إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلة في حياة الشاعر محمود درويش

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    يا من يحنُّ إليك نبضي
    هل تذكرين حدود أرضي !

    والأرض تبدأ من يديه، ومن زغاريد القرى البيضاءِ
    تبدأ من دفاتر صِبْيَةٍ يتعلمون
    الأبجديةَ فوق ألغام الحروب وخلف أبواب النهار :

    جاء وقتُ الانفجارْ
    وعلى السيف قمرْ
    وطني ليس جدارْ
    وأنا لستُ حجرْ

    والأرض تبدأ من يديه ومن نهايتها .
    ويسأل: أين وقتي؟
    قال: إنَّ الوقت من قمحٍ
    وقال: رصاصة أولى تثير الأرض توقظها،
    فتنكشف
    الفضائح والعصافيرُ العنيفةُ واحتمالاتُ البداية .
    من هنا... من هذه الأجراس في جدران سجني
    يبدأ الوقت الفدائي
    أُخرجي من أيّ ضلعِ
    خنجراً أو سوسنه
    وادخلي في أيّ ضلعِ
    خنجراً أو سوسنه .

    والأرض تبدأ من نسيج الجرح - أشبُهها
    وأمشي فوق رأس الرمح - تشبهني
    وأمشي في لهيب القمح
    واشتعلتْ يداهُ
    فرأى يدين جديدتين
    يدين حافيتين
    هل سقط الجدار؟
    سقطتْ كواكبُ فوق عينيه، فغنّى أو تنفس :
    إنّ قنبلتي قرنفلتي
    أُريد الانتحار الانتحار الانتحار.

    - من أين يبدأ جسمه؟
    * من كلّ قيد وانكسار
    قال للبركان : يا بيتي البديل
    وجدتُ وقت الانفجار.

    تعليق


    • #62
      والياسمينُ اسمٌ لأمّي: قهوةُ الصبحِ.
      الرغيفُ الساخنُ. النهرُ الجنوبُّي. الأغاني
      حين تتكئ البيوتُ على المساء
      أسماء أمّي.

      - من أين تبدأ أرضه ُ؟
      من جسمه المحتلّ بالمستعمرات .
      الطائرات. الانقلابات. الخرافات. الأناشيدِ
      الرديئةِ، والمواعيد البطيئة .

      والياسمين اسمٌ لأمّي. باقةُ الزَّبَدِ.
      الأغاني حين تنحدر الجبال إلى الخريف. القطنُ.
      أصواتُ البواخر حين تمخرني،
      وأسماء السبايا والضحايا.
      وأسماءُ أمي .

      - من أين يبدأ صوتُهُ؟!
      من أوّل الأيام حين تبارَزَ الحكماء في مدح النظام
      ومُتعة السَّفر البعيد
      فأتى ليرميهم بجُثَّتِهِ
      وكان دويّها... والأنبياء،

      لكُمُ انتصاراتٌ ولي حُلمٌ
      دمي يمشى وأتبعه - إليها
      لكُمُ انتصارات ولي يومٌ
      وخطوتُها...
      فيا دَميَ اختصرني ما استطعتْ .

      وأُريدها :
      من ظلّ عينيها إلى الموج الذي يأتي من القدمين،
      كاملة الندى والانتحارِ
      وأُريدها:
      شجرُ النخيل يموت أو يحيا .

      وتتّسع الجديلةُ لي
      وتختنق السواحل في انتشاري

      وأُريدها:
      من أول القتلى وذاكرة البدائيّين
      حتى آخر الأحياء
      خارطةً
      أُمزّقها وأُطلّقها عصافيراً وأشجاراً
      وأمشيها حصاراً في الحصار .
      أمتدُّ من جهة الغد الممتدّ من جهة انهياراتي العديدة
      هذه كفّي الجديدة
      هذه ناري الجديدة

      وأُمعْدنُ الأحلام
      هل عادوا إلى يافا ولم تذهبْ؟
      سأذهب في دمي الممتد فوق البحر فوق البحر فوق البحر
      هل بدأ النزيف؟
      أُريدها .
      قد أحرقتني من جهات البحر،
      والحُراسُ ناموا عند زاوية الخريف .
      والوقتُ سرداب وعيناها نوافذ عندما امشي إليها .
      وأُريدها
      زمني أصابعها. أعود ولا أعود
      أُسرّحُ الماضي وأعجنه تراباً
      ليست الأيام آباراً لأنزلَ
      ليست الأيام أمتعة لأرحلَ
      لا أعودُ...
      لأنها تمشي أمامي في يدي .
      تمشي أمامي في غدي .
      تمشي أمامي في انهياراتي .
      وتمشي في انفجاراتي .
      أعودُ...
      لأنها ذرًّاتُ جسمي. أيُّ ريح لم تبعثرني علي الطرقات .
      كان السجن يجمعني. يُرَتّبني وثائقَ أو حقائق
      أيُّ ريح لا تبعثرني
      أعودُ...
      لأنها كفني. أعود لأنها بدني
      أعود
      لأنها
      وطني
      أعود
      وستضمرين النار .
      قالت: أين كنتَ
      ففرّ من يديها إلي اليوم المرابط خلف قامتها .
      وغنّي: أيها النّدَمُ اختصرني بندقيّه
      قالت : لتقتلني؟
      فقال: لكي أُعيد لي الهويَّه .

      وقفتْ, كعادتها, فعاد من انحناءتها إلي قدميهِ
      كان طريقهُ طرقاً وكان نزيفُهُ أفقاً
      وكان يدور في الماضي ولا يجد اليدين
      وكان يحلم باكتمال الحلمِ
      ما بيني وبين بلادٌ.
      حين سمّيت البلاد فقدتُ أسمائي. وحين مررتُ باسمي
      لم أجد شكل البلاد .
      الحلم جاء الحلم جاء وكان يسأله :
      منِ الأصلُ العيون أم البلاد؟ .
      حين انحنتْ في الريحِ
      قال: تكون قنطرةً وأعبرها إليها
      وبني أصابعه من الخشب المخبّأ في يديها .
      البندقيةُ والفضاء وآخر القتلي. سأدفن جُثّتي في راحتيها .
      قال المغنّي للضفاف :
      الفرقُ بين الضفتين قصيدتي .

      قال المهاجر للوطنْ :
      لا تنسني .
      والياسمينُ اسمٌ لأمي. والزمنْ
      عشبٌ علي الجدرانِ

      تعليق


      • #63
        قال البحر. قال الرمل. قال البيت.
        قال الحقل. قال الصمتُ.
        لكنَّ المغنّي قال قرب الموت :
        إنَّ الفرق بين الضفتين قصيدتي
        وأراد أن يلغي الوطن
        وأراد أن يجد الوطن .
        هل تُكلمين البحر؟
        هل تأتين من ساعات هذا الموج
        أم تأتين من رئتي... وهل تأتين ؟
        هل نمشي علي السكين برقاً
        أم دماً نمشي؟
        أحبّكِ... أم أحبُّ نتيجتي في حُبّكِ التكوين؟
        قد قالت لي الأيامُ :
        إذهب في الزمانِ
        تجد مكانك جاهزاً في وقت عينيها
        فقلتُ: العمرُ لا يكفي لقُبلتها
        وهذا العمر...
        قد قالت لي الأيامُ :
        اذهب في المكانِ
        تجد زمانك عائداً في موج عينيها
        فقلت: الجسمُ لا يكفي لنظرتها
        وهذا البحر
        ما اسمُ الأرض ؟
        بجرٌ أخضرٌ. آثار أقدام. دويلاتٌ. لصوص. عاشقات .
        أنبياء. آهِ ما اسمُ الأرض؟
        شكلُ حبيبة يرميكَ قرب البحر.
        ما اسمُ البحر؟
        حدُّ الأرض. حارسُها. حصار الماء أزرقُ أزرقُ
        امتدَّتْ يدان إلى عناق البحر فاحتفل القراصنةُ
        البدائيّون والمتحضرون بجُثّةٍ. فصرختُ :أنت
        البحرُ. ما اسمُ البحر؟
        جسمُ حبيبة يرميك قرب الأرض .

        قد قالت لنا الأيّام :
        تلتقيان. تلتحمان. تنهمران
        قلت: لها انفجاراتٌ
        كأنَّ البرتقال لهيبُها الأبديُّ
        تنفجرين. تنفجرين. تنفجرين في صدري وذاكرتي .
        وأقفز من شظاياك الطليقة وردةً، ورصاصةً
        أولى، وعصفوراً على الأفق المجاورْ
        ولي امتدادٌ في شظاياك الطليقة .
        إنَّ نهراً من أغاني الحب يجري في شظيَّهْ .
        قد بعثرتني الريحُ، فاختنقت بأصوات الملايينِ
        ارتفعتُ على الصدى وعلى الخناجر .
        شكراً! أنام على الحصى فيطير
        شكراً للندى .
        وأمرَّ بين أصابع الفقراء سنبلة، ولافتةً، وصيغةَ بندقيّه .
        ضدَّ اتجاه الريحِ
        تنفجرين تنفجرين في كل اتجاهٍ
        تنتهي لُغّةُ الأغاني حين تبتدئين
        أو تجدُ الأغاني فيك معدنها... رصاصتها... وصورتها
        أقول: البحرُ لا
        والأرض لا
        بيني وبينك "نحنُ"
        فلنذهب لنلغينا و بتّحد الوداع.

        الآن أُغنيتي تمُرُّ ..
        تمرُّ أُغنيتي على أُفق نبيذيّ .
        ويسقط في أغانيك البياض .
        الآن أغنيتي تمرّ.. أغنيتي على مُدُن السواد.
        فتسرّحين الشّعر، أو تتناثرين على الخرائط والبلاد .
        والآن أُغنيي تمرّ. ..
        تمرُّ أغنيتي على حَجرٍ فيزهر في يديكِ اسمي ويتّحد اللقاء
        ماتوا ولا تدرين. لكنَّ الجدار يقول ماتوا في تساقطه
        ولا تدرين. ماتوا ...
        تلك أغنيتي ووجهك طائرٌ ومدى
        يودّعنى الوداع
        وساعةُ الدم دقّت الموتى
        وموعدَنا النحاسيّ، الدخانيّ، الحريريّ المزود بالزلازل
        والمقيّدَ بالجدائل .
        الآن تنتحرين... تنتصرين... تنطفئين...تشتعلين في
        الميدان والنسيان
        دقّتْ ساعةُ الدمِ
        دقّتِ الموتى
        ليفتتحوا نشيدَ الفرق بين العشق واللغة الجميلهْ.
        هو أنتِ
        أنتِ أنا
        يغيبُ الحاضرُ العلنيُّ .
        يأتي الغائب السريُّ...
        يلتحمان ..
        يتحدان في المتكلّم المفقود بين البحر والأشجار والمدن الذليلة .

        والآن أشهد أنني غطّيته بالصمت قرب البحر ..
        أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار .
        قال: انتحرتُ. وردَّ معتذراً: أتيتُ .
        وقال حارسُهُ الزمانيُّ: انتحاركَ انتصار .
        الانتحار - الانتصار يمد ُّ جسراً
        هكذا يبنون نهراً
        قال: ماتوا
        ردَّ معتذراً: لقد وضعوا حدود الانتحار .

        والآن أغنيتي نمرُّ... تمرُّ أغنيتي
        وتلتحق الخطى بدمي
        دمي المتقدّمِ
        الفتياتُ تخرجُ من أزيرِ الطائراتِ
        البحرُ يخرجُ من خدوشِ الاسطواناتِ
        المدينة ُ قد أعدَّتْ عُرْسها
        وجنازتي
        وتمرُّ أغنيتي، وترمي عادة الأزهار في الأنهار.
        سيّدتي! سأُهديك انتحاري الساطعَ اختصري نعاسكِ
        وانفجار الشارعِ، اختصري المسافة بين
        سكّيني وصدري
        واستقرّي أنتِ بينهما بلاد .
        النهرُ يعفيني من التاريخ
        والجلاّد أعفاني من الذكرى
        فأنسى حصتي من جثتي الأخرى
        وأُهديك التتمّة والحوار .

        قال انتحرتُ .
        وردّ معتذراً: أتيت .
        وقال حارسه: رأيتُ القمح ملء يديه .
        عند الانتحار
        كانت يداهُ خريطتين: خريطة للحلم تمطر حنطة ً
        وخريطة ً لمحاورات الانتظار
        والطائرات؟ سألتُ
        قال : تمرُّ في يومي القديم.. يحَلّقُ الأطفال .
        يبتهجون في السنة الجديدة. يجعلون البحر أصغر من زوارقهم
        أنا أعتاد هذا الموت. أعتاد الرحيل إلى النهار.

        والآن أشهد أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار.

        الحلم يأخذ شكله
        فيخاف
        لكن المدينة واقفهْ
        في أوج قيدي
        وانفجار العاصفه
        مَطٌر على خيلٍ
        وأعددنا لك الفرح الترابيَّ الجديد
        خيل على ليلٍ
        وأعددنا لك الفصح الخواتم والنشيد
        والحلم يأخذ شكله
        ويصير صورتك العنيفة
        موتي: أو اختصري هنا موتاك
        كوني ياسميناً أو قذيفه .
        والحلم يأخذ شكله
        فيخاف
        لكنَّ المدينة واقفه
        في قمّة الجرح الجديد
        وفي انفجار العاصفهْ.
        ماذا تقول الريح؟
        نحن الريح نقتلع المراكب والكواكب
        والخيام مع العروش الزائفه
        ماذا تقول الريحُ
        نحن الريحُ
        ننشر عار فخذيك السماويينِ
        ننشر عارنا
        ونُطيل عمر العاصفه .
        ليلٌ على موتٍ
        وأعددنا لك المهدَ الحضانةَ والجبلْ
        والحلم يشبهنا
        ويشبهكِ المغني والمنادي والبطلْ
        والحلم يأخذ شكله
        فيخاف
        لكنَّ المدينة واقفهْ
        في شغلة النار الطليقة
        في شرايين الرجال
        ذوبي! أو انتشري رماداً أو جمال
        ماذا تقول الريح؟
        نحن الريح
        نحن الريح
        نحن الريح..

        يتبع

        تعليق


        • #64
          مختارات من ديوان أعراس
          عام 1977

          قصيدة الرمل


          إنَّه الرملُ
          مساحاتٌ من الأفكار و المرأةِ،
          فلنذهب مع الإيقاع حتى حتفنا
          في البدء كان الشجر العالي نساء
          كان ماء صاعداً، كان لغة.
          هل تموت الأرض كالإنسان
          هل يحملها الطائر شكلاً للفراغ؟
          البداياتُ أنا
          و النهاياتُ أنا
          و الرمل شكل و احتمال.
          برتقال يتناسى شهوتي الأولى.
          أرى في ما أرى النسيانَ، قد يفترسُ الأزهارَ و الدهشةَ ،
          و الرملُ هو الرملُ. أرى عصراً من الرمل يغطينا ،
          و يرمينا من الأيام.
          ضاعت فكرتي و امرأتي ضاعتْ
          و ضاع الرمل في الرملِ..
          البداياتُ أنا
          و النهاياتُ أنا
          و الرمل جسم الشجر الآتي ،
          غيومٌ تشبه البلدانَ.
          لونٌ واحدٌ للبحر و النومِ.
          و للعشاق وجهٌ واحدٌ ،
          ... و سنعتاد على القرآن في تفسير ما يجري،
          سنرمي ألفَ نهرٍ في مجاري الماء.
          و الماضي هو الماضي ، سيأتي في انتخابات المرايا
          سيِّدَ الأيّامِ.
          و النخلةُ أمُّ اللغة الفصحى.
          أرى، في ما أرى، مملكة الرمل على الرمل
          و لن يبتسم القتلى لأعياد الطبولْ
          و وداعاً... للمسافات
          وداعاً... للمساحات
          وداعاً للمغنين الذين استبدلوا((القانون))بالقانون كي
          يلتحموا بالرمل...
          مرحى للمصابين برؤيايِ، و مرحى للسيولْ.
          البداياتُ أنا
          و النهاياتُ أنا
          أمشي إلى حائط إعدامي كعصفورٍ غبيٍّ،
          و أظن السهمَ ضلعي
          و دمي أغنيةَ الرمّان. أمشي
          و أغيب الآن في عاصفة الرمل،
          سيأتي الرمل رملياً
          و تأتين إلى الشاعر في الليل، فلا
          تجدين الباب و الأزرق،
          ضاعت لفظتي و امرأتي ضاعتْ..
          سيأتي... سوف يأتي عاشقان
          يأخذان الزنبق الهارب من أيامنا
          و يقولان أمام النهر:
          كم كان قصيراً زمن الرمل
          و لا يفترقان
          البداياتُ أنا
          و النهاياتُ أنا

          تعليق


          • #65
            الحديقة النائمة

            سرقتُ يدي حين عانقها النومُ ,
            غطَّيتُ أحلامها ,
            نظرتُ إلى عسل يختفي خلف جفنين,
            صلَّيتُ من أجل ساقين معجزتين,
            انحنيت على نبضها المتواصل ,
            شاهدتُ قمحاً على مرمر ونعاس ,
            بكت قطرة من دمي
            فارتجفتُ....
            الحديقةُ نائمةٌ في سريري

            ذهبت إلى الباب,
            لم التفت نحو روحي التي واصلت نومها
            سمعت رنين خطاها القديم وأجراس قلبي
            ذهبت إلى الباب
            - مفتاحها في حقيبتها
            وهي نائمة كالملاك الذي مارس الحب -
            ليل على مطر في الطريق , ولا صوت يأتي
            سوى نبضها والمطر

            ذهبتُ إلى الباب ,
            ينفتح الباب ,
            أخرج
            ينغلق الباب ,
            يخرج ظلي ورائي
            لماذا أقول وداعاً ؟
            من الآن صرت غريباً عن الذكريات وبيتي
            هبطت السلالم,
            لا صوت يأتي
            سوى نبضها والمطرْ
            وخطوي على دَرَج نازلٍ
            من يديها إلى رغبة في السفرْ

            وصلتُ إلى الشجرهْ
            هنا قبلتني
            هنا ضربتني صواعقُ من فضة وقرنفل
            هنا كان عالمها يبتدئ
            هنا كان عالمها ينتهي
            وقفتُ ثوانَي من زنبق وشتاء,
            مشيتُ,
            ترددتُ’
            ثم مشيتْ’
            أخذتُ خطاي وذاكرتي المالحهْ
            مشيتُ معي.

            لاوداع ولا شجرهْ
            فقد نامت الشهوات وراء الشبابيك,
            نامت جميع العلاقات,
            نامت جميع الخيانات خلف الشبابيك,
            نام رجال المباحث أيضاً...

            وريتا تنام ...تنام وتوقظ أحلامها
            في الصباح ستأخذ قبلتها’
            وأيامها,
            ثم تحضر لي قهوتي العربية
            وقهوتها بالحليب
            وتسأل للمرة الألف عن حبِّنا
            وأجيب
            بأني شهيد اليدين اللتين
            تعدان لي في الصباح

            وريتا تنام... تنام وتوقظ أحلامها
            - نتزوج ؟
            نعم
            - متى ؟
            حين ينمو البنفسج
            على قبعات الجنود

            طويت الأزقة , مبنى البريد’ مقاهي الرصيف , نوادي
            الغناء , وأكشاك بيع التذاكر
            أحبك ريتا . أحبك . نامي وأرحل
            بلا سبب كالطيور العنيفة أرحل
            بلا سبب كالرياح الضعيفة أرحل
            أحبك. ريتا .أحبك نامي
            سأسأل :
            أما زلت نائمة
            أم صحوت من النوم....
            ريتا ! أحبك ريتا
            أحبك..

            تعليق


            • #66
              أعراس

              عاشقٌ يأتي من الحرب إلى يوم الزفافْ
              يرتدي بدلتَهُ الأولى
              ويدخلْ
              حلبة الرقص حصاناً
              من حماس وقرنفلْ
              وعلى حبل الزغاريد يُلاقى فاطمهْ
              وتُغنّي لهما
              كل أشجار المنافي
              ومناديل الحداد الناعمهْ
              ذَبّلَ العاشقُ عينيه
              وأعطى يَدَهُ السمراء للحنّاء
              والقطن النسائيّ المقدس
              وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات
              طائرات
              طائرات
              تخطفُ العاشقَ من حضن الفراشهْ
              ومناديل الحداد
              وتغُّني الفتيات :
              قد تزوّجْتَ
              تزوّجت جميع الفتيات
              يا محمّد ! !‍
              وقضيتَ الليلة الأولى
              على قرميد حيفا
              يا محمّد !
              يا أمير العاشقين
              يا محمّد !
              وتزوَّجتَ الدوالي
              وسياج الياسمين
              يا محمّد !
              وتزوّجت السلالمْ
              يا محمّد !
              وتقاوم
              يا محمّد !
              وتزوّجْتَ البلاد
              يا محمّد !
              يا محمّد !

              تعليق


              • #67
                قصيدة الخبز


                كان يوماً غامضاً....
                تخرجُ الشمسُ إلى عاداتها كسلى
                رمادٌ مَعْدنُّي يملأ الشرقَ...
                وكان الماءُ في أوردة الغيمِ
                وفي كل أنابيب البيوتْ
                يابساً
                كان خريفاً يائسا في عمر بيروتَ
                وكان الموتُ يمتدُّ من القصرِ
                إلى الراديو إلى بائعة الجنس إلى سوق الخضار
                ما الذي أيقظك الآن
                تمام الخامسهْ؟
                كان إبراهيمُ رسّامَ المياه
                وسياجاً للحروب
                وكسولاً عندما يوقظُهُ الفجرُ
                ولكنَّ لإبراهيمَ أطفالاً من الليْلَكِ والشمسِ
                يريدون رغيفاً وحليب
                كان إبراهيمُ رسّاماً وأب
                كان حيّاً من دجاج وجنوب وغضب
                وبسيطاً كصليب

                المساحاتُ صغيرهْ
                مقعدٌ في غرفة . لا شئ...لا شئ
                وكان الرسُم بالماء وطنْ
                والتفاصيلْ لكمْ وجهي أنا برقيَّةٌ
                هل تقرأون الماءَ كي نتَّفق الآن ؟
                البياضُ الأسود احتلَّ المسافات
                أنا الورد الذي لا يومئُ
                القيدُ الذي يأتي من الحرية - الفوضى
                أو العجز الذي يأخذ شكل الوطن – البوليس
                هل كان الوطنْ
                انطباعاً أم صراعاً ؟
                وضياعاً أم خلاصْ
                كان يوماً غامضاً....
                وجهي أنا برقَّيةُ الحنطة في حقل الرصاص

                ما الذي أيقظك الآن
                تمام الخامسهْ ؟
                إنهم يغتصبون الخبز والإنسان
                منذ الخامسهْ !..

                لم يكن للخبز في يوم من الأيّامِ
                هذا الطعمُ ’ هذا الدمُ
                هذا الملمسُ الهامسُ
                هذا الهاجسُ الكونيُّ
                هذا الجوهرُ الكليُّ
                هذا الصوتُ هذا الوقتُ
                هذا اللونُ هذا الفنُّ
                هذا الاندفاعُ البشريُّ.السرُّ. هذا السِّحرُ
                هذا الانتقالُ الفذُّ

                من كهف البدايات إلى حرب العصابات
                إلى المأساة في بيروت
                من كان يموت
                في تمام الخامسهْ؟

                كان إبراهيم يستولى على اللون النهائيّ
                ويستولي على سرِّ العناصرْ
                كان رسّاماً وثائر
                كان يرسمْ
                وطناً مزدحماً بالناس والصفصاف والحرب
                وموج البحر والعمال والباعة والريف
                ويرسمْ
                جسداً مزدحماً بالوطن المطحون
                في معجزة الخبزِ
                ويرسمْ
                مهرجان الأرض والإنسان ,
                خبزاً ساخناً عند الصباح
                كانت الأرض رغيفاً
                كانت الشمس غزالهْ
                كان إبراهيم شعباً في رغيف
                وهو الآن نهائيٌّ.. نهائيٌّ
                تمام السادسهْ
                دَمُهُ في خبزه
                خبزُهُ في دمه
                الآن
                تمام السادسهْ !

                تعليق


                • #68
                  حالات وفواصل


                  1- هكذا قالت الشجرة المهملة

                  خارج الطقس ,
                  أو داخل الغابة الواسعهْ
                  وَطَني.
                  هل تحسُّ العصافير أنّي
                  لها
                  وَطَنٌ...أو سَفَرْ ؟

                  إنني أنتظرْ...

                  في خريف الغصون القصيرْ
                  أو ربيع الجذور الطويل
                  زَمَني.هل تحسُّ الغزالة أنّي
                  لها
                  جَسَدٌ... أو ثَمَرْ؟

                  إنني أنتظرْ...

                  في المساء الذي يتنزه بين العيون
                  أزرقاً , أخضراً ’ أو ذَهَبْ
                  بَدَني
                  هل يحسُّ المحبّون أني
                  لهم
                  شرفةٌ ... أو قمرْ؟
                  إنني أنتظر...

                  في الجفاف الذي يكسرُ الريح
                  هل يعرف الفقراء
                  أنني
                  منبع الريح؟ هل يشعرون بأني
                  لهم
                  خنجرٌ...أو مطرْ ؟
                  إنني أنتظر...

                  خارجَ الطقس,
                  أو داخل الغابة الواسعهْ
                  كان يهملني مَنْ أُحبُّ
                  ولكنني
                  لن أُودِّع أغصاني الضائعهْ
                  في زحام الشجرْ

                  إنني أنتظر...

                  2- قطار الساعة الواحدة

                  رَجُلٌ وامرأةٌ يفترقانْ
                  ينقضان الورد عن قلبيهما ’
                  ينكسرانْ
                  يخرج الظلُّ من الظلّ

                  يصيران ثلاثة :
                  رجلاً
                  وامرأةً
                  والوقتَ...

                  لا يأتي القطارْ
                  فيعودان إلى المقهى
                  يقولان كلاماً آخراً,
                  ينسجمان
                  ويحبان بزوغ الفجر من أوتار جيتار
                  ولا يفترقان...

                  ....وتلفتُّ أجيل الطرفَ في ساحات هذا القلب
                  ناداني زفاق ورفاق يدخلون القبو والنسيان في مدريد.
                  لا أنسى من المرأة إلاّ وجهها أو فَرَحي...
                  أنساكِ أنساكِ وأنساكِ كثيراً

                  لو تأخرنا قليلاً
                  عن قطار الواحدهْ.
                  لو جلسنا ساعةً في المطعم الصينيّ,

                  لو مَرَّتْ طيورٌ عائدهْ.
                  لو قرأنا صحف الليل
                  لكنا
                  رجلاً وامرأة يلتقيان....

                  تعليق


                  • #69
                    3- لمساء آخر

                    كُلُّ خوخ الأرض ينمو في جَسَدْ
                    وتكون الكلمهْ
                    وتكون الرغبة المحتدمهْ
                    سقط الظل عليها
                    لا أحدْ
                    لا أحدْ..

                    وتغني وحدها
                    في طريق العربات المهملهْ
                    كلُّ شيء عندها
                    لقبٌ للسنبلهْ
                    وتغني وحدها :

                    البحيراتُ كثيرهْ
                    وهي النهر الوحيد
                    قصتي كانت قصيرهْ
                    وهي النهر الوحيد
                    سأراها في الشتاء
                    عندما تقتلني
                    وستبكي
                    وستضحك
                    عندما تقتلني
                    وأراها في الشتاء

                    إنني أذكرُ
                    أو لا أذكرُ
                    العمر تبخَّرْ
                    في محطات القطارات
                    وفي خطوتها
                    كان شيئاً يشبهُ الحبَّ
                    هواء يتكسَّرْ
                    بين وجهين غريبين,
                    وموجاً يتحجَّرْ
                    بين صدرين قريبين ,
                    ولا أذكرها...
                    وتغني وحدها
                    لمساء آخر هذا المساء
                    وأنادي وردها
                    تذهب الأرض هباء
                    حين تبكي وحدها.

                    كلماتي كلماتْ
                    للشبابيك سماء
                    للعصافير فضاء
                    للخطى دربٌ وللنهر مصبٌّ
                    وأنا للذكريات
                    كلماتي كلماتْ
                    وَهيَ الأولى أنا الأوَّلُ
                    كنا . لم نكن
                    جاء الشتاء
                    دون أن تقتلني...
                    دون أن تبكي وتضحك
                    كلمات
                    كلمات.

                    4- يوم أحد أزرق

                    تجلسُ المرأةُ في أغنيتي
                    تغزل الصوف’
                    تصب الشاي
                    والشباكُ مفتوحٌ على الأيامِ
                    والبحرُ بعيدْ....


                    ترتدي الأزرقَ في يوم الأحدْ’
                    تتسلى بالمجلاَّت وعادات الشعوب’
                    تقرأ الشعر الرومنتيكيَّ ,
                    تستلقي على الكرسيِّ’
                    والشباكُ مفتوح على الأيام ,
                    والبحرُ بعيدْ

                    تسمع الصوت الذي لا تنتظر
                    تفتح الباب,
                    ترى خطوة إنسان يسافر
                    تغلق الباب ,
                    ترى صورته . تسألها : هل أنْتَحِرْ؟
                    تنتقي موزارت,
                    ترتاح مع الأرض السماويَّةِ ,
                    والشباكُ مفتوحٌ على الأيامِ
                    والبحر بعيدْ.

                    .....والتقينا ,
                    ووضعتُ البحر في صحن خزف ,
                    واختفتْ أغنيتي
                    أنت ’ لا أغنيتي
                    والقلبُ مفتوحٌ على الأيامِ,
                    والبحر سعيدْ....

                    تعليق


                    • #70
                      5- حالة واحدة لبحار كثيرة

                      التقينا قبل الوقت في هذا المكانِ
                      ورمينا حجراً في الماء’
                      مرَّ السمكُ الأزرقُ
                      عادت موجتانِ
                      وتموَّجنا.
                      يدي تحبو على العطر الخريفيّ’
                      ستمشين قليلاً
                      وسترمين يدي للسنديانِ
                      قلتُ : لا يشبهكِ الموجُ
                      ولا عمري
                      تمدَّدْتُ على كيس من الغيم
                      وشقَّ السمكُ الأرزق صدري
                      ونفاني في جهات الشّعْر ’ والموتُ دعاني
                      لأموت الآن بين الماء والنار
                      وكانت لا تراني
                      إن عينيها تنامان تنامان..
                      سأرمي عَرَقي للعشب ’
                      لن أنسى قميصي في خلاياكِ’
                      ولن أنسى الثواني ’
                      وسأعطيك انطباعاً عاطفياً...
                      لم تقل شيئاً
                      سترميني إلى الأسماك والأشواك ,
                      عيناها تنامان تنامان....
                      سَبَقْنا حُلْمَنا الآتي ’
                      سنمشي في اتجاه الرمل صيادَيْنِ مقهورين
                      يا سيدتي !
                      هل نستطيع الآن أن نرمي بجسمينا إلى القطَّة
                      يا سيدتي ! نحن صديقان

                      ونَامَ السَّمَكُ الأزرق في الموج
                      وأعطتنا الأغاني
                      سرَّها ,
                      فاتضح الليلُ ,
                      أنا شاهدتُ هذا السر من قبل
                      ولا أرغب في العودة ,
                      لا أرغب في العودة
                      لا أطلب من قلبك غير الخفقانِ.

                      كيف يبقى الحلم حلماً
                      كيف
                      يبقى
                      الحلم
                      حلماً
                      وقديماً , شردتني نظرتان
                      والتقينا قبل هذا اليوم في هذا المكان !


                      6-الصهيل الأخير
                      وأصبُّ الأغنية
                      مثلما ينتحر النهرُ على ركبتها
                      هذه كل خلايايَ
                      وهذا عَسَلي ,
                      وتنام الأمنيهْ.
                      في دروبي الضيِّقهْ
                      ساحةٌ خاليةٌ,
                      نسرٌ مريضٌ’
                      وردة محترقهْ
                      حُلُمي كان بسيطاً
                      واضحاً كالمشنقهْ :
                      أن أقول الأغنيهْ.

                      أين أنتِ الآن ؟
                      من أي جبلْ
                      تأخذين القمر الفضّيَّ
                      من أيِّ انتظارْ ؟
                      سيّدي الحبَّ ! خطانا ابتعدتْ
                      عن بدايات الجبلْ
                      وجمال الانتحار
                      وعرفنا الأوديهْ

                      أسبقُ الموت إلى قلبي
                      قليلاً
                      فتكونين السفرْ
                      وتكونين الهواء
                      أين أنتِ الآن
                      من أي مطر
                      تستردين السماء ؟
                      وأنا أذهب نحو الساحة المنزويهْ

                      هذه كل خلاياي,
                      حروبي,
                      سُبُلي
                      هذه شهوتَي الكبرى
                      وهذا عسلي ,
                      هذه أغنيتي الأولى
                      أغني دائماً
                      أغنية أولى ,
                      ولكن
                      لن أقول الأغنية.

                      يتبع

                      تعليق


                      • #71
                        قصيدة تسجيلية

                        مديح الظل العالي
                        عام 1983


                        بحرٌ لأيلولََ الجديدِ . خريفُنا يدنو من الأبوابِ …
                        بحرٌ للنشيدِ المرِّ.
                        هيَّأنا لبيروتَ القصيدة َ كُلَّها .
                        بحرٌ لمنتصفِ النهار ِ.
                        بحرٌ لراياتِ الحمام ِ , لظلِّنا , لسلاحنا الفرديِّ
                        بحرٌ , للزمان ِ المستعار ِ
                        ليديكَ , كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ
                        من الإشارةِ وانتظاري
                        ضَعْ شكلنا للبحر ِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ
                        واحملْ فراغكَ .. وانكساري
                        .. واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيتهُ الأخيرة َ ,
                        واستطاع القلبُ أن يعوي , وأن يَعِدَ البراري
                        بالبكاء الحُرِّ..
                        بَحرٌ جاهزٌ من أجلنا
                        دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً.
                        ستتَّسعُ الصحاري
                        عمَّا قليلٍ , حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ ,
                        فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري
                        من ضحاياك, استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعٍ الزلزالِ,
                        أجمعُ صورتي من أجل موتكَ ,
                        خُذْ بقاياكَ , اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ . خُذْ قاموسَ
                        ناري
                        وانتصرْ
                        في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموع ِ
                        ومن رغيفٍ يابسٍ , حافٍ , وعارِ
                        وانتصرْ في آخر التاريخ ِ …
                        لا تاريخَ إلاّ ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري
                        قلنا لبيروت القصيدةَ كلها , قلنا لمنتصفِ النهارِ :
                        بيروت قلعتنا
                        بيروت دمعتنا
                        ومفتاحٌ لهذا البحر . كُنَّا نقطة التكوينِ ,
                        كنا وردةَ السور الطويل ِ وما تبقَّى من جدارِ
                        ماذا تبقَّى منكَ غيرُ قصيدةِ الروح ِ المحلِّق ِ في الدخان قيامةً
                        وقيامة ً بعد القيامةِ ؟ خُذْ نُثاري
                        وانتصرْ في ما يُمَزِّقُ قلبكَ العاري ,
                        ويجعلكَ انتشاراً للبذارِ
                        قوساً يَلُمُّ الأرضَ من أطرافها ..
                        جَرَساً لما ينساهُ سًكَّانُ القيامةِ من معانيكَ .
                        انتصرْ ,
                        إنَّ الصليب مجالُك الحيويُّ , مسراكَ الوحيدُ من الحصار إلى
                        الحصارِ .
                        بحرٌ لأيلولَ الجديدِ . وأنتَ إيقاعُ الحديدِ تَدُقُّني سُحُباً على الصحراء ِ,
                        فلتمطرْ
                        لأسحبَ هذهِ الأرضَ الصغيرة َ من إساري .
                        لا شيء يكسرنا ,
                        وتنكسر البلادُ على أصابعنا كفُخَّارٍ, وينكسرُ المسدَّسُ من
                        تلهُّفِكَ .
                        انتصرْ , هذا الصباحَ , ووحِّد الراياتِ والأممَ الحزينة َ والفصولَ
                        بكلِّ ما أُوتيتَ من شبق ِ الحياة ِ ,
                        بطلقةِ الطلقات ِ
                        باللاشيء
                        وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيةٍ …
                        بيروت قصَّتنا
                        بيروت غصَّتنا
                        وبيروت اختبارُ الله ِ .
                        يا الله
                        جرَّبناكَ جرَّبناكَ .
                        من أعطاك هذا اللُّغز؟ من سَمَّاكَ ؟
                        من أعلاك فوق جراحنا ليراكَ ؟
                        فاظهرْ مثل عنقاء الرماد من الدمارِ !
                        **************

                        تعليق


                        • #72
                          نَمْ يا حبيبي , ساعةً
                          لنمُرَّ من أحلامك الأولى إلى عطش البحار إلى البحارِ .
                          نَمْ ساعة ً , نَمْ يا حبيبي ساعة ً
                          حتى تتوب المجدليَّة ُ مرة ً أخرى , ويتَّضحَ انتحاري
                          نَمْ , يا حبيبي , ساعة ً
                          حتى يعود الرومُ , حتى نطردَ الحرَّسَ عن أَسوار قلعتنا ,
                          وتنكسرَ الصواري .
                          نَمْ ساعة ً . نَمْ يا حبيبي
                          كي نصفِّق لاغتصاب نسائنا في شارع الشَّرف التِّجاري
                          نَمْ يا حبيبي ساعة ً , حتى نموتْ
                          هيَ ساعة ٌ للانهيارِ ,
                          هيَ ساعة ٌ لوضوحنا
                          هيَ ساعة ٌ لغموض ِ ميلادِ النهارِ

                          ***************
                          أتموتُ في بيروت –لا تُولِمْ لبيروتَ الرغيفَ , عليكَ أَن تجد
                          انتظاري
                          في أناشيدِ التلاميذِ الصغارِ وفي فراري
                          من حديقتنا الصغيرةِ في اتجاه البحرِ –
                          لا تُولِمْ لبيروتَ النبيذ َ –عليك أن ترمي غباري
                          عن جبينكَ . أن تُدثِّرني بما ألِفَتْ يداك من الحجارةِ,
                          أن تموت كما يموتونَ ,
                          وأن تنامَ إلى الأبدْ
                          وإلى الأبدْ …
                          لا شيء يطلع من مرايا البحر في هذا الحصار ,
                          عليك أن تجد الجسد في فكرة , وأن تجدَ البلد
                          في جثةٍ أخرى , وأن تجد انفجاري
                          في مكان الانفجار ….
                          أينما وَلَّيتَ وجهكَ ..
                          كل شيء قابل للانفجار .
                          ************
                          الآن بحرْ ,
                          الآن بحرٌُ كله بحرٌ,
                          ومن لا برَّ لهْ
                          لا بحر لهْ
                          والبحرُ صورتُنا
                          فلا تذهبْ تماما
                          هي هجرة ٌ أخرى فلا تذهب تماما
                          في ما تفتَّحَ من ربيع الأرض, فيما فجَّرَ الطيرانُ فينا
                          من ينابيع ٍ. ولا تذهبْ تماما
                          في شظايانا لتبحث عن نبِّي فيكَ ناما
                          هي هجرة أخرى إلى ما لستُ أعرفُ …
                          ألفُ سهم ٍ شد خاصرتي ليدفعني أماما .
                          لا شيء يكسرنا
                          ومن أَدمى جبين الله , يا ابن الله , سمَّاهُ , وأنزلهُ كتاباً أو غماما
                          ************
                          كمْ كنتَ وحدك , يا ابن أُمِّي ,
                          يا ابنَ أكثرَ من أبٍ ,
                          كم كنتَ وحدكْ
                          القمحُ مرٌ في حقول ِ الآخرينْ
                          والماءُ مالحْ
                          والغيم فولاذ ٌ. وهذا النجمُ جارحْ
                          وعليك أن تحيا وأن تحيا
                          وأن تعطي مقابلَ حبةِ الزيتون جِلدَكْ .
                          كم كنت وحدكْ .
                          ************

                          تعليق


                          • #73
                            لا شيء يكسرنا , فلا تغرقْ تماما
                            في ما تبقى من دم ٍ فينا ..
                            لنذهبْ داخلَ الروح ِ المحاصر ِ بالتشابهِ واليتامى
                            يا ابنَ الهواءِ الصلبْ , يا ابن اللفظةِ الأولى على الجزر ِ القديمةِ ,
                            يا ابنَ سيدةِ البحيرات البعيدة , يا ابن من يحمي القدامى
                            من خطيئتهم , ويطبع فوقَ وجه الصَّخر برقاً أو حماما.
                            لحمي على الحيطانِ لحمكَ يا ابن أمي
                            جسدٌ لأضرابِ الظلالْ
                            وعليكَ أن تمشي بلا طُرُق ٍ
                            وراءً, أو أماما ,أو جنوباً ,أو شمالْ
                            وتُحرِّكَ الخطواتِ بالميزان ِ
                            حينَ يشاءُ مَنْ وهبوك قيدَكْ
                            ليزيِّنوكَ ويأخذوكَ إلى المعارض ِ كي يرى الزوارُ مجدكْ
                            كم كنت وحدك!
                            *********************
                            هي هجرةٌ أخرى ….
                            فلا تكتب وصيتكَ الأخيرة َ والسلاما .
                            سَقط َ السقوط ُ وأنت تعلو
                            فكرةً
                            ويداً
                            و..شاما!
                            لا بَرَّ إلا ساعداكْ
                            لا بحرَ إلاَّ الغامضُ الكحليُّ فيكْ
                            فتقمَّصِ الأشياءَ كي تتقمَّصَ الأشياءُ خطوتكَ الحراما
                            واسحبْ ظلالكَ عن بلاطِ الحاكم ِ العربي حتى لا يُعَلِّقَها
                            وساما
                            واكسرْ ظلالك كُلَّها كيلا يمدُّوها بساطاً أو ظلاما
                            ***********
                            كسروكَ , كم كسروكَ كي يقفوا على ساقيك عرشا
                            وتقاسموك وأنكروك وخبَّأوك وأنشأوا ليديكَ جيشا
                            حطوكَ في حجر ٍ … وقالوا: لا تُسَلِّم ْ
                            ورموك في بئر ٍ … وقالوا : لا تُسَلِّم ْ
                            وأطلْتَ حربَكَ , يا ابن أمِّي ,
                            ألفَ عام ٍ ألفَ عام ٍ ألفَ عام ٍ في النهار ِ.
                            فأنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرار .
                            هم يسرقون الآن جلدكْ
                            فاحذرْ ملامحهم …وغمدكْ
                            كم كنت وحدك , يا ابن أمِّي ,
                            يا ابن أكثر منْ أبٍ ,
                            كم كنت وحدكْ!…
                            ************
                            والآن , والأشياء سَيِّدَة ُ , وهذا الصمتُ عال ٍ كالذبابه
                            هلْ ندركُ المجهول فينا ؟ هل نُغَنِّي مثلما كنا نُغَنِّي ؟
                            سقطتْ قلاعٌ قبلَ هذا اليوم ِ, لكن الهواء الآن حامضْ .
                            وحدي أدافعُ عن جدار ٍ ليس لي
                            وحدي أدافعُ عن هواء ٍ ليس لي
                            وحدي على سطح ِ المدينةِ واقف ٌ ….
                            أيُّوبُ ماتَ , وماتتِ العنقاءُ , وانصرفَ الصحابهْ
                            وحدي . أراود نفسيَ الثكلى فتأبى أن تساعدني على نفسي
                            ووحدي
                            كنتُ وحدي
                            عندما قاومت وحدي
                            وحدة َ الروح ِ الأخيرهْ …
                            ***********
                            لا تَذكُر ِ الموتى , فقد ماتوا فُرادى أو ….عواصمْ
                            سأراك في قلبي غداً , سأراك في قلبي
                            وأجهشُ يا ابن أمي باللغهْ
                            لغة ٍ تُفَتِّشُ عن بنيها , عن أراضيها وراويها
                            تموت ككلِّ من فيها , وتُرمى في المعاجمْ
                            هي آخر النخلِ الهزيل ِوساعة ُ الصحراءِ ,
                            آخرُ ما يَدُلُّ على البقايا
                            كانوا , ولكن كنتَ وحدك
                            كم كنتَ وحدكَ تنتمي لقصيدتي , وتمدُّ زندكْ ,
                            كي تُحوِّلها سَلالِمَ , أو بلاداً , أو خواتمْ
                            كم كنتَ وحدكَ , يا ابن أمي ,
                            يا ابن أكثرَ من أبٍ ,
                            كم كنتَ وحدكْ!…
                            ************

                            تعليق


                            • #74
                              والآن , والأشياء سَيِّدَة ٌ , وهذا الصمت يأتينا سهاما
                              هل ندركُ المجهولَ فينا . هل نغني مثلما كنا نغني ؟
                              آه يا دمنا الفضيحة , هل ستأتيهم غماما ,
                              هذه أمم تَمرُّ و تطبخ الأزهار في دمنا
                              وتزدادُ انقساما .
                              هذه أممٌ تفتشُ عن إجازتها من الجَمَل ِ المزخرفِ …..
                              هذه الصحراءُ تكبر حولنا
                              صحراءُ من كل الجهاتِ
                              صحراءُ تأتينا لتلتهم القصيدة َ والحساما
                              اللهُ أكبرْ
                              هذه آياتنا فاقرأْ:
                              باسم الفدائيِّ الذي خَلََقَا
                              من جزمةٍ أفقا
                              باسم الفدائيِّ الذي يرحلْ
                              من وقتِكم ….لندائِهِ الأولْ
                              الأول ِ الأولْ
                              سَنُدَّمِرُ الهيكلْ .
                              باسم الفدائي الذي يبدأْ
                              إقرأ
                              بيروتُ- صُورتُنا
                              بيروتُ – سورتُنا
                              ***************
                              بيروت – لا
                              ظهري امام البحر ِ أسوارٌ و…لا
                              قد أخسرُ الدنيا .. نَعَمْ !
                              قد أخسرُ الكلمات ِ…
                              لكني أقول الآن : لا .
                              هي آخر الطلقاتِ –لا.
                              هي ما تبقَّى من هواء الأرض َ – لا.
                              هي ما تبقَّى من نشيج ِ الروح ِ-لا.
                              بيروتُ – لا
                              ****************
                              نامي قليلاً , يا ابنتي , نامي قليلا
                              الطائراتُ تعضُّني .وتعضُّ ما في القلب من عَسَل ٍ
                              فنامي في طريق النحل , نامي
                              قبل أن أصحو قتيلاً .
                              الطائراتُ تطير من غُرَفٍ مجاورة ٍ إلى الحَمَّام ِ , فاضطجعي
                              على درجاتِ هذا السُّلّم الحجريِّ , وانتبهي إذا اقتربتْ
                              شظاياها كثيراً منكِ وارتجفي قليلاً .
                              نامي قليلاً.
                              كُنَّا نُحبُّك , يا ابنتي ,
                              كنا نَعُدُّ على أصابع كفَّك اليسرى مسيرتَنا
                              ونُنْقِصُها رحيلا .
                              نامي قليلا.
                              الطائراتُ تطيرُ , والأشجارُ تهوي ,
                              والمباني تخبز السُكَّانَ , فاختبئي بأغنيتي الأخيرةِ , أو بطلقتيّ
                              الأخيرةِ , يا ابنتي
                              وتوسّديني كنتُ فحماً أم نخيلا .
                              نامي قليلا.
                              وتَفَقَّدي أزهارَ جسمكِ ,
                              هل أصيبتْ ؟
                              واتركي كفِّي , وكأسَيْ شاينا , ودعي الغَسيلا .
                              نامي قليلا.

                              تعليق


                              • #75
                                لو أستطيع أعدتُ ترتيبَ الطبيعةِ :
                                ههنا صفصافة ٌ …وهناك قلبي
                                ههنا قمرُ الترددِ
                                ههنا عصفورةٌ للانتباه
                                هناكَ نافذة ٌُ تعلِّمكَ الهديلَ
                                وشارع ٌ يرجوكِ , أن تبقي قليلا
                                نامي قليلا.
                                كُنَّا نُحبكِ , يا ابنتي ,
                                والآن , نعبدُ صمتَك العالي
                                ونرفعهُ كنائس من بَتُولا .
                                هل كنتِ غاضبة ً علينا , دون أن ندري …وندري
                                آهِ مِنَّا ….آه ماذا لو خَمَشْنا صُرَّة َ الأفق ِ .
                                قد يَخْمِشُ الغرقى يداً تمتدُّ
                                كي تحمي من الغرق ِ .
                                **************
                                بيروت – لا
                                ظهري أمام البحر أسوار ٌ و….لا
                                قد أخسر الدنيا , نعمْ ,
                                قد أخسر الكلماتِ والذكرى
                                ولكني أقول الآن : لا .
                                هي آخر الطلقاتِ –لا .
                                هي ما تبقَّى من هواء الأرض –لا .
                                هي ما تبقَّى من حطام ِ الروح ِ – لا
                                بيروت – لا
                                *************
                                أشلاؤنا أسماؤنا . لا …لا مَفَرُّ .
                                سقط َ القناعُ عن القناع ِ عن القناع ِ ,
                                سقط َ القناعُ
                                لا إخوة ٌ لك يا أخي , لا أصدقاءُ
                                يا صديقي , لا قلاع ُ
                                لا الماءُ عندكَ , لا الدواءُ ولا السماءُ و لا الدماءُ ولا الشراع ُ
                                ولا الأمامُ ولا الوراءُ
                                حاصِرْ حصَارَكَ … لا مفرُّ
                                سقطتْ ذراعكَ فالتقطها
                                واضرب عَدُوَّكَ …لا مفرُّ .
                                وسقطتُ قربك , فا لتقطني
                                واضرب عدوكَ بي …فأنت الآنَ حُرٌّ
                                حُرٌ
                                وحُرُّ….
                                قتلاكَ ,أو جرحاك فيك ذخيرة ٌ
                                فاضربْ بها إضرب عدوَّكَ….لا مَفَرُّ .
                                أشلاؤنا أسماؤنا
                                حاصرْ حصارَك بالجنون ِ
                                وبالجنون ِ
                                وبالجنون ْ
                                ذهبَ الذين تحبُّهم , ذهبوا
                                فإمًَّا أن تكونْ
                                أو لا تكونْ ,
                                سقط القناعُ عن القناع ِ عن القناع ِ ,
                                سقط َ القناع ُ
                                ولا أحدْ
                                إلاَّك في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان ,
                                فاجعل كلَّ متراس ٍ بَلَدْ
                                لا…لاأحَد

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: Reem2Rabeh الوقت: 04-23-2025 الساعة 04:27 PM
                                المنتدى: ضبط وتوكيد الجودة نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-15-2025 الساعة 09:30 AM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HeaD Master الوقت: 04-11-2025 الساعة 01:08 PM
                                المنتدى: القسم العام نشرت بواسطة: نوال الخطيب الوقت: 03-19-2025 الساعة 03:07 AM
                                المنتدى: الكمبيوتر والإنترنت نشرت بواسطة: عوض السوداني الوقت: 03-18-2025 الساعة 07:22 AM
                                يعمل...
                                X