إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلة في حياة الشاعر محمود درويش

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    مختارات من ديوان أحبك أو لا أحبك

    قاسيم على الماء


    وراء الخريف البعيدْ
    ثلاثون عاماً
    وصورة ريتا
    وسنبلة أكملت عمرها

    في البريد.
    وراء الخريف البعيد
    أحبكِ يوماً.. وأرحل
    تطير العصافير باسمي
    وتُقتلْ
    أحبك يوماً
    وأبكي
    لأنك أجمل من وجه أمي
    وأجملْ
    من الكلمات التي شرّدتني
    على الماء وجهك,
    ظلُّ السماء
    يخاصمُ ظلّي
    وتمنعني من محاذاة هذا المساء
    نوافذ أهلي.
    متى يذبل الورد في الذاكرة؟

    متى يفرح الغرباء؟
    لكي أصف اللحظة العائمة
    على الماء_
    أسطورة أو سماء..
    ..وتحت السماء البعيدة
    نسيتك،
    تنمو الزنابق
    هناك.. بلا سببٍ
    والبنادق
    هناك.. بلا غضبٍ
    والقصيدة
    هناك بلا شاعر
    والسماء البعيدة
    تحاذي سطوح المنازلْ
    وقبَّعة الشرطيَّ
    وتنسى جبيني

    وتحت المساء الغريبْ
    تعذّبنا الأرض،
    جسمك يقتبس البرتقال
    ويهرب منّي.
    أحبّك،
    والأفق يأخذ شكل سؤال
    أحبّك،
    والبحر أزرقْ
    أحبّك،
    والعشب أخضرْ
    أحبّك_ زنبقْ
    أحبّك_ خنجر
    أحبّك يوماً
    وأعرف تاريخ موتي
    أحبّك يوماً
    بدون انتحار

    وراء الخريف البعيد
    أمشِّط شعرك.
    أرسم خصرك.
    في الريح، نجماً.. وعيد
    أحبُّك يوماً
    أحبُّك قرب الخريف البعيد
    تمرُّ العصافير باسمي
    طليقه
    وباسمي_ يمر النهار
    حديقة ،
    وباسمك أحيا
    أحبك يوماً
    وأحيا..
    وراء الخريف البعيد

    تعليق


    • #47
      عابر سبيل

      بلادي بعيدة
      تبخَّر مني ثراها
      إلى داخلي...
      لا أراها
      وأنت بعيدهْ
      أراك
      كومضة ورد مفاجئ
      وفي جسدي رغبةٌ في الغناء
      لكلِّ الموانئ
      ... وإني أُحبُّكِ
      لكنني
      لا أُحبُّ الأغاني السريعة
      ولا القُبَلَ الخاطفة
      وأنت تحبّينها
      كبحّارة يائسين..

      أرى عبر زنبقة المائدة
      وعبر أناملك الشاردْ
      أرى البرق يخطف وجهي القديم
      إلى شرفة ضائعة
      وأنت تحبّينني –
      قلت –
      من أجل هذا المساء
      لنرقصْ إذن ’
      أنا الماء والظلّ
      والظل والماء لا يعرفان الخيانة
      ولا الانكسارْ
      ولا يذكران
      ولا ينسيان
      ولكن ... لماذا ؟
      لماذا توقفتِ الأسطوانة؟
      ومن خَدَشَ الأسطوانة
      لماذا تدور على نفسها :
      بلادي بعيدهْ
      بلادي
      بلادي
      بلادي

      تعليق


      • #48
        عازف الجيتار المتجول


        كان رسّاماً،
        ولكنَّ الصُّوَر
        عادةً،
        لا تفتح الأبواب
        لا تكسرها..
        لا تردّ الحوت عن وجه القمر.
        (يا صديقي ،أيّها الجيتار
        خذني..
        للشبابيك البعيدة)
        شاعراً كان،
        ولكنَّ القصيدة
        يبستْ في الذاكرة
        عندما شاهد يافا
        فوق سطح الباخرة
        (يا صديقي، أيّها الجيتار
        خذني..
        للعيون العسليّة)
        كان جنديّاً،

        ولكنَّ شظيَّة
        طحنت ركبته اليسرى
        فأعطوهُ هديّهُ:
        رتبةً أُخرى
        ورجلاً خشبّية!..
        (يا صديقي، أيّها الجيتار
        خذني..
        للبلاد النائمة)
        عازف الجيتار يأتي
        في الليالي القادمة
        عندما ينصرف الناس إلى جمع تواقيع الجنود
        عازف الجيتار يأتي
        من مكان لا نراهُ
        عندما يحتفلُ الناس بميلاد الشهود
        عازف الجيتار يأتي
        عاريا، أو بثياب داخليّهْ.

        عازف الجيتار يأتي
        وأنا كدت أراه
        وأشمّ الدم في أوتارِه
        وأنا كدت أراه
        سائراً في كل شارعْ
        كدت أن أسمعه
        صارخاً ملء الزوابع
        حدّقوا:
        تلك رجل خشبّية
        واسمعوا:
        تلك موسيقى اللحوم البشريّة

        تعليق


        • #49
          اغنيات حب الى افريقيا

          هل يأذن الحُرّاس لي بالانحناءْ
          فوق القبور البيض يا إفريقيا؟
          ألقتْ بنا ريح الشمال إليك
          واختصر المساء
          أسماءنا الأولى
          وكُنّا عائدين من النهار
          بكآبة التنقيب عن تاريخنا الآتي
          وكنّا متعبين
          ضاع المغنّي والمحاربُ والطريق إلى النهار
          من أنت؟
          عصفور يجفّفُ ريشه الدامي"
          وكيف دخلت؟
          كان الأفق مفتوحاً؟
          وكان الأوكسجين
          ملء الفضاء
          وما تريد الآن؟
          ريشةَ كبرياء
          وأريد أن أرث الحشائش والغناء
          فوق القبور البيض.. يا إفريقيا!
          -2-
          هل يأذن الحراس لي بالاقتراب
          من جُثَّة الأبنوس.. يا إفريقيا؟
          ألقتْ بنا ريح الشمال إليك،
          واختبأ السحابْ
          في صدرك العاري،
          ولم تُعلن صواعقنا حدود الاغترابْ

          والشمسُ بالمجّان مثل الرمل والدم،
          والطريق إلى النهار
          يمحو ملامحنا، ويتركنا نعيد لانتظار
          صَفّاً من الأشجار والموتى
          تحّبكِ..
          نشتهي الموت المؤقّت
          نشتهيه ويشتهينا
          نلتف بالمدن البعيدة والبحار
          لنفسر الأمل المفاجئ
          والرجوعَ إلى المرايا
          من أنتَ؟
          جنديُّ يعود من التراب
          بهمزيمة أُخرى وصورة قائد
          ماذا تريد؟
          بيتاً لأمعائي وطفلاً من حديد
          وأُريد صكَّ براءتي

          وأريد يا إفريقيا
          ماذا تريد؟
          أريد أن أرث السحاب
          من جُثَّة الأبنوس.. يا إفريقيا
          ألقت بنا ريح الشمال إليك
          يا إفريقيا..
          ألقتْ بنا ريح الشمال
          لنكون عُشّاقاً وقتلى.
          وبدون ذاكرةٍ ذكرنا كل شيء عن ملامحنا
          ووجُهك فوق خارطة الظلال
          مرّ المغني تحت نافذةٍ
          وخبّأ صوته في راحتيه
          سرّاً يحبّك،أو علانيةً يمرّ
          وينحني كالقوس، يا إفريقيا
          وحشيّتان
          عيناك يا إفريقيا وحزينتان

          عيناك كالحبّ المفاجئ
          كالبراءة حين تُفترعُ البراءة
          مرّ المغني تحت نافذة
          وأعلن يأسه
          من أنت؟
          عاشق
          من أنت جئت؟
          أنا من سلالات الزنابق والمشانق
          والريح تحبل.. ثم تُنجبني
          وترميني على كل الجهات
          ماذا تريد؟
          أُريد ميلاداً جديد
          وأريد نافذة جديدهْ
          لأحبّها سرّاً وتقتلني علانيةً
          وأرحل عنك.. يا إفريقيا

          يتبع

          تعليق


          • #50
            مختارات من ديوان محاولة رقم 7

            النهر غريب وأنت حبيبي

            الغريبُ النهرُ – قالتْ
            واستعدَّتْ للغناءْ
            لم نحاول لغة الحبَّ , ولم نذهب إلى النهر سدى
            وأتاني ليلٌ من منديلها
            ولم يأت ليلٌ مثل هذا الليل من قبل فَقَدَّمْتُ دمي للأنبياءْ
            ليموتوا بدلاً منا..
            ونبقى ساعة فوق رصيف الغرباءْ
            واستعدَّتْ للغناءْ

            وحدنا في لحظة العُشّاقِ
            أزهار على الماءِ
            إلى أين سنذهب ؟
            للغزال الريحُ والرمحُ . أنا السكّين والجرحُ
            إلى أين سنذهب ؟
            ها هي الحريَّةُ الحسناءُ في شريانيَ المقطوع ,
            عيناكِ وبلدانٌ على النافذة الصغرى
            ويا عصفورة النار , إلى أين سنذهب ؟
            للغزال الريحُ والرمحُ ,
            وللشاعر يأتي زَمَنٌ أعلى من الماء , وأدنى من حبال
            الشَّنقِ.
            يا عصفورة المنفى ! إلى أين سنذهبْ ؟
            لم أودّعك فقد ودَّعتُ سطح الكرة الأرضيَّةِ الآن..
            معي أنت لقاء دائمٌ بين وادع ووداع
            ها أنا أشهدُ أن الحب مثل الموتِ
            يأتي حين لانتظر الحبَّ ,
            فلا تتنظريني...

            الغريبُ النهرُ-قالتْ
            واستعدَّتْ للسّفَرْ.
            الجهاتُ الستُّ لا تعرف عن ((جانا))
            سوى أنَّ المطرْ
            لم يُبَلّلها
            ولا تعرف عنها
            غير أني قد تغيَّرتُ تغيَّرتُ
            تَصَبَبْتُ بروقاً وشجرْ
            وأسرتُ السندبادْ
            والغريبُ النهرُ- قالت
            ها هو الشئ الذي نَسْكُتُ
            قد صار بلادْ

            تعليق


            • #51
              هاهِي الأرض التي نسكُنُ
              قد صارت سفر
              والغريبُ النهرُ – قالت
              واستعدَّت للسفر.

              وحدنا لا ندخل الليلَ
              لماذا يتمنّى جسمُكِ الشَعر
              وزهر اللوتس الأبعدَ من قبري
              لماذا تحلمين
              بمزيدٍ من عيون الشهداءِ ؟
              اقتربي مني يزيدوا واحداً
              ((خبزي كفاف البرهة الأولى))
              وأمضي نحو وقتي وصليب الآخرين
              وحدنا لا ندخل الليل سدى,
              يا أيها الجسم الذي يحتصرُ الأرض ,
              ويا أيتها الأرض التي تأخذ شكل الجَسَد الروحي
              كوني لأكونْ
              حاولي أن ترسميني قمراً
              ينحدرِ الليلُ إلى الغابات خيلاً
              فلماذا تحلمين
              بمزيدٍ من وجوه الشهداءِ ,
              ابتعدي عنّي يصيروا أمَّةً في واحد...
              هل تحرقين الريح في خاصرتي؟
              أم تمتشقين الشمس ؟
              أم تنتحرينْ ؟
              عَلَمتني هذه الدنيا لُغَاتٍ وبلاداً غير ما ترسمه عيناكِ
              لا أفهم شيئاً منكِ لا أفهمُني ((جانا))
              فلا تتنظريني !..

              الغريبُ النهرُ-قالتْ
              واستعدَّتْ للبكاءْ
              لم تكن أجمل من خادمة المقهى
              ولا أقرب من أمّي
              ولكنَّ المساءْ
              كان قِطّاً بين كفَّيها
              وكان الأُفق الواسع يأتي من زجاج النافذهْ
              لاجئاً في ظلّ عينيها
              وكان الغرباءْ
              يملأون الظلّ
              لن أمضي إلى النهر سدى
              اذهبي في الحلم يا جانا !
              بكتْ جانا
              وكان الوقتُ يرميني على ساعة ماءْ
              إذهبي في الوقت يا جانا !
              بكت جانا
              وكان الحُلْمُ ذرّاتِ هواءْ
              اذهبي في الفَرَح الأول يا جانا !
              بكت جانا
              وكان الجرحُ وردَ الشهداءْ
              آه ’ جانا
              لم تكوني مُدُني
              أو وطني
              أو زمني
              كي أوقف النهر الذي يجرفني
              فلماذا تدخلين الآن جسمي
              لتصير يالنهر أو سيَّدةَ النهرِ
              لماذا تخرجين الآن من جسمي
              ومن أجلك جدَّدتُ الإقامة
              فوق هذي الأرض .. جدَّدت الإقامة
              اذهبي في الحُلم يا جانا !
              بكتْ جانا
              وصار النهر زنّاراً على خاصرتي
              واختفي شكل السماءْ..

              تعليق


              • #52
                طوبي لشئ لم يصل !


                هذا هو العُرس الذي لا ينتهي
                في ساحة لا ينتهي
                في ليلة لا ينتهي
                هذا هو العُرْشُ الفلسطينيُّ
                لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ
                إلاّ شهيداً أو شريرا

                دَمُهم أمامي....
                يسكن اليوم المجاورَ-
                صار جسمي وردةً في موتهمْ....
                وذبلتُ في اليوم الذي سَبَقَ الرصاصةَ
                وازدهرتُ غداةَ أكملتِ الرصاصةُ جُثَّتي
                وجمعتُ صوتي كُلَّهُ لأكون أهدأ من دمٍ
                غطّى دمي...

                دَمُهم أمامي
                يسكن المدنَ التي اقتربتْ
                كأنَّ جراحهم سفنُ الرجوعِ
                ووحدهم لا يرجعون ...
                دَمُهم أمامي...
                لا أراهُ
                كأنه وطني
                أمامي ... لا أراهُ
                كأنه طُرُقات يافا-
                لا أراهُ
                كأنه كُلَّ نوافذ الوطن اختفتْ في اللحمِ
                وحدهمُ يرون
                وحاسَّةُ الدم أينعتْ فيهم
                وقادتهم إلى عشرين عاماً ضائعاً
                والآن , تأخذ شكلها الآتي
                حبيبتُهم...
                وترجعهم إلى شريانها
                دَمهُم أمامي....
                لا أراهُ
                كأنَّ كل شوارع الوطن اختفتْ في اللحمِ
                وحدهمُ يرون
                لأنهمْ يتحررون الآن من جلد الهزيمةِ
                والمرايا
                ها همُ يتطايرون على سطوحهم القديمةِ
                كالسنونو والشظايا
                ها هُم يتحررون....

                طوبى لشئ غامضٍ
                طوبى لشئ لم يصل
                فكّوا طلاسمه ومزَّقهُمْ
                فأرَّخْتُ البداية من خطاهم
                (ها هي الأشجار تزهرُ
                في قيودي )
                وانتمت إلى رؤاهم
                (ها هي الميناء تظهرُ
                في حدودي )
                والحلم أصدق دائماً. لا فرق بين الحلمِ
                والوطن المرابط خلفَهُ...
                الحلم أصدق دائماً . لا فرق بين الحلمِ
                والجسد المخبَّأ في شظيَّهْ
                والحلم أكثر واقعيَّهْ

                السفحُ أكبر من سواعدهمْ
                ولكنْ...
                حاولوا أن يصعدوا
                والبحر أبعد من مراحلهم
                ولكنْ....
                حاولوا أن يعبروا
                والنجمُ أقرب من منازلهم
                ولكن....

                تعليق


                • #53
                  حاولوا أن يفرحوا
                  والأرض أضيقُ من تصورهم
                  ولكن ...
                  حاولوا أن يحلموا
                  طوبى لشئ غامض !
                  طوبى لشئ لم يصلْ
                  فكّوا طلاسمه ومزَّقهم
                  فأزّخْتُ البداية من خطاهم

                  وانتميت إلى رؤاهم
                  آه.. يا أشياء ! كوني مبهمهْ
                  لنكون أوضح منك
                  أفلست الحواسَّ وأصبحتْ قيداً على أحلامنا
                  وعلى حدودِ القدسِ ’
                  أفلست الحواسَّ, وحاسَّةُ الدم أينعت فيهم
                  وقادتهم إلى الوجه البعيد
                  هربت حبيبتهم إلى أسوارها وغزاتها
                  فتمردوا
                  وتوحدوا
                  في رمشها المسروق من أجفانهم
                  وتسلّقوا جدران هذا العصرِ
                  دقوا حائط المنفى
                  أقاموا من سلاسلهم سلالمْ
                  ليقبِّلوا أقدامها
                  فاكتظَّ شعبٌ في أصابعهم خواتمْ

                  هذا هو العرس الذي لا ينتهي
                  في ساحة لا ينتهي
                  هذا هو العُرسُ الفلسطينيُّ
                  لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ
                  إلاّ شهيداً... أو شريدا


                  - من أي عامٍ جاء هذا الحزن ؟
                  - من سَنةٍ فلسطينيةٍ لا تنتهي
                  وتشابهتْ كل الشهور , تشابه الموتى
                  ما حملوا خرائط أو رسوماً أو أغاني للوطن
                  حملوا مقابرهم ...
                  وساروا في مهمتهم
                  وسرنا في جنازتهم
                  وكان العالم العربيُّ أضيق من توابيت الرجوع
                  أنراك يا وطني
                  لأن عيونهم رسمْتكَ رؤيا ... لا قضيَّهْ !
                  أنراك يا وطني
                  لأن أصابع الشهداء تحملنا إلى صفدٍ
                  صلاةٍ .. أو هويَّهْ
                  ماذا تريد الآن منّا
                  ماذا تريد؟
                  خذهم بلا أجرٍ
                  ووزِّعهم على بيّارة جاعت
                  لعلَّ الخضرة انقرضت هناك

                  الشئُ .. أم هُمْ ؟
                  إن جثة حاؤسٍ صمّامُ هاوية التردّي-
                  (هكذا صار الشعار ’ وهكذا قالوا )
                  ومرحلةٌ بأكملها أفاقتْ – ذات حلم –
                  من تدحرجها على بطن الهزيمة ’(هكذا ماتوا)
                  وهذا الشئ .. هذا الشئ بين البحرِ
                  والمدن اللقيطة ساحلٌ لم يتَّسع إلاّ لموتانا’
                  ومروا فيه كالغرباء (ننساهم على مهل)
                  وهذا الشئ ... هذا الشئ بين البحرِ
                  والمدن اللقيطة حارسٌ تعبت يداه من الإشارة
                  لم يصل أحدٌ ومروا من يديه الآن
                  فاتسعتْ يداهُ
                  كلُّ شئ ينتهي من أجل هذا العرسِ...
                  مرحلة بأكملها أفاقت – ذات موتِ-
                  من تدحرجها على بطن الهزيمهْ...

                  الشئُ..أم هُمْ ؟
                  يدخلون الآن في ذرات بعضم ’
                  يصير الشئ أجساداً ,
                  وهم يتناثرون الآن بين البحر والمدن
                  اللقيطة
                  ساحلاً
                  أو برتقالا
                  كلُّ شئ ينتهي من أجل هذا العرسِ...
                  مرحلة بأكملها .... زمانٌ ينتهي
                  هذا هو العرس الفلسطينيّ
                  لا يصل الحبيب إلى الحبيب
                  إلاّ شهيداً أو شريدا

                  تعليق


                  • #54
                    كأني أحبك

                    لماذا نحاول هذا السفر

                    وقد جرّدتني من البحر عيناكِ
                    و اشتعل الرمل فينا ...
                    لماذا نحاولُ؟
                    و الكلمات التي لم نقلها
                    تشرِّدنا..
                    وكل البلاد مرايا
                    وكل المرايا حجرْ
                    لماذا نحاول هذا السفرْ؟
                    هنا قتلوك
                    هنا قتلوني.
                    هنا كنتِ شاهدةَ النهر و الملحمهْ
                    و لا يسأم النهرُ
                    لا يتكلّمُ
                    لا يتألمُ
                    في كلّ يوم لنا جثّةٌ
                    و في كلّ يوم لهم أوسمهْ
                    هنا وقف النهر ما بيننا
                    حارساً
                    يجعل الضفتينْ
                    توأمين
                    بعيدين، كالقرب، عنّا
                    قريبين، كالبُعد، منّا
                    و لا بُدَّ من حارسٍ
                    آهِ، لا بدّ من حارس بيننا.
                    كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
                    دمُ الجسدينْ
                    و كنّا هنا ضفتين
                    و كنّا هنا جسدين
                    و كلّ البلاد مرايا
                    و كلّ المرايا حجرْ
                    لماذا نحاول هذا السفرْ؟
                    كأنّ الجبال اختفتْ كلُّها
                    و كأنّي أحبّكِ
                    كان المطار الفرنسيُّ مزدحماً
                    بالبضائع و الناسِ.
                    كُلُّ البضائع شرعيَّة
                    ما عدا جسدي
                    آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
                    كنتُ ملتحماً
                    بالوراء الذي يتقدّمُ
                    ضيعت سيفي الدمشقيَّ متّهماً
                    بالدفاع عن الطينِ
                    ليس لسيفيَ رأيٌ بأصلِ الخلافةِ
                    فاتهموني...
                    علّقوني على البُرجِ
                    و انصرفوا
                    لترميم قصر الضيافة..
                    كأني أُحبُّك حقاً
                    فأغمدتُ ريحاً بخاصرتي
                    كنتِ أنت الرياحَ و كنتِ الجناح
                    و فتشتُ عنك السماء البعيدةْ
                    و قد كنتُ أستأجر الحُلْمَ
                    - للحلم شكلٌ يقلِّدها -
                    و كنت أُغنّي سدى
                    لحصان على شجرْ
                    و في آخر الأرضِ أرجَعَني البحرُ
                    كلّ البلاد مرايا
                    و كل المرايا حجرْ
                    لماذا نحاول هذا السفر ؟


                    تكونين أقرب من شفتيّ

                    و أبعد من قبلة لا تصلْ
                    كأنّي أحبُّك
                    كان الرحيلُ يطاردني في شوارع جسمكْ
                    و كان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمكْ
                    فأتركُ صمتي على شفتيك
                    و أترك صوتي على درج المشنقهْ
                    كأنّي أحبّكِ
                    كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك
                    - واسع ضيق هذا المدى -
                    والرحيل يخّبئني في فم الزنبقة.
                    أعيدي صياغة وقتي
                    لأعرف أين أموت سدى
                    - مر يوم بلا شهداء -
                    أعيدي صياغة صوتي
                    فإن المغني الذي ترسم الفتياتُ له صورةً
                    صادروا صوته
                    - مرّ يوم بلا شهداء -
                    وبين الفراغين أمشي إليكِ وفيكِ
                    وأولد من نطفةٍ لا أراها
                    و ألعبُ في جثّتي و القمر
                    لماذا نحاول هذا السفر؟
                    و كل البلاد مرايا
                    و كل المرايا حجرْ
                    لماذا نحاول هذا السفر؟

                    تعليق


                    • #55
                      الرمادي

                      الرماديّ اعتراف، و السماءُ الآن ترتدُّ عن الشارع
                      و البحر، و لا تدخل في شيء، و لا تخرج من
                      شيء... و لا تعترفينْ
                      ساعتي تسقط في الماء الرماديّ .فلم أذهب إلى موعدكِ
                      الساطع. يأتي زَمَنٌ آخرُ إذ تنتحرين .
                      و أسمّي حادثاً يحدث في أيّامنا :
                      قد ذَهَبَ العمر، و لم أذهب مع العمر إلى هذا المساء أبقى في انتظاركْ
                      و أسمي حادثا يحدث في أيامهمْ:
                      عندما أمشي إلى النهر البعيدْ
                      يقف النهرُ طويلاً في انتظاري.
                      و أتابعْ.
                      عنما أرجع في منتصف الموت، يجفُّ النهرُ في ذاكرتي
                      يذيلُ ما بين الأصابعْ،
                      فلماذا تقفينْ ؟
                      و لماذا تقفينْ؟
                      و تكونين أمامَ الطعنه الأولى. أمام الخطوة الأولى
                      و لا تعترفين .
                      و الرماديُّ اعترافٌ. مَنْ رآني قد رأى وجهكِ ورداً
                      في الرماد.
                      من رآني أخرَجَ الخنجر من أضلاعه أو خبّأ الخنجر
                      في أضلاعهِ
                      حيث تكونين دمي يمطر ،أو يصعد في أيّ اتجاهٍ
                      كالنباتات البدائيةِ.
                      كوني حائطي
                      كي أبلغ الأفْقَ الرماديّ
                      و كي أجرح لون المرحلهْ
                      من رآني ضاع منّي
                      في ثبات القَتَلَهْ !
                      الرماديّ اعترافٌ و شبابيكٌ. نساءُ و صعاليكُ
                      و الرماديُّ هو البحر الذي دَخّنَ حُلْمي زَبَدا
                      و الرماديُّ هو الشّعر الذي أجر جرحي بلدا
                      الرماديُّ هو البحرُ
                      هو الشّعرُ
                      هو الزهرُ
                      هو الطيرُ
                      هو الليلُ
                      هو الفجرُ
                      الرماديُّ هو السائرُ و القادمُ
                      و حلم الذي قَرَّره الشاعرُ و الحاكمُ
                      منذ اتّحدا !
                      لستُ أعمى لأرى
                      لستُ أعمى.. لأرى .
                      إنّني أعبرُ بين الجُثَّتين القمّتيْن
                      كالنباتات البدائَّيةِ
                      كونى حائطي كي أعبُرا
                      لستُ أعمى ..لأرى .
                      تزحفُ الصحراء تلتفُّ على خاصرتي.تمتدُّ تمتدُّ,
                      و تلتفُّ على صدري، وتشتدُّ و تشتدُّ، و لا أغرق
                      لا أغرق.. لا أغرقُ
                      لا!..
                      ليس لي خلف جبال الرمل آبارٌ من النفط، و لا صفصافة
                      مستشرقهْ
                      كان لي سورة"اقرأ" و قرأتْ..
                      كان ليَ بذرة قمح في يدٍ محترقهْ
                      و احترقتْ .
                      و ليَ الآن شتاءٌ من دم يمتصُّه الرمل، و يُستخرج
                      مازوتاً. و أسْتَدْعَى إلى الحريق لكي يصبح سعرُ
                      النفط أعلى
                      قلت: كلاّ !
                      و الرماديُّ اعترافُ مثل جدران الزنازين التي تكثر بعد
                      الحرب.لا .لم يبكِ جنديُّ على تاجٍ. و أسْتَدْعَى
                      إلى الحرب لكي يصبح لون التاج أغلى .
                      لستُ أعمى ..لأرى .
                      هل تركتِ الباب مفتوحاً ؟
                      تعودين بلا جدوى
                      ينام الحُلُم الكاذبُ في المخفرِ. يُدلي باعترافاتٍ
                      يمرّ الحلُم الهاربُ من قُبّعة السجّان يُدلي
                      باعترافاتٍ على مائدة القرصان
                      يدلي باعترافاتٍ يَنامُ الحُلُم الغائبُ تحت المشنقهْ
                      هل تركت الباب مفتوحاً؟
                      لكي أقفز من جلدي إلى أوّل عصفور رماديّ. و أحتجُّ
                      على الآفاق.
                      كلا!.
                      الرماديّ من البحر إلى البحرِ
                      و حُرّاسُ المدى عادوا
                      و عيناكِ أمامي نقطتانْ
                      و السرابُ الضوءُ في هذا الزمانِ
                      الواقفِ الزاحف ما بين وداعين طويلين
                      و نحن الآن مابين وداعين وداعٌ دائمٌ
                      أنتِ السرابُ الضوءُ و الضوءُ السرابْ
                      مَنْ رآنا أخرج الخنجر من أضلاعه أو خَبَّأ الخنجر
                      في أضلاعِه
                      حيث تكونين دمي يمطر أو يصعدُ في أي اتجاه
                      كالنباتات البدائيةِ
                      كوني حائطي أو زمني
                      كي أطأ الأفقَ الرماديَّ
                      و كي أجرح لون المرحلهْ
                      من رآنا ضاع منّا
                      في ثياب القَتَلَهْ
                      فاذهبي في المرحلهْ
                      اذهبي
                      وانفجري بالمرحلهْ

                      تعليق


                      • #56
                        عودة الأسير


                        النيلُ ينسى
                        والعائدون إليكِ منذ الفجر لم يَصِلُوا
                        هناك حمامتان بعيدتان
                        ورحلةٌ أخرى
                        وموتٌ يشتهي الأسرى
                        وذاكرتي قويَّهْ
                        والآن ’ ألفظُ قبل روحي
                        كلَّ أرقام النخيل
                        وكلَّ أسماء الشوارع والأزقَّة سابقاً أو لا حقاً
                        وجميعَ مَنْ ماتوا بداء الحب والبلهارسيا والبندقيَّهْ
                        ما دَلني أحدٌ عليكِ
                        وأنتِ مصرْ

                        قد عانقتني نَخْلةٌ
                        فتزوَّجَتني
                        شَكَّلَتني
                        أنجَبَتْني الحبَّ والوطن المعذّبَ والهويَّهْ
                        ما دلّني أحَدٌ عليكِ
                        وجدتُ مقبرةً...فنمتُ
                        سمعتُ أصواتاً..فقمتُ
                        ورأيت حرباً ... فاندفعتُ
                        وما عرفتُ الأبجديَّهْ
                        قالوا : اعترفْ
                        قلت : اعترفتْ
                        يا مصر ! كِسرى سباكِ ولا الفراعنةُ
                        اصطفوكِ أميرةً أو سَّيدةْ !
                        قالوا : اعترفْ
                        قلتُ : اعترفتْ
                        ونوازت الكلماتُ والعضلاتُ
                        كانوا يقلعون أظافري
                        ويُقَشِّرون أناملي
                        ويبعثرون مفاصلي
                        ويفتِّشون اللحمَ عن أسرار مصرْ...
                        وتدفّقت مصرُ البعيدةُ من جراحي
                        فاقتربتْ
                        ورأيتُ مصر
                        وعرفتُ مصر
                        ما دلّني أحدٌ, خناجرهم تفتِّشني فيخرج شكلُ مصر
                        يا مصر ! لستِ خريطةً
                        قالوا : اعترفْ
                        قلت : اعترفتْ
                        واصلتُ يا مصر اعترافاتي
                        دمي غطّى وجوه الفاتحينَ
                        ولم يغطِّ دمي جبينَكِ , واعترفتُ
                        وحائط الإعدام يحملني إليك إليكِ...
                        أنتِ الآن تقتربين . أنت الآن تعترفينَ
                        فامتشقي دمي !
                        والنيلُ ينسى
                        ليس من عاداته أن يُرجع الغرقى
                        وآلافُ العرائس مَنْ تقاضى أجرها ؟
                        النيل ينسى
                        والقرى رفعتْ مآذنها وشكواها
                        وأخفتْ صدرها في الطينِ...
                        والمدنُ – الجنودُ الغائبون – الاتحادُ الاشتراكيُّ- المغني
                        راقصاتُ البطن – والسيّاحُ – والفقراءُ
                        سبحان الذي يعطي ويأخذُ !
                        ليس من عادات هذا النيل أن يصغي إلى أحدٍ
                        كأنَّ النيل تمثالٌ من الماء استراح إلى الأبد
                        ماذا يقول النيلُ
                        لو نطقتْ مياه النيلِ ؟
                        يسكت مّرةً أخرى
                        وينساني...
                        لتسكتْ جوقة الإنشاد حول جنازتي !
                        وخذي عن الجثمان أعلامَ الوطن
                        يا مصر ! تحيا مصر .. تحيا مصر... تحيا مصرُ
                        غطّي حفنة من رمل سيناء التي ابتعدتْ عن العينين
                        والتجأتْ إلى الرئتين
                        وامتشقي دمي
                        وخذي عن الجثمان أعلام الوطن
                        سيناء ليس كفن !
                        والنيلُ ينسى
                        ماذا يقول النيلُ’ لو نطقتْ مياهُ النيلِ ؟
                        يسكت مرةً أخرى
                        ولا يستقبل الأسرى
                        ليسكت ههنا الشعراءُ والخطباءُ
                        والشّرطيُّ والصحفيُّ
                        إنّ جنازتي وصلت
                        وهذي فرصتي يا مصرُ.. أعطيني الأمان
                        يا مصر ! أعطيني الأمان
                        إني حرستُك . كانت الأشياء آمرةً وآمنةً وكان المطربُ
                        والسميُّ يصنع من نسيج جلودنا وَتَرَ الكمان
                        ويُطْربُ المتفرِّجين
                        قد زيَّفوا يا مصر حنجرتي
                        وقامةَ نخلتي
                        والنيل ينسى
                        والعائدون إليك منذ الفجر لم يَصِلوا
                        ولستُ أقول يا مصر الوداع
                        شَبَّتْ خيول الفاتحين
                        زرعوا على فمك الكروم, فأينعتْ
                        قد طاردوكِ- وأنتِ مصر
                        وعذَّبوكِ- وأنت مصر
                        وحاصروكِ – وأنت مصر
                        هل أنت يا مصر ؟
                        هل أنت ... مصر !

                        يتبع

                        تعليق


                        • #57
                          تلك صورتها وهذا انتحار العاشق
                          عام 1975



                          وأريدُ أن أتقمص الأشجارَ :
                          قد كذب المساء عليه. أشهدُ أنني غطّيتهُ بالصمتِ
                          قرب البحرِ
                          أشهدُ أنني ودّعتُهُ بين الندى والانتحار .

                          وأُريدُ أن أتقمّص الأسوارَ :
                          قد كذب النخيلُ عليه أشهد أنه وجد الرصاصَةَ.
                          أنه أخفى الرصاصَةَ
                          أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار .

                          وأُريد أن أتقمص الحُرَّاسَ :
                          قد كذب الزمانُ عليه. أشهد أنه ضد البدايِة .
                          أنه ضد النهاية.
                          كانت الزنزانةُ الأولى صباحاً
                          كانت الزنزانة الأخرى مساء
                          كان بينها نهارْ.

                          وكأنّهُ انتحرَ
                          السماءُ قريبة من ساقِه
                          والنحل يمشي في الدم المتقدّمِ
                          الأمواجُ تمشي في الصّدى
                          وكأنه انتحرَ
                          العصافيرُ استراحت في المدى
                          وكأنه انتحرَ
                          احتجاجاً
                          أو وداعاً
                          أو سدى .

                          وكأنه انتحرَ
                          الظهيرةُ لا تمرُّ... ولا يمرُّ
                          كأنه انتحر
                          السماء قريبةٌ من ساقهِ
                          والنحل يمشي في الدم المتقدّمِ
                          البركان يولد بين حبّات الندى

                          والصوتُ أسودُ
                          كنت أعرف أنَ برقاً ما سيأتي
                          كي أرى صوتاً على حجر الظلام.
                          والصوتُ أسودُ
                          كنتُ في أوج الزفافْ
                          الطائرات تمرُّ في عرسي
                          - كتبتُ -
                          حبيبتي فحمٌ
                          - كتبتُ -
                          وكنتُ أعرف أنّ برقاً ما سيأتي
                          كي يعود المطربون إلى ملابسهمْ
                          وإنَّ الطائران تمرُّ في يومي
                          أنا المتكلّم الغائبْ
                          الطائرات تمرُّ في عرسي
                          فأختزلَ الفضاءَ، وأشتهي العذراءَ
                          إنَّ الطائرات تمرُّ في يومي وفي حُلمي تمرّ الطائرات
                          فأشتهي ما يُشْتَهى
                          وأُحبّ قبل الحبّ.

                          في زمن الدخان يضئ تُفّاحُ المدينة
                          تنزل الرؤيا إلى الجدرانِ
                          في زمن الدخان يخبّئ السجّانُ صورته ..
                          رأيتُ رأيتُ عصفورين يحتلاّن قُبّعةً
                          رأيت الذكريات تفرُّ من شُبّاك جارتنا
                          وتسقط في جيوب الفاتحين..
                          وأشتهي ما يُشتهى
                          والطائراتُ تمرّ
                          والزمن المُكَلّس ينتهي في الانهياراتِ
                          الأصابعُ ظلُّ ذاكرة على الجدرانِ
                          والدمُ نُطفةٌ أو بذرةٌ
                          لا لون لي
                          لا شكل لي
                          لا أمس لي
                          إن الشظايا حاصرتني
                          فاتّسعتُ إلى الأمامِ
                          وصرتُ أعلى من مدينتنا. أنا الشجر الوحيدُ
                          أنا الشظايا و .... الهدايا

                          تعليق


                          • #58
                            أرتديكِ، وأخلع الأيامَ
                            لا تاريخ قبل يديكِ
                            لا تاريخ بعد يديكِ
                            سمّوك ِ البديل
                            لأنَّ لون الثورة احتلَّ الكآبةَ
                            والغزاة يمشّطون يديكِ من آثار ظهري.
                            أرتديكِ، وأخلع الأيامَ
                            سمّوك البديلَ
                            وبدَّلوك ِ
                            كأنَّ أغنية ً تغيّر أو تطهّرُ أو تدمّرُ أو تفجّرْ .
                            هم يبحثون عن البكارة خندقاً
                            و يمارسون الغزو ضد الغزو في خلجان جسمكِ
                            أرتديكِ... وأخلع الأيامَ
                            سمّوك البديلَ
                            وهم ضحاياِكِ.
                            اتّسعْتُ إلى الأمام، وصحت بالأيام :
                            لي يومٌ
                            وخطوتُها ...
                            أنا ضدّ المدينةِ :
                            في زمان الحرب غطَّتني الشظيَّةُ
                            في زمان السلم غطّاني العراءْ :
                            عادوا إلى يافا. ولم أذهب
                            أنا ضد القصيدة:
                            غَيّرَتْ حزن النبي ولم تغيّر حاجتي للأنبياءْ.
                            والطائرات تعود من عرسي. تغادرني بلا سببٍ،
                            فأبحثُ عن تقاليدي، وموتايَ الذين يحاصرون الليل،
                            يقتربون من صدري، و يزدحمون في صدري
                            ولا يَصلون لا يصلون
                            كان يصيح بالأسوار :
                            لي يومٌ
                            وخطوتُهم
                            وكان البحر يرحل في المساء

                            وحضرتُ في جرحي وقمحك
                            لا لذاكرتي
                            ولا لقصيدة الآثارِ
                            لا لبكائك الصفصافِ
                            لا لنبوءة العرَّافِ
                            يومُكِ خارج الأيام والموتى
                            وخارج ذكريات الله والفرح البديل .

                            حدَّقْتُ في جرحي وقمحكِ
                            للأشعّة فيهما وطنٌ يدافع عن مسافته،
                            ويسقط عندما نمضي
                            ونسقط عندما نبقى حدوداً للأشعةِ
                            والمدينةُ قرب حنجرتي تغني حين تسقط في مرايا النهرِ
                            صوتي ليس لافتةً
                            ولكني أسمّيك البديل .

                            حدَّقت في جرحي
                            سأتّهمُ المدينة بالعذوبة والجمال الشائع الموروثِ
                            من جبل جميل.
                            هبطتْ نساء من قشور الضوءِ
                            جاء البحرُ من نومي على الطرقاتِ
                            جاء الصيف من كسل النخيل .
                            أحصيتُ أسباب الوداعِ
                            وقلتُ :
                            ما بيني وبين اسمي بلادٌ
                            ليس لي لغةٌ
                            ولكني أُسمّيك البديل .

                            ضدَّ العلاقةِ :
                            أن يجيء الوجهُ مثل الزرقة الخضراءِ
                            أن يمضي لأرسمه على جدران هذا السجن
                            أن يغزو شراييني ويخرج من يدي -
                            هذا هو الحبُّ الجميل .
                            وأُحبّ أن تأتي لتمضي.
                            طائراتٌ
                            طائراتٌ
                            طائراتٌ
                            حاور السجّانُ صمتي
                            قال صمتي برتقالاً
                            قال صمتي هذه لغتي
                            وأرَّختُ اللقاء.
                            الصخرُ يهتف لاسمكِ الوحشي كُمّثرى
                            وأسأل: هل تزوّجتِ الجبال
                            ووصمتي بالعار والسفح البطيء؟

                            وأُصدّقُ الراوي، وأنكسُر :
                            الرجالْ
                            يبقون كالندم... الخطيئة... والبنفسج فوق أجساد النساء.
                            وأُصدّق الراوي ، وأنفجرُ :
                            النساءْ
                            يذهبن كالعنب... الغبار... وضربة الحُمّى
                            عن الذكرى وأجساد الرجال .


                            وأُصدّقُ الراوي
                            ولا أجد الإشارة والدليل
                            وأكذّب الراوي
                            ولا أجد البنفسج والحقول .
                            إنَّ الدروب إليكِ تختنقُ ...
                            الدروب إليك تحترقُ ..
                            الدروبَ إليك تفترقُ ..
                            الدروب إليك حبلٌ من دمي
                            والليل سقفُ اللصِّ والقد ّيسِ
                            قُبّعة ُ النبيِّ وبزَّة البوليس
                            أنت الآن تتَّسعين
                            أنت الآن تتسعين
                            أرسم جثتي ويداك فيها وردتانْ
                            بيني وبينكِ خيمة أو مهرجان
                            بيني وبينك صورتان .
                            وأضيف كي تنسي وكي تتذكري:
                            بيني وبين اسمي بلاد.
                            حاور السجّان صوتي
                            قال صوتي : طائرات طائرات طائرات .
                            سجّانُ!. يا سجّانُ
                            لي وجه ٌ يحاول أن يراني
                            سجّانُ! يا سجّانُ
                            لي وجه ٌ أحاول أن أراهْ
                            لكنهم عادوا إلى يافا، ولم أذهب
                            أنا ضد القصيدةِ
                            ضد هذا الساحل الممتدّ من جرحي
                            إلى ورق الجريدة .
                            كثر الحياديون. أو كثر الرماديّون
                            قال البرتقالُ: أنا حيادي رماديّ
                            وقال الجرح: ما أصلُ العقيده ؟
                            قلتُ: أن تبقى و أمشي فيكَ كي أُلغيك ...
                            كي أشفيك َ منّي .
                            والسجن يتسع، البحار تضيق.

                            أشهدُ أنني غطيتُهُ بالصمت قرب البحر
                            أشهد أنني ودّعته بين الندى والانتحار .
                            و الطائراتُ تمر ّ في يومي
                            كأن الحرب عاداتٌ ولم أذهب إلى الحرب الأخيرةِ

                            تعليق


                            • #59
                              يخلع السجّان ألوني ويعطيني زماني كي أفكر فيك ِ أو بكِ.
                              كان يسألها ويسألها ويسألها :
                              متى تأتين من ساعات هذا السجن أو رئتي؟
                              متى تأتين من يافا ولا أمضي إلى بلدي؟
                              متى تأتين من لغتي؟
                              متى تأتين كي نمضي إلى جسدي !

                              أنا ضد العلاقة :
                              مرَّ عصفورٌ و غطّاني وسافرَ
                              مرّ عصفور وجمَّدني على الأحجار ظلاّ
                              هل يعيش الظلُّ؟
                              جاء الليل . جاء الليل. جاء الليلُ
                              من يدها ومن نومي .

                              أنا ضد العلاقةِ :
                              تشرب الأشجارُ قتلاها وتنمو في ضحاياها
                              أنا ضد العلاقةِ :
                              أن تكون بدايةُ الأشياء دائمة البداية
                              هذه لغتي .
                              أنا ضدّ البداية :
                              أن أواصل نهر موسيقى تورّخني وتفقدني تفاصيل الهوية
                              هذه لغتي .
                              أنا ضد النهايةِ :
                              أن يكون الشيء أوَّله وآخره وأذهبُ -
                              هذه لغتي..
                              وأشهدُ أنه مات، الفراشة، بائع الدم، عاشق الأبواب.
                              لي زنزانة ٌ تمتدُّ من سنة إلى .. لغةِ
                              ومن ليل إلى .. خيلِ
                              ومن جرح إلى .. قمحِ
                              ولي زنزانة جنسيّةٌ كالبحرِ
                              قال: حبيبتي موجٌ
                              وأمضى عمره في الحائط المتموّجِ... السقف القريبِ
                              وحمله الهاربْ.
                              أنا المتكلّم الغائبْ
                              سأنتظرُ انتظاري. كنتُ أعرفني
                              لأنَّ طفولتي رجلٌ أحِبُّ ..
                              أحبُّ امرأة تمرّ أمام ذاكرتي ونيراني .
                              ولا تبقى ولا تمضي .
                              أُحب يمامةً سميتُها بلدا .
                              أنا ضد العلاقة، والبداية، والنهاية، ضد أسمائي .
                              أنا المتكلّم الغائبْ
                              يغيبُ - رأيتُ عينيها
                              شهدْتُ سقوط نافذتي .
                              سماويّ هو البحر الذي سَرَقَ الشوارعَ
                              من يديها قُرب ذاكرتي.
                              يغيبُ -
                              وإنَّ أجراساً تدقُّ على المسافة بين خطوتها ومذبحتي.
                              سماويٌّ هو البحر الذي سرق الرسائلَ
                              من يديها قرب ذاكرتي.

                              وأحضرُ _ من وراء الشيء عبرَ الشيء
                              أحضرُ ملء قُبلتها على مرأى من النسيان
                              أحضرُ من خلاياها
                              ومن عامودها الفقريّ أحضرُ
                              من إصابتها ببرق الشهوة العسليّ
                              أحضرُ ملء رعشتها
                              على مرأى من النسيان
                              لي زمَنٌ تؤرّخُهُ بذورُ الجنس والعشب الذي يمتد
                              خلف الشيء والنسيان
                              أحضرُ
                              كنت شاهدَهُ وشاهدها
                              وصرت شهيده وشهيدها
                              آتي من الشهداءْ
                              إلى الشهداء
                              أنا المتكلّم الغائبْ
                              أنا الحاضر
                              أنا الآتي .

                              تعليق


                              • #60
                                والصوتُ أخضرُ
                                إنَّ شلاّل السلاسل والبلابل يلتقي في صرخة
                                أو ينتهي في مقبرهْ
                                والصوت أخضرُ
                                قال لي أو قُلْتُ لي: أنتم مظَاهَرَةُ البروق
                                وهم نشيد الاعتدال
                                والصوتُ موتُ المجزره .

                                ضدَّ القرنفل... ضد عطر البرتقال
                                ومع التراب... مع اليد الأخرى،
                                مع الكفّ التي تلج السلاسلَ والسنابلَ.
                                كدتُ أنسى . كاد ينسى التسميه :
                                أنتم جذوع البرتقال
                                وهُمُ نشيد الاعتدال.
                                والله لا يأتي إلى الفقراء، إذ يأتي، بلا سببٍ
                                وتأتي الأبجديةُ معولاً أو تسليه .
                                عادوا إلى يافا، وما عدنا
                                لأنَّ الله لا يأتي بلا سببٍ
                                ذهبنا نحو يافا - الأمنِيَة .
                                يا أصدقاء البرتقال - الزينة اتّحدوا !
                                فنحن الخارجين على الحنين... الخارجين على العبير
                                نسير نحو عيوننا... ونسير ضد المملكهْ
                                ضدَّ السماء لتحكم الفقراءَ
                                ضدَّ محاكم الموتى
                                وضدَّ القيد قومياً
                                وضدّ وراثة الزيتون والشهداءِ
                                نحن الخارجين من العراء
                                لتلبس الأشجارُ أثوابَ السماء نسير
                                ضدَّ المملكهْ
                                ضدَّ المغنّي حين يرضى
                                ضد اعتقال المعركهْ!
                                والصوتُ أخضرُ...
                                كان ينتظر المفاجأة - الجدارَ
                                يقول: يومٌ ما سيأتي من هواء البحرِ،
                                أو من خصرها المشدود بين الماء والأملاحِ
                                آخُذُ موجةً وأُعيدُ تركيبَ العناصر :
                                خصرَها
                                يدَها
                                نُعاسَ جفونها
                                وبُروقَ ركبتها .
                                سآخذ موجةً وتكون صورتها وأُغنيتي .
                                وأشهدُ أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار .

                                الأرض تبدأ من يديهِ
                                وكان يرمي الأرض بالأحلامِ
                                قنبلتي قرنفلتي
                                وحاول أن يموت فلم يَفُزْ بالموتِ
                                كان محاصراً بتشابُهٍ يعطي المساءَ مداه. ينتظر النتيجة :

                                كان لي يومٌ يكونْ
                                وفراشةٌ بَنَتِ السجون

                                والأرض تبدأ من يديهِ. وكان ضد الأرض...
                                ضد مساحة الصدَف التي تأتي وتذهب في الفصول .
                                المستحيل هويَّتي
                                وهويَّتي ورق الحقول
                                .
                                والأرض تبدأ من يديهِ. كأنني سجّانُ نفسي .
                                غاصتِ الجدرانُ في عضلاته ومحاولاتُ الانتحار .

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: Reem2Rabeh الوقت: 04-23-2025 الساعة 04:27 PM
                                المنتدى: ضبط وتوكيد الجودة نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-15-2025 الساعة 09:30 AM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-11-2025 الساعة 01:08 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: نوال الخطيب الوقت: 03-19-2025 الساعة 03:07 AM
                                المنتدى: الكمبيوتر والإنترنت نشرت بواسطة: عوض السوداني الوقت: 03-18-2025 الساعة 07:22 AM
                                يعمل...
                                X