذي الطابع المتوسطي (بيتي تريانون)،
                    إذ يعتبره اختصارًا للمدينة والغربة فيها، وديمومة الحياة،
                    وسرعان ما اندمج في المدينة بكل ما فيها
                    من طبائع مصرية وغربية،
                    ويلتمس الراحة في الحضن الدافئ للمدينة

                    الناقد د.محمد زكريا عناني

                    ماذا يبقى من أمل دنقل؟ يجيب محمد زكريا
                    في الظن أن اسم هذا (الجنوبي)
                    حار المشاعر سيبقى ما شاء الله للكون أن يبقى
                    باعتباره واحدًا من "الصعاليك العظام"،
                    الذين أقبلوا يعبون من كأس الحياة في رعونة واندفاع،
                    يعتصرونها بصفوها وعكارتها معًا، لأن حدسًا داخليًّا،
                    فيما يبدو، كان ينبئهم بأن الكأس الأخرى مرة المذاق
                    آتية عما قريب، وقد ضربت بالفعل ضربتها مبكرًا،
                    ودفعته في غلظة إلى سريره الحديدي بالغرفة رقم 8،
                    هزمته في يسر، لكنها لم تستطع أن
                    تدفن اسمه كما وارت جسده.
                    وأجزم: ولن تستطيع أبدًا، ومهما فعلت.
                    على كلٍّ، فماذا يساوي الجسد؟
                    إن الذي يبقى حقًّا هذه الخفة من الدواوين الصغيرة،
                    التي يتوهج فيها الشعر كالجمر المتّقد،
                    قصائد عن الوطن الذي يتذبذب تحت الأقدام
                    كالطمي الرخو، عن الأحلام التي تطير كالدخان،
                    وعن الحب الذي يعانق الوهم والمستحيل،
                    مواكب الكلمات والصور والأخيلة
                    التي تتجسم بالضبط كما ينبغي،
                    فتتجاوز التصنيف والتمذهب والانتماء؛
                    فشعر أمل دنقل "حالة خاصة"
                    يمكن أن تنتمي لهذا كله، ولكنها تبقى مختلفة
                    لها نكهتها وأريجها ومذاقها ووهجها الذي يميزه عن غيره،
                    والذي يضمن له أن ديوانه سيبقى أبدًا
                    على أرفف "الشعر" يجالد الزمن طالما أن هناك شعرًا،
                    ذلك أن أمل دنقل وبالتعبير المصري الشعبي: شاعر بحق وحقيق!.

                    تعليق


                    • المايسترو شريف محي الدين

                      يقول عن صداقته لأمل دنقل و تجربته في تلحين شعره،
                      حين قررت خوض هذه التجربة عام 1989
                      اندهش كثير من أصدقائي الفنانين،
                      وتساءلوا: هل يمكن أن يخضع هذا الجبروت الشعري
                      بعرامة لغته وعنفوان صوره وحواره العميق مع التاريخ؛
                      هل يمكن أن يخضع للتلحين ويترقرق غناءً عذبًا؟!
                      وكانت المفاجأة أنني وجدت الشعر محتويًا على لحنه
                      و متدفقًا بموسيقاه؛ خلافًا لما توقعه الجميع،
                      و انطلقت في رحلة التلحين حتى اكتملت
                      النصوص الملحنة أحد عشر نصًّا استمتعت
                      غاية الاستمتاع باكتشاف طاقاتها الموسيقية الثرية الصافية،
                      و ذلك بقدر سعادتي بالحفاوة الجماهيرية الكبيرة
                      التي كانت تنالها تلك الأعمال في مصر وفي أوروبا أيضًا
                      حيث كانت تُعرض مع ترجمة القصائد إلى اللغات الأوروبية،
                      و كان تفاعل الجمهور الأوروبي معها مدهشًا؛
                      و صارت ذكرياتي الحميمة معها أجمل وأكبر؛
                      و تحضرني من هذه الذكريات ذكرى مؤثرة
                      أحب أن أشارككم دفأها: كان ذلك بألمانيا
                      في أوبرا ساربروكن و تم غناء بعض قصائد أمل
                      التي لحّنتُها مع عرض ترجمتها الألمانية،
                      و كانت منها قصيدة "ضد من" التي كتبها أمل
                      عن معاناته مع المرض اللعين حين اشتدت و طأته عليه،
                      و إذا بالجمهور الألماني يحتفي بالعمل احتفاءً مؤثرًا
                      حتى جاءتني بعد الحفل مجموعة من الممرضات الألمانيات،
                      و اعترفن لي بأنهن اكتشفن بعد هذا الحفل معاني جديدة
                      لمعاناة الناس من المرض.
                      منذ كنت في الرابعة عشرة من العمر حتى رحيل أمل،
                      سعدت بصداقته بعد أن قدمني إليه
                      النحات الراحل عوني هيكل صديقه المقرب،
                      و أصبحت ألتقي به على مقاهي وسط البلد،
                      و تأثرت به، واستمعت إليه و هو يلقي شعره،
                      و نشأت صداقة جميلة بين صبي يحلم بأن يصبح فنانًا
                      و شاعر كبير ذي كبرياء خاص.
                      و بعد رحيله ظلت الصداقة الرائعة مع إبداعه الخالد.




                      الناقد د.أحمد درويش

                      كانت المرحلة التي شارك فيها أمل دنقل
                      في إبداع الشعر العربي المعاصر،
                      مرحلة انتقال حاسمة، أسهم فيها هو
                      بجهد ملحوظ، ونفس متميز،
                      كانت مرحلة انتقال في موسيقى الشعر وإيقاعه،
                      تجمعت فيها إرهاصات عقود وقرون سابقة،
                      ناوشت الشكل المستقر في بحور الخليل المحكمة،
                      وفجرت شكلاً من أشكال التطور أو التحرر من
                      قيودها الصارمة.

                      تعليق


                      • الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي


                        قال أمل دنقل في بعض اعترافاته إنه تتلمذ عليّ.
                        وقد ردد هذا القول عدد من النقاد. لكنني أقول

                        إنني لم أكن أستاذًا لأمل أو لغيره من شعراء جيله

                        الذين كانوا يقرأونني كما كنت أقرؤهم، وكانوا

                        يتعلمون من تجربتي لأن تجربتي -وتجربة أي
                        شاعر- ليست تجربة فردية، وإنما هي

                        بلورة-صنعها كل شاعر بطريقته- لكل ما قرأ

                        ولكل ما تعلم من تراث الفن الذي يشتغل به.

                        ومما لاشك فيه أني تعلمت الكثير من

                        محمود حسن إسماعيل ومن علي محمود طه

                        ومن إلياس أبو شبكة ومن إبراهيم ناجي

                        ومن أحمد شوقي ومن ابراهيم حافظ،

                        ومن البكائيات الشعبية التي كانت

                        تغنيها أمي في ظهائر الصيف وأنا طفل،
                        حينما كانت تبكي إخوتها الراحلين،

                        وتعلمت من القرآن،

                        و تعلمت من طه حسين وتوفيق الحكيم؛لغتهما.

                        وأنا أجد بالفعل في شعر أمل صيغًا تذكرني

                        بالصيغ التي استخدمتها: صيغًا نحوية وصيغًا

                        إيقاعية، وهذا طبيعي، لأننا أبناء لغة واحدة،
                        وأجد أنه اهتم بموضوعات أنا أيضًا اهتممت بها،
                        لكنه أبدع فيها إبداعًا خاصًّا لا يمكن

                        أن يكون ثمرة التقليد أو التلمذة البسيطة؛
                        مثلاً عندما أقرأ قصائد أمل دنقل عن القاهرة

                        أحسده وأتمنى لو أنني كتبت هذه القصائد،

                        وعندما أقرأ قصائده عن الإسكندرية

                        خاصة عن البحرأحسده كذلك

                        وأتمنى لو أنني كتبتُ هذه القصائد،
                        لأني أحب البحر وأحب الشعر المكتوب عنه،
                        كما أحب الشعر المكتوب في أي موضوع،

                        لأن الشعر يضيف للواقع خبرة الإنسان.
                        وأحب الإسكندرية وكتبتُ عنها لكن

                        كتابة أمل عن الإسكندرية تعجبني أكثر،
                        وأنا لست متواضعًا وأعرف قدري،
                        والحب يدفعنا للمبالغة في تقدير ما أخذناه ممن
                        نحبهم وإن كان قليلاً محدودًا.
                        وحين أقارن بين ما أدين به لغيري

                        وما يدين به أمل دنقل لي

                        أستطيع أن أقول إنني لست أستاذًا لأمل دنقل.
                        كان أمل دنقل إنسانًا طيبًا نقيًّا على غير الشائع
                        عنه، وكان يحب أن يعطي الذين يحبهم

                        وينسب لهم المزايا. وقد عرفت أمل دنقل سنة

                        1960 فيما أذكر أو 1961،

                        وكنا نلتقي في قهوة عبد الله

                        وهي قهوة قديمة كانت في ميدان الجيزة بالقاهرة،
                        وكان من رواد ندوتها التي كانت تنعقد كل مساء

                        الناقد الأستاذ أنور المعداوي، وكان يلتقي معه

                        الدكتور عبد القادر القط وأحيانًا الأستاذ زكريا

                        الحَجّاوي وكاتب صحفي اسمه طلبة رزق

                        لا أدري أين هو الآن،

                        والدكتور محمد كامل حسين أستاذ الأدب المصري،
                        وكان يأتي بين الحين
                        والآخر محمود حسن إسماعيل،

                        لكنه كان يجلس بعيدًا عن الآخرين

                        لأنه كان شديد الكبرياء، وكان الآخرون
                        أيضًا أشد منه كبرياء؛ ولهذا لم يكونوا

                        يقتربون منه أو يطلبون منه الاقتراب.

                        وفي أمسية من الأمسيات، ظهر شابان وتقدما

                        للتحية، وقد عرفت فيما بعد أنهما
                        أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي.
                        هل كان أمل آنذاك قد انتقل للعمل بالإسكندرية

                        أم كان لايزال يبحث عن العمل؟

                        لكنني متأكد أنه لم يكن قد نظم بعد قصيدته
                        التي قدمته للناس "كلمات سبارتكوس الأخيرة"
                        التي أظن أنه نظمها عام 1962،
                        ولهذا أستطيع أن أقول الآن إن هذا اللقاء الأول

                        بأمل دنقل كان سابقًا على نظم القصيدة

                        أي كان سابقًا على عام 1962.

                        تعليق


                        • أما زوجته الناقدة عبلة الروينى
                          تقول : كان يثق في مكانته الشعرية ويعرفها جيدًا
                          رغم أنه لم يكن يحب قراءة أشعاره في السهرات
                          والأمسيات بين الأصدقاء، بل كان يقرأ قصائد
                          حجازي وصلاح عبد الصبور مستعرضًا ذاكرته
                          الحديدية؛ وأذكر مرة أنه أسمعنا قصيدة
                          طويلة جدًّا ونادرة للدكتور عز الدين إسماعيل؛
                          كيف حفظها؟ وبكل هذه الدقة؟!.
                          الإخلاص للشعر كان أيضًا جزءًا من احتفائه
                          بالقصيدة وصيانته لها؛ فأمل لم يشغل نفسه على
                          الإطلاق بأي شيء آخر أو أي عمل آخر، حتى
                          كتابة النثر لم يحبها ولم يمارسها..
                          مقالات معدودة تُعَد على الأصابع هي
                          كل ما تركه أمل من نثر: أربع مقالات
                          عن أسباب نزول القرآن،
                          ومقال يحتوي على قراءة في ديوان
                          "كائنات مملكة الليل"
                          لأحمد عبد المعطي حجازي،
                          ومقال آخر عن صلاح عبد الصبور؛
                          سوى ذلك كان حريصًا دائمًا على تجنب كتابة
                          النثر. فكانت القصيدة هي الشيء الوحيد
                          الذي كتبه وأخلص له.
                          هذا الإخلاص -في ظني- أخذ أشكالاً

                          مختلفة تؤكد إيمانه بأن الشعر ليس

                          مجرد موهبة بل العمل على هذه الموهبة
                          وصيانتها بالرجوع الدائم للمعاجم.

                          لم يكن لأمل بيت ثابت،

                          بل كان دائم التنقل من بيت لبيت،

                          ومن غرفة صديق لغرفة صديق آخر؛
                          وبالتالي لم تكن له مكتبة خاصة قائمة

                          يمكننا أن نحصي محتوياتها من الكتب.

                          لكن أربعة كتب هي التي كانت تنتقل

                          معه من بيت لبيت، وكانت هي الكتب

                          المتبقية بعد وفاته. هذه الكتب هي:

                          القرآن الكريم والعهد القديم والعهد الجديد

                          وكتاب ابن إياس. هناك كتب أخرى بالطبع

                          كالأغاني والكثير من كتب التاريخ

                          والتراث لكنها فُقِدَت من كثرة التنقل.


                          شهادتها فى كتاب الجنوبى
                          1

                          تعليق


                          • الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي



                            "كلما مرت الأيام، وانقضت الأعوام السنوات

                            يزداد شعر أمل دنقل تألقًا، ولا يرحل كالأشعار

                            التي ماتت مع رحيل كتابها.

                            دنقل " كان شاعرًا حقيقًا لا تشغله الشهرة

                            وكلمات الإعجاب، بل كان شاغله الشاغل أن

                            يرضي علقه وضميره ويطابق بين أقواله وبين رؤاه."
                            إن أمل طيلة سنوات حياته لم يتغير،
                            وظل محتفظًا بمبادئه التي تربّى عليها منذ صباه،
                            وكان أمل في الوقت تجده صامتًا شاردًا بعيدًا عن
                            هموم الحياة، وهموم السياسية اليومية، تجده

                            يفاجئك بقصيدة خالدة لاتعرف متى وأين كتبها،

                            عندما كانت ازوره في المستشفى كانت أفاجأ به

                            يُطلعنى على مجموعة من القصائد الراقية التي

                            كتبها في المستشفى لكى يتجاوز بها آلامه،

                            وهكذا أتم ديوانه "أوراق الغرفة رقم 8".

                            إن أشعار دنقل ستحيا طالما كانت هناك مصر،

                            وطالما سعى أبناؤها لتحقيق فجرٍ جديدٍ حلم به

                            "أمل" طيلة حياته بصدق ومعاناة

                            ودفع عمره ثمنًا زهيدًا لهذه القصائد الخالدة.

                            تعليق


                            • بعد كل هذه الشهادات عن شخصيته و شعره
                              دعونا نتعرف على

                              شهادة أمل على الثقافة المصرية


                              أجرى الكاتب الصحفي وليد شميط

                              حوار صحفية مع أمل دنقل في العدد 772

                              سنة 1974من مجلة الأسبوع العربي

                              التي كانت تصدر في لندن،
                              وسأله في ختام حواره "كيف تنظر إلى
                              الوضع الثقافي في مصر اليوم؟

                              وكيف تتحرك أنت في إطار هذا الوضع؟
                              " وقال أمل: الوضع الثقافي في مصر
                              اليوم يمر في مرحلة من الترهل.

                              إن الكُتّاب الذين بدءوا ثوريين منذ شبابهم
                              تحولوا بفضل ظروف عديدة إلى مرتزقة،
                              وهذه هي محنة الثقافة الحقيقية في مصر.
                              إن الخوف قاد الكثيرين منهم إلى التسليم

                              وإلى نوع من الانفصام العقلي، فهم يدلون في
                              مجالسهم الخاصة بآراء ثم يكتبون نقيضها

                              ويتبنون مواقف غير التي يتداولونها.
                              إني أعتبر أن الجيل السابق لا يختلف كثيرًا

                              في نوعيته مهما اختلفت اتجاهاته السياسية

                              ومهما سمي هذا الكاتب يساريًّا أو ذاك يمينيًّا..
                              إنهم في النهاية يصبون في مجرى واحد،

                              وأعتقد بأن هذه اللعبة تمارس أيضًا مع أفراد
                              جيلي، لكن سقوطهم صعب لأسباب عديدة منها

                              أنهم شباب، ومنها أنه من الصعب أن يتنازل

                              الإنسان عن أفكاره لقاء أثمان بخسة، فقد ذهب

                              الكبار بنصيب الأسد من الفريسة ولم يبق إلا

                              الفتات. ونتيجة لإبعاد هذا الجيل عن مراكز

                              الصدارة فإنه يبقى متمسكًا بشرف كلمته حتى

                              إشعار آخر. وكل المحاولات التي بذلت لاحتواء

                              هذا الجيل لم تنجح تمامًا كما نجحت مع الجيل
                              الذي سبقنا. ومن هنا فقد عادت إلى الظهور
                              وجوه كثيرة بعد إسقاط ما يسمونهم باليساريين

                              من المراكز الثقافية والصحافية،

                              ممن بليت أفكارهم وأقلامهم.
                              إن تبني هذه الوجوه يحقق هدفين:
                              هدفًا براقًا بالنسبة إلى الجماهير لأن هذه

                              الأسماء لاتزال تحتفظ ببعض شهرتها لدى

                              القراء البسطاء، وهدفًا آخر في تمكين

                              هؤلاء في ممارسة أحقادهم التي تولدت

                              عن عزلتهم وتخلفهم وإحساسهم بالكهولة
                              والنضوب والعقم. أنا لا أكره هؤلاء الكتاب

                              وهذه الأسماء التي عادت إلى اللمعان

                              من جديد لأن الزمن في صالح أفكاري وفني
                              وآرائي وجيلي. ونحن في صعود وازدهار
                              مهما وُضِعنا في أقفاص زجاجية،

                              وهم في ذبول وانحدار مهما دخلوا

                              غرف الإنعاش ولجأوا إلى الحقن المنشطة

                              والمقوية. هذا ليس شماتة من الكهولة،
                              أنا أقصد كهولة الفكر وكهولة الروح وهؤلاء

                              الكُتاب لا يملكون إنتاجًا حقيقيًّا.

                              إن أسماءهم تبرز في صفحات الصحف

                              وعلى شاشات التليفزيون مسبوقة بلقب الشاعر
                              أو الكاتب أو الناقد. لكنهم في النهاية
                              لا نقرأ لهم لا شعرًا ولا كتابةً ولا نقدًا.
                              ومن هنا حالة التدهور الثقافي في مصر.
                              إن المخرج الوحيد أمام المؤسسات الثقافية

                              المسئولة في مصر هو أن تتبنى جيلي
                              وقضاياه وأفكاره، لأن في هذا تجديدًا
                              لشبابها قبل أن يكون تجديدًا لشباب مصر.

                              تعليق


                              • لم يكن الشاعر أمل دنقل شاعرا مرّ كزائر،
                                بل كان شاعرا آثر الخلود بشعره الذي صارت
                                قصائده شعارات للثورات،



                                مات أمل دنقل وظلّ شعره في القلوب،
                                يُشْعِلُ قلوب الثوّار، ويستلهمون منه وقود نضالهم،

                                ويؤرقون بكلماته عروش جلاديهم،

                                ومن أفكاره يتحدّون الموت ويتراقصون فرحا به إنْ جاءَ



                                مات أمل دنقل وظلت «الكعكة الحجرية» أغنية للثورات،

                                وبيانها الأوّل، والمانفستو الذي يهتدون به،



                                مات أمل دنقل وبقيت «لا تصالح» بمثابة الشّوكة

                                التي تُنَغِّصُ جُنُوب مَنْ يتصارعون في الخفاء

                                والعلن لتوقيع الاتفاقيات مع العدو وتناسوا أنّ المساواة

                                «بين يد سيفها كان لك وأخرى سيفها أثكلك»، محض وَهْم.



                                مات أمل دنقل وظلت عيون زرقاء اليمامة تبصّرنا بالقادم،

                                ومع الأسف ولَّيْنَا ظهورنا عنها متجاهلين صيحاتها
                                حتى صرنا عُراةً فـ لا اللّيل يُخفي عَوراتنا كلا ولا الجدران
                                أما هي فقد تركناها «وحيدة.. عمياء».


                                مات أمل دنقل وظلت «أقوال جديدة عن حرب البسوس»،
                                أيقونة للرفض الحاسم ضدّ الاهتراء السّياسي والتَّفَسُّخ الاجتماعي


                                مات دنقل وبقيت عبلة الروينى من بعد رحيله

                                تلملم أوراقه تكتب عنه تحفظ تراثه، تسعي الى رسائل متبقية

                                هنا وهناك، وبين فترة وأخرى تخرج لنا أثرا منه أو عنه
                                قدمت لنا (الجنوبى ) ثمرة حياتهما التى لم تطل
                                و ثمرة اخلاصها و محبتها لأمل دنقل

                                تحية واجبة لرفيقة
                                روحه التي أوقفت حياتها علي ذكراه وعلي ما أبدعه

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-08-2025 الساعة 11:33 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 06-04-2025 الساعة 05:29 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-31-2025 الساعة 10:07 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 05-30-2025 الساعة 11:48 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 05-30-2025 الساعة 09:36 AM
                                يعمل...
                                X