إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بدر شاكر السياب سندباد العراق

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    أعاصير

    أصبح الكون وهو نور ونار
    أيها الظالمون أين الفرار
    الأعاصير تملأ الشرق والغرب
    وقد جاش حولهن الشرار
    كلما حاقت المنايا باعصر
    نزا فوق نعشه اعصار
    فالتهاب خبا فكان التهاب
    وانفجار مضى فجاء انفجار
    فاعصفي يا شعوب فالكون لا يرضيه
    الا أن يعصف الأحرار
    واحطمي القيد فوق هام الطواغيت
    وثوري فالفائز الثوار
    همسة فانتباهة فهتاف
    فانتفاض فثورة وانتصار
    هذه قصة الشعوب رواها
    للولرى تاج قيصر المنهار
    حرك الشرق عقرب الساعة الوسنى
    فهبت تقول لاح النهار
    فامض يا ليل ما عيون الجماهير
    بعمياء أو عليها ستار
    أيها الواقفون في زحمة الدنيا
    وقد عصب الرؤوس الدوار
    ان وقفتم فما أرى موقف التاريخ
    يعتاق من خطاه انتظار
    فاجعلوا في اليمين عرشا من الظلم
    فما يعرف العرش اليسار
    يا وجوه الجياع يا قصة أضحى
    لها من مواطني أسفار
    حاك أحداثها الرهبيات جلاد
    زها سيفه الدميم اقتدار
    أنت للجوع لاح اصفرار
    وهو للتبر في يديه اصفرار
    خيب المستبد لا يكتب التاريخ
    ناب له ولا اظفار
    انما نحن وارثو هذه الدنيا
    لنا المجد كله والفخار
    ان في صفرة الخريف انتفاضا
    كلن من معجزاته أيار
    قل لمن فض روحه الرعب واستل
    السنا من عيونه الاندحار
    نقل الطرف بين شرق وغرب
    يحمد الطرف قلبك الستطار
    تلق كأس الطغاة في كف ساقيها
    حطاما تجف فيه العقار
    في غد تسحق القيود ويهوي
    فوق أشلاء تاجه استعمار
    لألأ الصبح يا بلادي أيبقى
    في حماك السفير والمستشار
    ابعثي صرخة الجلاء ابعثيها
    مثلما ترسل الهدير البحار
    شبعك الحر ما انثنى عن نضال
    لا فهيهات أن يدوم الأسار
    وهو لو كان كوكبا يذرع الآفاق
    ما حد من خطاه المدار
    عالم الظالمين قد هدم المظلوم
    ركنيه فاحتواه انهيار
    فهو ان ظل واقفا كان للموت
    وان سار فالمسير انتحار
    موضع القيد بعد حين سيمسي
    فوق انحانه الجريحات غار

    تعليق


    • #17
      أغنية السلوان



      تباعدنا فلا حزن على ما ضاع من قرب
      و ليس الحب إلا الرحلة استلت قوى القلب
      و هل يلقي انتهاء السفر الملاح في كرب
      إذا ما راح يطوي اليم نحو الشاطيء الخصب
      نفضنا قطرات الوصل بين الورد و العشب
      إذا ما اهتزت الزهرة ألقت بالندى العذب
      و أفردنا و في الإفراد بعض الخير للصب
      تعيش الزهرة الفيناء في المنبسط الرحب
      و تقضي وحشة الأيام بالتحديق في السحب
      تنام على وسادة الشوك نائة عن الترب
      و لا ترمقها عين فتنجو من أذى العطب
      و إما زهرتان استوتا جنبا إلى جنب
      سرت نجواهما تنسل بين العطر في السهب
      فتسمعها الفراشات وراء التل و الشعب
      فتضرب في الفضاء الرحب نحو المنبت الرطب
      إذا ما ركض الطفل وراء فراشة السرب
      فلاذت بصدور الزهر بعد الحوم و الجوب
      فشأن الزهرتين القطف و الإذعان للخطب
      عناق الحب فاجأه هوي المنجل الغضب
      فيا للقبلة المشلولة الأصداء بالرعب
      و كنا لوحتى نافذة في هيكل الحب
      فلو لم نقترق لم ينقذ النور إلى القلب
      و كنا كجناحي طائر في الأفق الرحب
      فلولا النشر و التفريق لارتد إلى الترب
      و لولا لم نبتعد لم تسم نفسانا عن الذنب
      و كنا شفتي هذا القضاء مفرق الصحب
      فلو ننفرج لم تضحك الأقدار من كربي


      أظل من بشر

      يا رب لو و جدت على عبدك بالرقاد
      لعله ينسى
      من عمره الأمسا
      لعله يحلم أنه يسير دونما عصا و لا عماد
      ويذرع الدروب في السحر
      حتى تلوح غابة النخيل
      تنوء بالثمر
      بالخوخ والرمان والاعناب فيها يعصر الأصيل
      رحيقه المشمس أو تألق القمر
      يدخلها فيختفي تحت ذوائب الشجر
      ويقطف الجنى
      علق في رمانة عصاه وانثنى
      يأكل أو يجمع الزهر
      حتى أذا ما انطلقا
      وراح يطوي الطرقا
      أحس أو ذكر
      بأنه بلا عصا سار وما شعر
      يا رب لو جدت على عبدك بالرقاد
      لأنه يذكره السهر
      بأنه أقل من بشر

      تعليق


      • #18
        أغنية قديمة

        -1-
        في المقهى المزدحم النائي, في ذات مساء
        و عيوني تنظر في تعب,
        في الأوجه و الأيدي و الأرجل و الخشب :
        و الساعة تهزأ بالصخب
        و تدق- سمعت ظلال غناء
        أشباح غناء
        تتنهد في الحاني, و تدور كإعصار
        بال مصدور
        ينتفس في كهف هار
        في الظلمة منذ عصور
        **
        -2-
        أغنية حب أصداء
        تنأى و تذوب و ترتجف
        كشراع ناء يجلو صورته الماء
        في نصف اللليل.. لدى شاطيء إحدى الجزر
        و أنا أصغي.. و فؤادي يعصره الأسف:
        لم يسقط ظل يد القدر
        بين القلبين ؟! لم أنتزع الزمن القاسي
        من بين يدي و أنفاسي
        يمناك ؟‍ و كيف تركتك تبتعدين كما
        تتلاشى الغنوة في سمعي نغما نغما؟!
        **
        -3-
        آه ما أقدم هذا التسجيل الباكي
        و الصوت قديم
        الصوت قديم
        ما زال يولول في الحاكي
        الصوت هنا باق أما ذات الصوت:
        القلب الذائب إنشاداً
        و الوجه الساهم كالأحلام فقد عادا
        شبحا في مملكة الموت-
        لا شيء- هنالك في العدم
        و أنا أصغي و غداً سأنام عن النغم!
        أصغيت فمثل إصغائي
        لي وجه مغنيه كالزهرة حسناء
        يتماوج في نبرات الغنوة كالظل
        في نهر تقلقه الأنسام
        في آخر ساعات الليل
        يصحو و ينام
        أأثور ؟‍ أأصرخ بالأيام و هل يجدي ؟‍
        إنا سنموت
        و سننسى في قاع اللحد ؟
        حباً يحيا معنا و يموت !
        **
        -4-
        ذرات غبار
        تهتز و ترقص في سأم
        في الجو الجائش بالنغم
        ذرات غبار!
        الحسناء المعشوقة مثل العشاق
        ذرات غبار!
        كم جاء على الموتى و الصوت هنا با-
        ليل نهار!!
        هل ضاقت مثلي بالزمن
        تقويماً خط على كفن
        ذرات غبار ؟‍!؟

        تعليق


        • #19
          أفياء جيكور

          نافورة من ظلال من أزاهير
          و من عصافير
          جيكور جيكور يا حفلا من النور
          يا جدولا من فراشات نطاردها
          في الليل في عالم الأحلام و القمر
          ينشرن أجنحة أندى من المطر
          في أول الصيف
          يا باب الأساطير
          يا باب ميلادنا الموصول بالرحم
          من أين جئناك من أي المقادير
          من أيما ظلم
          و أي أزمنة في الليل سرناها
          حتى أتيناك أقبلنا من العدم
          أم من حياة نسيناها
          جيكور مسّي جبيني فهو ملتهب
          مسّيه بالسّعف
          و السنبل الترف
          مديّ على الظلال السمر تنسحب
          ليلاً فتخفي هجيري في حناياها
          **
          ظل من النخل أفياء من الشّجر
          أندى من السّحر
          في شاطيء نام فيه الماء و السّحب
          ظل كأهداب طفل هدّه اللعب
          نافورة ماؤها ضوء من القمر
          أودّ لو كان في عينيّ ينسرب
          حتى أحسّ ارتعاش الحلم ينبع من روحي و ينسكب
          نافورة من ظلال من أزاهير
          و من عصافير
          **
          جيكور ماذا ؟ أنمشي نحن في الزمن
          أم أنه الماشي
          و نحن فيه وقوف
          أين أوله
          و أين آخره
          هل مر أطوله
          أم مرّ أقصره الممتد في الشجن
          أم نحن سيان نمشي بين أحراش
          كانت حياة سوانا في الدياجير
          هل أنّ جيكور كانت قبل جيكور
          في خاطر الله في نبع من النور
          جيكور مدي غشاء الظلّ و الزهر
          سدي به باب أفكاري لأنساها
          و أثقلي من غصون النوم بالثمر
          بالخوخ و التين و الأعناب عارية من قشرها الخصر
          ردي إليّ الذي ضيّعت من عمري
          أيّام لهوى و ركضي خلف أفراس
          تعدو من القصص الريفي و السّمر
          ردي أبا زيد لم يصحب من الناس
          خلاّ على السفر
          إلاّ و ما عاد
          ردي السندباد و بقد ألقته في جزر
          يرتادها الرخ ريح ذات أمراس
          جيكور لمى عظامي و انفضي كفني
          من طينه و اغسلي بالجدول الجاري
          قلبي الذي كان شباكا على النار
          لولاك يا وطني
          لولاك يا جنتي الخضراء يا داري
          لم تلق أوتاري
          ريحا فتنقل آهاتي و أشعاري
          لولاك ما كان وجه الله من قدري
          **
          أفياء جيكور نبع سال في بالي
          أبلّ منها صدى روحي
          في ظلّها أشتهي اللقيا و أحلم بالأسفار و الرّيح
          و البحر تقدح أحداق الكواسج في صخابه العالي
          كأنها كسر من أنجم سقطت
          كأنها سرج الموتى تقلبها أيدي العرائس من حال
          أفياء جيكور أهواها
          كأنها انسرحت من قبرها البالي
          من قبر أمي التي صارت أضالعها التعبي و عيناها
          من أرض جيكور ترعاني و أرعاها

          تعليق


          • #20
            إتبعيني

            أتبعيني
            فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
            حالم الأغوار بالنجم الوحيد
            و شراع يتوارى و اتبعيني
            همسة في الزرقة الوسنى و ظل
            من جناح يضمحل
            في بقايا ناعسات من سكون
            في بقايا من سكون
            في سكون !
            **
            هذه الأغوار يغشاها خيال
            هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
            تعكس الأمواج في شبه انطفاء
            لونه المهجور في الشط الكئيب
            في صباح و مساء
            و أساطير سكارى ... في دروب
            في دروب أطفأ الماضي مدمها
            و طواها
            فاتبعيني .. إتبعيني
            **
            اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
            ناصل الألوان كالحلم القديم
            عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
            نسي الصبح سناها و الأفول
            في سهاد ناعس بين جفون
            في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
            و ظلال تصبغ الريح و ليل و نهار
            صفحة زرقاء تجلو في برود
            و ابتسام غامض ظل الزمان
            للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
            إتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
            في غد حتى و إن لم تتبعني
            يعكس الموج على الشط الحزين
            و الفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
            **
            أمس جاء الموعد الخاوي و راحا
            يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
            كنت وحدي أرقب الساعة تقتات الصباحا
            و هي ترنو مثل عين القاتل القاسي
            إليا أمس في الأمس الذي لا تذكرينه
            ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
            و اختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
            و تناءت في ارتخاء و توان
            غمغمات مجهدات و أغاني
            و تلاشت تتبع الضوء الضئيلا
            أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
            ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
            و اختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا

            تعليق


            • #21
              إقبال و الليل

              و ما وجد ثكالي مثل وجدي إذا الدجى
              تهاوين كالأمطار بالهم و السهد
              أحن إلى دار بعيد مزارها
              وزغب جياع يصرخون على بعد
              و أشفق من صبح سيأتي و أرتجي
              مجيئا يجلو من اليأس و الوجد
              الليل طار و نهاري حين يقبل بالقصير
              الليل طال نباح آلاف الكلاب من الغيوم
              ينهل ترفعه الرياح برن في الليل الضرير
              و هتاف حراس سهارى يجلسون على الغيوم
              الليل و اعشاق ينتظرون فيه على سنا النجم الأخير
              يا ليل ضمخك العراق
              بعبير تربته و هدأة مائه بين النخيل
              إني أحسك في الكويت و أنت تثقل بالأغاني و الهديل
              أغصانك الكسلى و يا ليل طويل
              ناحت مطوقة بباب الطاق في قلبي نذكر بالفراق
              في أي نجم مطفأ الأنوار يخفق في المجرة
              ألقت بي الأقدار كالحجر الثقيل
              فوق السرير كأنه التابوت لولا أنه ودم
              يراق
              في غرفة كالقبر في أحشاء مستشفى حوامل
              بالأسة
              يا ليل أين هو العراق
              أين الأحبة أين أطفالي وزوجي و الرفاق
              يا أم غيلان الحبيبة صوبي في الليل نظرة
              نحو الخليج تصوريني أقطع الظلماء وحدي
              لولاك ما رمت الحياة و لا حننت إلة الديار
              حببت لي سدف الحياة مسحتها بسنا النهار
              لم توصدين الباب دوني بالجواب القفار
              وصل المدينة حين أطبقت الدجى و مضى النهار
              و الباب أغلق فهو يسعى في الظلام بدون قصد
              و خوض في الظلماء سمعي تشده
              بجيكور آهات تحدرن في المد
              بكاء و فلاحون جوعى صغارهم
              تصبرهم عذراء تحنو على مهد
              يغني أساها خافق النجم بالأسى
              و تروي هواها نسمة الليل بالورد
              أين الهوى مما ألاقي و الأسى مما ألاقي
              يا ليتني طفل يجوع يئن في ليل العراق
              أنا ميت ما زال يحتضر الحياة
              و يخاف من غده المهدد بالمجاعة و الفراق
              إقبال مدي لي يديك من الدجى و من الفلاه
              جسي جراحي و امسحيها بالمحبة و الحنان
              بك ما أفكر لا بنفسي مات حبك في ضحاه
              و طوى الزمان بساط عرسط و الصبي في
              العنفوان

              يتبع

              تعليق


              • #22
                غريب على الخليج


                الريح تلهث بالهجيرة كالجثام، على الأصيل
                و على القلوع تظل تطوى أو تنشّر للرحيل
                زحم الخليج بهنّ مكتدحون جوّابو بحار
                من كل حاف نصف عاري
                و على الرمال ، على الخليج
                جلس الغريب، يسرّح البصر المحيّر في الخليج
                و يهدّ أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج
                أعلى من العبّاب يهدر رغوه و من الضجيج"
                صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى : عراق
                كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون
                الريح تصرخ بي عراق
                و الموج يعول بي عراق ، عراق ، ليس سوى عراق ‍‍
                البحر أوسع ما يكون و أنت أبعد ما يكون
                و البحر دونك يا عراق
                بالأمس حين مررت بالمقهى ، سمعتك يا عراق
                وكنت دورة أسطوانة
                هي دورة الأفلاك في عمري، تكوّر لي زمانه
                في لحظتين من الأمان ، و إن تكن فقدت مكانه
                هي وجه أمي في الظلام
                وصوتها، يتزلقان مع الرؤى حتى أنام
                و هي النخيل أخاف منه إذا ادلهمّ مع الغروب
                فاكتظّ بالأشباح تخطف كلّ طفل لا يؤوب
                من الدروب
                وهي المفليّة العجوز وما توشوش عن حزام
                وكيف شقّ القبر عنه أمام عفراء الجميلة
                فاحتازها .. إلا جديلة
                زهراء أنت .. أتذكرين
                تنّورنا الوهّاج تزحمه أكف المصطلين ؟
                وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين ؟
                ووراء باب كالقضاء
                قد أوصدته على النساء
                أيد تطاع بما تشاء، لأنها أيدي الرجال
                كان الرجال يعربدون ويسمرون بلا كلال
                أفتذكرين ؟ أتذكرين ؟
                سعداء كنا قانعين
                بذلك القصص الحزين لأنه قصص النساء
                حشد من الحيوات و الأزمان، كنا عنفوانه
                كنا مداريه اللذين ينام بينهما كيانه
                أفليس ذاك سوى هباء ؟
                حلم ودورة أسطوانة ؟
                إن كان هذا كلّ ما يبقى فأين هو العزاء ؟
                أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه
                يا أنتما - مصباح روحي أنتما - و أتى المساء
                و الليل أطبق ، فلتشعّا في دجاه فلا أتيه
                لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء
                الملتقى بك و العراق على يديّ .. هو اللقاء
                شوق يخضّ دمي إليه ، كأن كل دمي اشتهاء
                جوع إليه .. كجوع كلّ دم الغريق إلى الهواء
                شوق الجنين إذا اشرأبّ من الظلام إلى الولادة
                إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
                أيخون إنسان بلاده؟

                تعليق


                • #23
                  إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟
                  الشمس أجمل في بلادي من سواها ، و الظلام
                  حتى الظلام - هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق
                  واحسرتاه ، متى أنام
                  فأحسّ أن على الوسادة
                  من ليلك الصيفي طلاّ فيه عطرك يا عراق ؟
                  بين القرى المتهيّبات خطاي و المدن الغريبة
                  غنيت تربتك الحبيبة
                  وحملتها فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه ،
                  فسمعت وقع خطى الجياع تسير ، تدمي من عثار
                  فتذر في عيني ، منك ومن مناسمها ، غبار
                  ما زلت اضرب مترب القدمين أشعث ، في الدروب
                  تحت الشموس الأجنبية
                  متخافق الأطمار ، أبسط بالسؤال يدا نديّة
                  صفراء من ذل و حمى : ذل شحاذ غريب
                  بين العيون الأجنبية
                  بين احتقار ، و انتهار ، و ازورار .. أو ( خطيّة)
                  و الموت أهون من خطّية
                  من ذلك الإشفاق تعصره العيون الأجنبية
                  قطرات ماء ..معدنيّة
                  فلتنطفي، يا أنت ، يا قطرات ، يا دم ، يا .. نقود
                  يا ريح ، يا إبرا تخيط لي الشراع ، متى أعود
                  إلى العراق ؟ متى أعود ؟
                  يا لمعة الأمواج رنحهن مجداف يرود
                  بي الخليج ، ويا كواكبه الكبيرة .. يا نقود
                  ليت السفائن لا تقاضي راكبيها من سفار
                  أو ليت أن الأرض كالأفق العريض ، بلا بحار
                  ما زلت أحسب يا نقود ، أعدكنّ و أستزيد ،
                  ما زلت أنقص ، يا نقود ، بكنّ من مدد اغترابي
                  ما زلت أوقد بالتماعتكن نافذتي و بابي
                  في الضفّة الأخرى هناك . فحدثيني يا نقود
                  متى أعود ، متى أعود ؟
                  أتراه يأزف ، قبل موتي ، ذلك اليوم السعيد ؟
                  سأفيق في ذاك الصباح ، و في السماء من السحاب
                  كسر، وفي النسمات برد مشبع بعطور آب
                  و أزيح بالثؤباء بقيا من نعاسي كالحجاب
                  من الحرير ، يشف عما لا يبين وما يبين
                  عما نسيت وكدت لا أنسى ، وشكّ في يقين
                  ويضيء لي _ وأنا أمد يدي لألبس من ثيابي-
                  ما كنت ابحث عنه في عتمات نفسي من جواب
                  لم يملأ الفرح الخفي شعاب نفسي كالضباب ؟
                  اليوم _ و اندفق السرور عليّ يفجأني- أعود
                  واحسرتاه .. فلن أعود إلى العراق
                  وهل يعود
                  من كان تعوزه النقود ؟ وكيف تدّخر النقود
                  و أنت تأكل إذ تجوع ؟ و أنت تنفق ما تجود
                  به الكرام ، على الطعام ؟
                  لتبكينّ على العراق
                  فما لديك سوى الدموع
                  وسوى انتظارك ، دون جدوى ، للرياح وللقلوع

                  تعليق


                  • #24
                    أهواء

                    أطلي على طرفي الدامع
                    خيالا من الكوكب الساطع
                    ظلا من الأغصن الحالمات
                    على ضفة الجدول الوادع
                    وطوفي أناشيد في خاطري
                    يناغين من حبّي الضائع
                    يفجّرن من قلبي المستفيض
                    ويقطرن في قلبي السامع
                    ******
                    لعينيك للكوكبين اللذين
                    يصبان في ناظريّ الضياء
                    لنبعين، كالدهر، لا ينضبان
                    ولا يسقيان الحيارى الظماء
                    لعينيك ينثال بالأغنيات
                    فؤاد أطال انثيال الدماء
                    يودّ، إذا ما دعاك اللسان
                    على البعد لو ذاب فيه النداء
                    ******
                    يطول انتظاري، لعلي أراك
                    لعلي، ألاقيك بين البشر
                    سألقاك. لا بد لي أن أراك
                    وإن كان بالناظر المحتضر
                    فديت التي صوّرتها مناي
                    وظل الكرى في هجير السهر
                    أطلي على من حباك الحياة
                    فأصبحت حسناء ملء النظر!
                    ******
                    اطلي فتاة هواي والخيال
                    على ناظر الرؤى عالق
                    بعشرين من ريقات السنين
                    عبرن المدرات في خافقي
                    بعشرين كلاّ وهبت الربيع
                    وما فيه من عمري العاشق
                    فما ظل إلا الربيع صغير
                    أخبّيه للموعد الرائق
                    ******
                    سأروي على مسمعيك الغداة
                    أحاديث سمّيتهن الهوى
                    وأنباء قلب غريق السراب
                    شقيّ التداني ، كئيب النوى
                    أصيخي .. فهذي فتاة الحقول
                    وهذا غرام هناك انطوى
                    اتدرين عن ربة الراعيات ؟
                    عن الريف ؟ عما يكون الجوى
                    ******
                    هو الريف هل تبصرين النخيل ؟
                    وهذي أغانيه هل تسمعين
                    وذاك الفتى شاعر في صباه
                    وتلك التي علمته الحنين
                    هي الفنّ من نبعت المستطاب
                    هي الحبّ من مستقاه الحزين
                    رآها تغني وراء القطيع
                    كـ( بنلوب ) تستمهل العاشقين
                    *****
                    فما كان غير التقاء الفؤادين
                    في خفقة منهما عاتية
                    وما كان غير افترار الشفاة
                    بما يشبه البسمة الحانية
                    وكان الهوى ، ثم كان اللقاء
                    لقاء الحبيبين في ناحية
                    فما قال : أهواك ، حتى ترامى
                    عياء على ضفة الساقية
                    ******
                    وأوفى على العاشقين الشتاء
                    ويوم دجا في ضحاه السحاب
                    خلا الغاب ما فيه إلا النّخيل
                    وإلا العصافير فهو ارتقاب
                    وبين الحبيبين في جانبيه
                    من السّعف في كل ممشى حجاب
                    فما كان إلا وميض أضاء
                    ذرى النخل وانحل غيم وذاب
                    ******
                    ويا سدرة الغاب كيف استجارا
                    بأفنانك الناطفات المياه
                    رآها وقد بلّ من ثوبها
                    حيا زخ فاستقبلتها يداه
                    على الجدع يستدفئان الصدور
                    على موعد كل آه بآه
                    سلي الجدع كيف التصاق الصدور
                    بهزّاتها، وابتعاد الشفاه ؟
                    ******
                    أشاهدت يا غاب رقص الضياء
                    على قطرة بين اهدابها ؟
                    ترى أهي تبكي بدمع السماء
                    أساها وأحزان أترابها ؟
                    ولكنّها كل نور الحقول
                    ودفء الشذى بين اعشابها
                    وأفراح كلّ العصافير فيها
                    وكلّ الفراشات في غابها
                    ******

                    تعليق


                    • #25
                      وذاك الخصام الذي لو يفدّي
                      لفديت ساعته بالوئام
                      أفدّيه من أجل يوم ترفّ
                      يد فيه أو لفتة بالسلام
                      ومن أجل عينين لا تستطيعان
                      ان تنظرا دون ظل ابتسام
                      تذوب له قسوة في الأسارير
                      كالصحو ينحل عنه الغمام
                      ******
                      خصاماً ولما نعلّ الكؤوس ؟
                      أحطّمتها قبل أن نسكرا ؟
                      خصاماً ، وما زال بعض الربيع
                      نديّاً على الصيف مخضوضرا ؟
                      خصاماً ؟ فهل تمنعين العيون
                      إذا لألأ النّور أن تنظرا؟
                      وهل توقفين انعكاس الخيال
                      من النهر، أن يملك المعبرا ؟
                      ******
                      أغاني شبابتي تستبيك
                      وتدنيك مني، ففيم الجفاء ؟
                      كأن قوى ساحر تستبدّ
                      بأقدامك البيض، عند المساء
                      ويفضي بك الدّرب حيث استدار،
                      إلى موعدي بين ظلّ وماء
                      على الشطّ، بين ارتجاف القلوع
                      وهمس النخيل، وصمت السماء
                      ******
                      وحجبت خدّيك عن ناظري
                      بكفيك حينا وبالمروحات
                      سأشدو وأشدو فما تصنعين
                      اذا احمر خدّاك للأغنيات ؟
                      وأرخيت كفيك مبهورتين
                      وأصغيت، واخضل حتى الموات
                      إلى أن يموت الشعاع الاخير
                      على الشرق، والحب، والأمنيات
                      ******
                      وهيهات، إن الهوى لن يموت
                      ولكنّ بعض الهوى يأفل
                      كما تأفل الأنجم الساهرات
                      كما يغرب الناظر المسبل،
                      كما تستجمّ البحار الفساح
                      ملّيا، كما يرقد الجدول
                      كنوم اللظى، كانطواء الجناح
                      كما يصمت الناي والشمأل !
                      ******
                      أعام مضى والهوى ما يزال
                      كما كان، لا يعتريه الفتور
                      أهذا هو الصيف يوفي علينا
                      فناقااه ثانية، كالزهور
                      ولكنهمن زهور الخلود
                      فلا اظمأت ريّهنّ الحرور
                      ولا نال من لونهمن الشتاء
                      ولا استترفت عطرهن الدهور
                      ******
                      أغانيّ ، والغاب قفر الوكون
                      حبيس النسائم تحت الدوالي
                      ترى ماؤه، لاتّقاد الهجير
                      حريقا بما فوقه من ظلال
                      وفوق التعاشيب، حيث الغصون
                      ينئون بافيائهن الثقال
                      لها مضجع هدهدته العطور
                      أأبصرت كيف اضطجاع الجمال؟
                      ******
                      أأمسيت استحضر الذكرات
                      وما كان بالامس كل الحياة؟
                      أضاعت حياتي ؟ أغاب الغرام
                      أماتت على الاغنيات الشفاه؟
                      أنمسي، ومازال غاب النخيل
                      خضيلا وما زال فيه الرعاه،
                      حديثا على موقد لسامرين :
                      أحبّا، وخابا فوا حسرتاه؟
                      ******
                      أناديك لو تسمعين النداء
                      وأدعوك أدعوك! يا للجنون
                      إذا رن في مسمعيك الغداة
                      من المهد صوت الرضيع الحنون
                      ونادى بك الزوّج أن ترضعيه
                      ونادى صدى أخفتته السنون
                      فما نفعها صرخة من لهيب
                      أدوّي بها ؟ من عساني أكون؟
                      ******
                      أعفّرت من كبرياء النداء؟
                      وأرجعت آمادي القهقرى؟
                      نسيت التي صورتها مناي
                      وناديت انثى ككل الورى ؟
                      واعرضت عن مسمع في السماء
                      إلى مسمع في تراب القرى !
                      أتصغي فتاة الهوى والخيال
                      وأدعو فتاة الهوى والثرى؟
                      ******
                      وودعت سجواء بين الحقول
                      ودنيا عن الشر في معزل
                      وخلفت في كل ركن خصيل
                      من الريف ذكرى هوى أول
                      قصاصات أوراقي الهامسات
                      بشعري على ضفه الجدول
                      وجذعا كتبت اسمها الحلو فيه
                      ونايا يغني مع الشمأل
                      ******
                      فمن هذه المسترق القلوب
                      صبى ملؤها روحة الطافره
                      أما كنت ودعت تلك العيون
                      الظليلات والخصله النافرة؟
                      كأني ترشفت قبل الغداة
                      سنى هذه النظرة الآسرة !
                      أما كان في الريف شيء كهذا ؟
                      اما تشبة الربة الغابرة؟!
                      ******

                      تعليق


                      • #26
                        مشى العمر ما بيننا فاصلا
                        فمن لي بأن أسبق الموعد ؟
                        ولكنه الحبّ منه الزمان
                        ثوان ومما احتواه المدى
                        أراها فانفض عنها السنين
                        كما تنفض الريح برد الندى
                        فتغدو وعمري أخو عمرها
                        ويستوقف المولد المولدا
                        ******
                        وهل تسمع الشعر إن قلته
                        وفي مسمعيها ضجيج السنين
                        أطلت على السبع من قبل عشر
                        ين عاما وما كنت الا جنين ؟
                        وأمسى ولم تدر أنت الغرام
                        هواها حديث الورى أجمعين
                        لقد نبّأوها بهذا الهوى
                        فقالت : وما أكثر العاشقين ؟!
                        ******
                        أمن قلبه انثان هذا النشيد
                        إليها، إلى الذئبة الضاريه ؟
                        ولو لم يكن فيه طعم الدماء
                        ما استشعرت رنة القافية
                        وما زالت تسبيه غمّازتان
                        تبوحان بالبسمة الخافية
                        وما زالتا تذكران الخيال
                        بما كان في الأعصر الخالية
                        ******
                        وبالحب والغادة المستبد
                        صباها به ، يلعبان الورق
                        وكيف استكان الإله الصغير
                        فألقى سهام الهوى والحنق
                        رهان، رمى فيه غمّازتيه
                        وورد الخدود، ونور الحدق
                        لك الله ، كيف اقتحمت القرون
                        ولم يخب في وجنتيك الألق ؟
                        ******
                        كأن ابتسامتها والربيع
                        شقيقتان ، لولا ذبول الزهر
                        أآذار ينثر تلك الورود
                        على ثغرها ؟ أم شعاع القمر ؟
                        ففي ثغرها افترّ كل الزمان
                        وما عمر آذار إلا شهر
                        وبالروح فديت تلك الشفاه
                        وان أذكروني بكاس القدر !
                        ******
                        أطلي على طرفي الدامع
                        خيالا من الكوكب الساطع
                        وظلا من الأغصن الحالمات
                        على ضفة الجدول الوادع
                        وطوفي أناشيد في خاطري
                        يناغين من حبي الضائع
                        يفجرن من قلبي المستفيض
                        ويقطرن في قلبي السامع

                        تعليق


                        • #27
                          ابن الشهيد

                          و تراجع الطوفان لملم كل أذيال المياه
                          و تكشف قمم التلال سفوحها و قرى السهول
                          أكواخها و بيوتها خرب تناثر في فلاه
                          عركت نيوب الماء كل سقوفها و مشى الذبول
                          فيما يحيط بهن من شجر فآه
                          آه على بلدي عراقي : أثمر الدم في الحقول
                          حسكا و خلف جرحة التتري ندبا في ثراه
                          يا للقبور كأن عاليها سفلا و غار إلى الظلام
                          مثل البذور تنام ظلم الثمار و لا تفيق
                          يتنفس الأحياء فيها كل وسوسة الرغام
                          حتى يموتوا في دجاها مثلما اختنق الغريق
                          جثث هنا ودم هناك
                          وفي بيوت النمل مد من الجفون
                          سقف يقرمده النجيع و في الزوايا
                          صفر العظام من الحنايا
                          ماذا تخلف في العراق سوى الكآبه و الجنون
                          أرأيت أرملة الشهيد
                          الوزج مد عليه من ترب لحافا ثم نام
                          متمددا بأشد ما تجد العظام
                          من فسحة سكنت يداه على الأضالع
                          و العيون
                          تغفو إلى أبد الإله إلى القيامة في سلام
                          رمت الرداء العسكري و نشرته على الوصيد
                          لثمته فانتفض القماش يرد برد الموت
                          برد المظلمات من القبور
                          يا فكرها عجبا ثقبت بنارك الأبد البعيد
                          يا فكر شاعرة يفتش عن قواف للقصيد
                          ماذا وجدت وراء أمسي و عبر يومّك من دهور
                          الثأر يصرخ كل عرق كل باب
                          في الدار يا لفم تفتّح كالجحيم من الصخور
                          من كل ردن في الرداء من النوافذ و الستور
                          من عيني ابنك يا شهيد تسائلان بلا جواب
                          عنك الأسرة و الدروب و تسألان عن المصير
                          مذ ألبسته الأم ثوبك في معاركك الأثير
                          و يداه في الردنين ضائعتان و الصدر الصغير
                          في صدرك الأبوي عاصفة تغلف بالسحاب
                          ورنا إلى المرآة
                          أبصرت فيه شخصك في الثياب
                          أبني كان أبوك نبعا من لهيب من حديد
                          سوراً من الدم و الرعود
                          ورماه بالأجل العميل فخر واها كالشهاب
                          لكن لمحا منه شع وفض اختام الحدود
                          و أضاء وجه الفوضوي ينز بالدم و الصديد
                          و كأن في أفق العروبة منه خيطا من رغاب
                          و تنفس الغد في اليتيم و مد في عينيه شمسه
                          فرأى القبور يهب موتاهن فوجا بعد فوج
                          أكفانها هرئت
                          و لكن الذي فيها يضم إليه أمسه
                          ويصيح يا للثار يا للثار
                          يصدى كل فج
                          و ترنّ أقيبة المساجد و المآذن بالنداء
                          و ينام طفلك و هو يحلم بالمقابر و الدماء

                          تعليق


                          • #28
                            إمام باب الله

                            منطرحا أمام بابك الكبير
                            أصرخ في الظلام أستجير
                            يا راعي النمال في الرمال
                            و سامع الحصاة في قرارة الغدير
                            أصيح كالرعود في مغاور الجبال
                            كآهة الهجير
                            أتسمع النداء ؟ يا بوركت تسمع
                            و هل تجيب إن سمعت ؟
                            صائد الرجال
                            و ساحق النساء أنت يا مفجّع
                            يا مهلك العباد بالرجوم و الزلازل
                            يا موحش المنازل
                            منطرحا أمام بابك الكبير
                            أحس بانكسارة الظنون في الضمير
                            أثور ؟ أغضب
                            وهل يثور في حماك مذنب
                            **
                            لا أبتغي من الحياة غير ما لديّ
                            الهري بالغلال بزحم الظلام في مداه
                            وحقلي الحصيد نام في ضحاه
                            نفضت من ترابه يدي
                            ليأت في الغداة
                            سواي زارعون أو سواي حاصدون
                            لتنثر القبور و السنابل السنون
                            اريد أن أعيش في سلام
                            كشمعة تذوب في الظلام
                            بدمعة أموت و ابتسام
                            تعبت من توقد الهجير
                            أصارع العباب فيه و الضمير
                            و من ليالي مع النخيل و السراج و الظنون
                            أتابع القوافي
                            في ظلمة البحار و الفيافي
                            و في متاهة الشكوك و الجنون
                            تعبت من صراعي الكبير
                            أشقّ قلبي أطعم الفقير
                            أضيء كوخة بشمعة العيون
                            أكسوه بالبيارق القديمة
                            تنث من رائحة الهزيمة
                            تعبت ربيعي الأخير
                            أراه في اللقاح و الأقاح و الورود
                            أراه في كل ربيع يعبر الحدود
                            تعبت من تصنع الحياة
                            أعيش بالأمس و أدعو أمسي الغدا
                            كأنني ممثل من عالم الردى
                            تصطاده الأقدار من دجاه
                            و توقد الشموع في مسرحه الكبير
                            يضحك للفجر و ملء قلبه الهجير
                            تعبت كالطفل إذا أتعبه بكاه
                            **
                            أود لو أنام في حماك
                            دثاري الآثام و الخطايا
                            و مهدي اختلاجه البغايا
                            تأنف أن تمسّني يداك
                            أود لو أراك من يراك ؟
                            أسعى إلى سدّتك الكبيرة
                            في موكب الخطاة و المعذبين
                            صارخة أصواتنا الكسيرة
                            خناجرا تمزّق الهواء بالأنين
                            وجوهنا اليباب
                            كأنها ما يرسم الأطفال في التراب
                            لم تعرف الجمال و الوسامة
                            تقضت الطفوله انطفا سنا الشباب
                            وذاب كالغمامة
                            ونحن نحمل الوجوه ذاتها
                            لا تلفت العيون إذ تلوح للعيون
                            و لا تشفّ عن نفوسنا و ليس تعكس التفاتها
                            إليك يا مفجّر الجمال تائهون
                            نحن نهيم في حدائق الوجوه آه
                            من عالم يرى زنابق الماء على المياه
                            و لا يرى المحار في القرار
                            و اللؤلؤ الفريد في المحار
                            منطرحا أصيح أنهش الحجار
                            أريد أن أموت يا إله

                            يتبع

                            تعليق


                            • #29
                              ارم ذات العماد

                              من خلل الدخان من سيكاره
                              من خلل الدخان
                              من قدح الشاي وقد نشر وهو يلتوي ازاره
                              ليحجب الزمان والمكان
                              حدثنا جد أبي فقال يا صغار
                              مقامرا كنت مع الزمان
                              نقودي الأسماك لا الفضة والنضار
                              والورق الشباك والوهار
                              وكنت ذات ليله
                              كأنما السماء فيها صدا وقار
                              أصيد في الرميله
                              في خورها العميق أسمع المحار
                              موسوسا كأنما يبوح للحصى وللقفار
                              بموطن اللؤلؤة الفريده
                              فأرهف السمع لعلي أسمع الحوار
                              وكان من ندى الخريففي الدجى بروده
                              تدب منها رعشة في جسدي فأسحب الدثار
                              وانفرج الغيم فلاحت نجمة وحيده
                              ذكرت منها نجمتي البعيده
                              تنام فوق سطحها وتسمع الجرار
                              تنضح يا وقع حوافر على الدروب
                              في عالم النعاس ذاك عنتر يجوب
                              دجى الصحارى ان حي عبلة المزار
                              فسرت والسماء وجهتي ولا دليل
                              أرقب نجمها الوحيد والشعاع
                              يخفت أو يؤج مانعا ومانحا وكالشراع
                              ترفع أو تحطه الرياح في الصراع
                              أسرت ألف خطوة أسرت ألف ميل
                              لم أدر الا أنني أمالمني السحر
                              الى جدار قلعة بيضاء من حجر
                              كأنما الأقمار منذ ألف عام
                              كانت له الطلاء
                              كأنما النجوم في المساء
                              سلن عليه ثم فاض حوله الظلام
                              وسرت حول سورها الطويل
                              أعد بالخطى مداه مثل سندباد
                              يسير حول بيضة الرخ ولا يكاد
                              يعود حيث ابتدأ
                              حتى تغيب الشمس غشى نورها سواد
                              حتى اذا ما رفع الطرف رأى وما رأى
                              حتى بلغت في الجدار موضع العماد
                              تقوم فيه كالدجى بوابة رهيبه
                              غلفها الحديد مد حولها نحيبه
                              أراه بالعيون لا تحسه المسامع
                              وقفت عندها أدق
                              يا صدى أراجع
                              أنت من المقابر الغريبه
                              أحس في الصدى
                              برودة الردى
                              أشم فيه غفن الزمان والعوالم العجيبه
                              من ارم وعاد
                              وحين كل ساعدي
                              وملني الوقوف في الظلام
                              كناسك كعابد
                              يرفضه الاله في معبده يظل لا ينام
                              ولا يريد الماء والطعام
                              يصيح كن على الهوى مساعدي
                              يا رافع السماء يا موزع الغمام
                              جلست عند بابها كسائل ذليل
                              جلست أسمع الصدى كأنه العويل
                              يلهث خلف حائط من حجر ثقيل
                              كان بين دقة ودقة يمر ألف عام
                              وما أجاب العدم الخواء
                              وحين أوشك الصباح يهمس الضياء
                              نعست نمت واستفقت مر ألف جيل
                              الشمس والفلاه
                              والغيم والسماء
                              وكل ما أراه
                              هنالك حيث كان سورها المياه
                              تشع في الخليج
                              وقال جدنا ولج في النشيج
                              ولن أراها بعد ان عمري انقضى
                              وليس يرجع الزمان ما مضى
                              سوف أراها فيكم فأنتم الأريج
                              بعد ذبول زهرتي فان رأى ارم
                              واحدكم فليطرق الباب ولا ينم
                              ارم
                              في خاطري من ذكرها ألم
                              حلم صباي ضاع آه ضاع حين تم
                              وعمري انقضى

                              تعليق


                              • #30
                                الأسلحة والأطفال


                                الأسلحة والأطفال
                                عصافير أم صبية تمرح
                                عليها سنا من غد يلمح
                                وأقدامها العاريه
                                محار يصلصل في ساقيه
                                لأذيالهم رفة الشمأل
                                سرت عبر حقل من السنبل
                                وهسهسة الخبز في يوم عيد
                                وغمغمة الأم باسم الوليد
                                تناغيه في يومه الأول
                                كأني أسمع خفق القلوع
                                وتصخاب بحاره السندباد
                                رأى كتره الضخم بين الضلوع
                                فما اختار الاه كترا وعادا
                                صدى عابر من وراء العصور
                                من الكهف والغاب والمعبد
                                سرى دافئا من عروق الصخور
                                وازميل نحاتها المجهد
                                يغني بأشواقه العاتيه
                                الينا الى القمه العاليه
                                الى أن يفل الردى بالحياه
                                وتلقاه أجيالها الآتيه
                                على صخرة حملتها يداه
                                تحاياه في بسمة في الشفاه
                                وفي أعين حجرت مقلتاه
                                عليها دموعها الجاريه
                                صدى رجعته الأكف الصغار
                                يصفقن في الشارع المشرق
                                كخفق الفراشات مر النهار
                                عليها بفانوسه الأزرق
                                وكم من أب آيب في المساء
                                الى الدار من سعيه الباكر
                                وقد زم من ناظريه العناء
                                وغشاهما بالدم الخاثر
                                تلقاه في الباب طفل شرود
                                يكركر بالضحكة الصافيه
                                فتنهل سمحاء ملء الوجود
                                وتزرع آفاقه الداجيه
                                نجوما وتنسيه عبء القيود
                                وهم في ليالي الشتاء الطوال
                                ربيع من الدفء والعافيه
                                تلم العجائز فيه الورود
                                ويلمحن عهد الصبا ثانيه
                                ويرقصن بين التلال
                                يرجحن أرجوحة في الخيال
                                بعذراء في ليلة مقمره
                                وفي ظل تفاحة مزهره
                                تنام العصافير فيها
                                وهم في الصباح
                                خطى خافقات على السلم
                                وأيد على أوجه النوم
                                يدغدغنها في مزاح
                                وأغنية من أغاني الطريق
                                يلحن سوى لحنها الأول
                                وشأو من الصوت مستعجل
                                وهم رفقة الأم اذ تستفيق
                                واذ تشعل النار في الموقد
                                كخيط ترى فيه بدء الغد
                                عصافير أم صبية تمرح
                                أم الماء من صخرة ينضج
                                فيخضل عشب وتندى زهور

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                                المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                                يعمل...
                                X