إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بدر شاكر السياب سندباد العراق

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    دجلة الغضبى

    ذوب الليل يا شعاع النهار
    تلمح العين ما وراء الستار
    ذوب الليل يبصر الشعب صرعاه
    فما زال واقفا بانتظار
    يبصر القوم بين هاو الى اللحد
    وغرقان دائب في احتظار
    ما غضبة المياه الحبيبات
    تدفقن بعد طول الأسار
    زمزم الموج في السهول النديات
    مغيطا وصاح في كل دار
    سائل الكوخ والربى والصجارى
    كيف أرعش في يد التيار
    أيها النائمون في الضفة السكرى
    على الجوع والضنى والصغار
    كيف بالله كيف تغفو عيون
    في حمى كل ظالم غدار
    علموا دجلة الظلامات والغدر
    فعادت ولا تفي عهد جار
    أيها الضاربون في ظلمة الليل
    الى غير منتهى أو قرار
    يسرقون الخطى على ضوء نجم
    يسرق الخطو في قصي المدار
    كيف خلفتم الديار الحبيبات
    ألا لفتة لتلك الديار
    ضرب الماء ما بنى كل بان
    وطوى كل مأمل بالثمار
    فاشتكى صاحب القطيع من الموج
    لذئب رآه أو جزار
    واشتكى الحاصد المعنى الى الشيخ
    فما كان منه غير ازورار
    وهو بالأمس واهب القائد الغربي
    زلفى اليه سيف النضار
    صيغ من أضلع الجياع العريا
    تحت أنظار كل جوعان عاري
    وهوبالأمس من حبا لندن الشوهاء
    ما شاء منه حب الفخار
    وهو من يبخل الغداه على الشعب
    ويلقى انتحابه بافترار
    ليت لي قوة المياه فاقتض
    من الشيخ للدموع الغزار
    ليتني أهدم القصور وأبنيهن
    بيتا لشارد في القفار
    ليتني أبدل القلوب التى تغفو
    على الذل بالحصى والحجار
    أيها الشعب واحتماك عار
    على الحر دونه كل عار
    طالما قد صبرت يا شعبي المظلوم
    فانهض كفاك طول اصطبار
    أيها المرسل الأنين الى الآذان
    يلبسن قرط الاستعمار
    حق ما ترسل الأنين اليهن
    اجتزازا بصارم بتار
    فهي صماء حين تدعو وصغواء
    اذا اهتز شارب المستشار
    ضلة للنيام والثلعب الرعديد
    يسطو بمخلب مستعار
    رب ناج من الردى خلف الأبناء
    صرعى في المائج الهدار
    مثقل الظهر بالسنين الطويلات
    وأشلاء بيته المنهار
    لاح لي فانطلقت أزجي اليه الشعر
    حران قاذفا بالشرار
    أيها المبتلى وأدعو بك الشعب
    وقد هم غيظه بانفجار
    ذلك النهر فاض بعد احتباس
    عاصفا بالسدود عصف اقتدار
    نبني أي ساعة أبصر الشعب
    وقد فاض بعد طول الأسار
    ساحقا في اندفاعه ما أقام الظلم
    في دره من الأسوار
    قل لمن ثبت العروش على الماء
    فقال امتلكت كل البحار
    سوف تأتيك ساعة توقظ الأمواج
    فيها انتفاضة الاعصار
    أيها الشعب يعصب الداء عينيه
    فلا تبصران ضوء النهار
    الدواء الذي ترجي سيأتيك
    اسمه من حناجر الثوار
    تعصف الصيحة المدماة بالتاج
    على كل مفرق مستطار
    يوم لا الظالم الغشوم بمنجيه
    من الثائرين وشك الفرار
    لا ولا القيد مستطيع حيال النار
    صبرا ودونه ألف نار
    الردى واالهوان خط الأذلاء
    وكل الحياة للأحرار

    تعليق


    • #77
      دار جدي


      مطفأة هي النوافذ الكثار
      و باب جدّي موصد و بيته انتظار
      و أطرق الباب فمن يجيب يفتح ؟
      تجيبني الطفولة الشباب منذ صار
      تجيبني الجرار جف ماؤها فليس تنضح
      بويب غير أنها تذرذر الغبار
      مطفأة هي الشموس فيه و النجوم
      الحقب الثلاث منذ أن خفقت للحياة
      في بيت جدي ازدحمن فيه كالغيوم
      تختصر البحارفي خدودهن و المياه
      فنحن لا نلم بالردى من القبور
      فاوجه العجائز
      أفصح في الحديث عن مناجل العصور
      من القبور فيه و الجنائز
      و حين تقفز البيوت من بناتها
      و ساكينها من أغانيها و من شكاتها
      نحس كيف يسحق الزمان إذ يدور
      **
      أأشتهيك يا حجارة الجدار يا بلاط يا حديد يا طلاء
      أأشتهي التقاءكن مثلما انتهى إلي فيه ؟
      أم الصّبا صباي و الطفولة اللعوب و الهناء
      وهل بكيت أن تضعضع البناء
      و أقفر الفناء أم بكيت ساكنيه ؟
      أم أنني رأيت في خرابك الفناء
      محدقا إليّ منك من دمي
      مكشرا من الحجار ؟ آه أيّ برعم
      يربّ فيك ؟ برعم الردى غدا أموت
      و لن يظل من قواي ما يظل من خرائب البيوت
      لا أنشق الضياء لا أعضعض الهواء
      لا أعصر النهار أو يمصّني المساء
      **
      كأنّ مقلتي بل كأنني انبعثت ( أورفيوس )
      تمصّه الخرائب الهوى إلى الجحيم
      فيلتقي بمقلتيه ، يلتقي بها بيورديس
      أة يا عروس
      يا توأم الشباب يا زنبقة النعيم
      طريقة ابتناه بالحنين و الغناء
      براعم الخلود فتحت له مغالق الفناء
      و بالغناء يا صباي يا عظام يا رميم
      كسوتك الرواء و الضياء
      طفولتي صباي أين أين كلّ ذاك ؟
      أين حياة لا يحد من طريقها الطويل سور
      كشر عن بوّابة كأعين الشباك
      تفضي إلى القبور
      و الكون بالحياة ينبض : المياه و الصخور
      وذرة الغبار و النمال و الحديد
      و كل لحن كل موسم جديد
      الحرث و البذار و الزهور
      وكل ضاحك فمن فؤاده و كل ناطق فمن فؤاده
      وكا نائح فمن فؤاده و الأرض لا تدور
      و الشمس إذ تغيب تستريح كالصغير في رقاده
      و المرء لا يموت إن لم يفترسه في الظلام يب
      أو يختطفه مارد و المرء لا يشيب
      ( فهكذا الشيوخ منذ يولدون
      الشعر الأبيض و العصي و الذوقون )
      **
      و في ليالي الصيف حين ينعس القمر
      و تذبل النجوم في أوائل السحر
      أفيق أجمع الندى من الشجر
      في قدح ليقتل السعال و الهزال
      و في المساء كنت أستحمّ بالنجوم
      عيناي تلقطانهن نجمة فنجمة وراكب الهلال
      سفينة كأن سندباد في ارتحال
      شراعي الغيوم
      و مرفأي المحال
      و أبصر الله على هيئة نخلة كتاج نخلة يبيضّ
      في الظلام
      أحسه يقول : يا بني يا غلام
      و هبتك الحياة و الحنان و النجوم
      وهبتها لمقلتيك و المطر
      للقدمين الغصّتين فاشرب الحياة
      وعبّها يحبّك الإله
      أهكذا السنون تذهب
      أهكذا الحياة تنضب ؟
      أحس أنني أذوب أتعب
      أموت كالشجر

      تعليق


      • #78
        خلا البيت

        خلا البيت لا خفقة من نعال
        و لا كركرات على السلم
        و أنت على الباب ريح الشمال
        و ماتت على كرمه المظلم
        تلاشت خطى موكب الدافنين
        و من مسجد القرية المعتم
        تلوى كما رف فوق السفين
        شراع حزين
        أذان ( هو الله باق وزال
        عن الأرض إلاه ) الله أكبر
        و في قبره اهتز كالبرعم
        إذا الصبح نور
        دفين و أصغى أنين الرمال
        و تهويدة الخل ينعس و الليل أقمر
        و في بيته الآن خل العويل
        و نوح اليتامى و ندب النساء
        لقد فتح الآن زهر الشتاء
        ليملأ تنوره بالشذى و الضياء
        أنار وجوها و أخفى وجوها فسال الأصيل
        ينث سنابله الدافئة
        و سمراء تصغي إلى الشاي فوق الصلاء
        يوسوس عن خيمة في العراء
        و عن عيشة هانئة
        خلا البيت وانسل لون المغيب
        إلى المخدع المقفر
        هنا كان يطوي خيوط الدروب
        صغيران تطفيء شمس الغروب
        بشعرها نار فانوسها الأحمر
        إذا ما ارتخت تحت ظل الهجير
        جفون يرنق فيها النعاس
        أفاءا إلى قصة عن أمير
        تخطفه الجن حتى أتى متزلا من نحاس
        تلامح شباكه عن أميره
        تدلى إليه الضفيره
        ليرقى إليها
        خلا البيت إلا أنين يابقا
        يصعدها شاطيء من حنين

        تعليق


        • #79
          خذيني

          خذيني أطر في أعالي السماء
          صدى غنوة كركرات سحابة
          خذيني فإن صخور الكآبة
          تشد بروحي إلى قاع بحر بعيد القرار
          خذيني أك في دجاكي الضياء
          و لا تتركيني لليل القفار
          إذا شئت أن لا تكوني لناري
          وقودا فكوني حريقا
          إذا شئت أن تتخلصي من إساري
          فلا تتركيني طليقا
          خذيني إلى صدرك المثقل
          بهمّ السنين
          خذيني فإني حزين
          و لا تتركيني على الدرب وحدي أسير إلى المجهل
          وكانت دروبي خيوط اشتياق
          ووجد وحب
          إلى منزل في العراق
          تضيء نوافذ ليل قلبي
          إلى زوجة كان فيها هنائي
          و كانت سمائي
          كواكبها ترسم الدرب دربي
          وهبت عليها رياح سموم
          تبعثر خيطان تلك الدروب البعيدة
          فعادت جذى كل تلك النجوم
          صلبت عليها و عادت مسامير نعش
          و عادت دروبي دربا إذا جئت أمشي
          رماني إليك كوزن يقود القصيدة
          فوا لهف قلبي عليك
          ودرب رماني إليك
          أما تعلمين بأني تشهّيتك البارحة
          أشم رداءك حتى كأني
          سجين يعود إلى داره يتنشّق جدارنها
          هنا صدرها قلبها كان يخفق كان التمني
          يدغدغه يشعل الشوق فيه إلى غيمة رائحة
          لأرض الحبيب ستنضح أركانها
          بذوب نداها
          تشتهيك البارحة
          فقيلت ردن الرداء هنا ساعداها
          هنا إبطها يا لكهف الخيال
          و مرفأ ثغري إذا لا جرفته رياح ابتهال
          وحرجة مد شوق ملح وقد حار فيه السؤال
          تحبيني أنت ؟ هل تخجلين ؟
          أم استترفت شوقك الكبرياء
          فلم يبق إلا ابتسام الرثاء ؟
          أترثين لي أم ترى تشفقين
          على قلبك انهدّ تحت الصليب المعلّق في صخرة الكبرياء
          نباح الكلاب المبعثر في وشوشات النخيل
          ينبه في قلبي الذكريات العتاق
          و يررتبط دقات قلبي بأرض العراق
          لأسمع بابا فيطفأ حبي و تبرد نار الغليل
          و أعدوا على الدرب سدت خطاي عليه
          نوافذ بيتي تجمّدت فيها الضياء
          تغربت عنه و عدت إليه

          تعليق


          • #80
            حورية النهر

            نفوس معذبه هائمة
            تخبط في الظلمة القاتمة
            أجد لها الليل أحزانها
            و تذكار أيامها الباسمة
            فسارت تفتش عن حبها
            و تنشد لذاتها الدائمة
            و أسرى بها تحت جنح الظلام
            زوارق في اللجة الغائمة
            إذا ما تلوث على الشاطئين
            من النهر أمواجه اللاطمه
            و أرسى على مائه زورق
            تؤرجحه النسمة الحالمة
            أطلت على النهر حورية
            فأغوته بالنظرة الساهمة
            فأغواره و هي أوطانها
            بواك على فقدها نادمة
            و أمواجه و هي أترابها
            جئت تحت أقدامها لاثمه
            أحورية النهر غضي العيون
            و كوني بملاحة راحمه
            تسيرين في زورق من ظلال
            فتدفعه النسمة الناعمة
            و مجدافك اخترته من ضي
            اء النجوم على اللجة القاتمة
            و أطربت النهر و الضفتين
            أغان و قيثارة ناغمة
            لقد حق أن تسحر الكائنات
            وتستل آهاتها الجاثمة
            فأوتارها شعرك العسجدي
            و أنت الموقعة الباسمة
            رأى النهر مصرع ملاحه
            بعينيك أيتها الظالمة
            رآك فهيأ مجدافه
            و أسلم زورقه للظلام
            يثير إذا سار عزم الميا
            ه فتطلق عن جانبيه السهام
            طغى الموج و ارتد يطوي الظلال
            فلم يبق للعين إلا القتام
            فيا زورقا من ظلال تلاشى
            بحورية ليس ترعى الذمام
            أخلفت ملاحنا وحده
            و للموج في الشاطئين احتدام
            و حورية النهر ما خلفت
            سوى أغنيات تثير الغرام
            يجاري اختلاجاتها زورق
            و موج و قلب حواه الهيام
            و نهر تمازج أمواهه
            و يحملها رغوة إذ تنام
            و نجم يعشى الدجى ضوءه
            كنبع على ثغره العشب نام
            و يقتاف آثارها زورق
            و ملاحه الشارد المستهام
            يطالعه طيف حورية
            من الموج يختال في الابتسام
            فمن كل صوب سرى خالها
            هناك و إن سار ألفى الظلام
            أوهما يرى لا فذا صوتها
            ينتهي فتعيد المياه الكلام
            و لاحت له أعين مشفقات
            محدقة من وراء الغمام
            تنادي به ظللتك الخطوب
            و قادتك نحو الردى و الحمام
            و لكن أذنيه لم تسمعا
            حديث السماوات حيث السلام
            جرى وهو ليس له غاية
            سوى أن يجدف حتى الصباح
            و يقفو على الماء ضوء النجوم
            و يصرع أشجانه بالنواح
            لقد حطم الليل مجدافه
            و هيض الشراع بعصف الرياح
            وقد أطفأ الموج مصباحه
            فصاح و لم يجد ذاك الصياح
            تبرمت يا ليل بالبائسين
            فزل و اترك الصبح يأسو الجراح
            و نادى وقد مد كلتا يديه
            لقد حان يا أرض عنك الرواح
            فيا شاطئا كان مأوى الغريب
            إذا مل طول السرى فاسترح
            وداعا وداع الشقي الحزين
            سيسر إلى الموت بعد الكفاح
            و يا زمج الماء خدن السفين
            سمير الشراع الطروب الصداح
            كلانا يحن إلى تربه
            فطر لي فإني مهيض الجناح
            و يا أنجم الليل يا عودي
            إذا القلب في الليل بالداء طاح
            إذا ما خبا نوركن الوضيء
            أسى و تألق نجم الصباح
            فحدثنه عن فتى في الدجى
            طواه العباب وحب الملاح
            رأى -ويح عينيه- حورية
            فجن بها ساعة ثم راح
            فقد يخبر النجم عنه الرعاة
            فيبكون حزنا و تبكي البطاح
            و مات الشقي الحزين فعادت
            تكفنه بالشراع الرياح

            تعليق


            • #81
              ذكرى لقاء

              قد انتصف الليل فاطو الكتاب
              عن الريح و الشمعة الخابية
              فعيناك لا تقرآن السطور
              و لكنها العلة الواهيه
              فأنت ترى مقلتيها هناك
              و ذكرى من الليلة الماضيه
              فتطوي على ركبتيك الكتاب
              و ترنو إلى الأنجم النائيه
              **
              هنا أنت بين الضياء الضئيل
              و بين الدجى في الفضاء الرحيب
              و كم من مصابيح تفنى هناك
              تنير الثرى و الفراغ الرهيب
              **
              مصابيح كانت تذوب
              و تنحل في شعرها:س
              خطانا و لون الغروب
              و ما ضاع من عطرها
              و تلقي على ذكريات الشتاء
              ستاراً من الأدمع الراجفة
              فتخبو مصابيحهن البعاد
              بطيئاً كما تبرد العاطفة
              كما افترقت يوم حان الرحيل
              يد صافحتها يد واجفة
              كرجع الخطى في الطريق البعيد
              كما انحلت الرغبة الخائفة
              **
              وتصغي و لا شيء إلا السكون
              و إلا خطى الحارس المتعب
              وإلا ارتعاش الضياء الضئيل
              و خفق الظلال على المكتب
              **
              و أسفارك البالية
              كأشباح موتى تسير
              حياري إلى الهاوية
              وحلم أدكار قصير
              **
              و تنساب مثل الشراع الكئيب
              وراء الدجى روحك الشاردة
              ترى وجهها كالتماع النجوم
              و تطويه عنك اليد الماردة
              إلى أن يذوب الضباب الثقيل
              و تنهار ألوانه الجامدة
              فها أنت ذا تستعيد اللقاء
              كما عادت الجثة الباردة
              **
              و تمتد يمناك نحو الكتاب
              كمن ينشد السلوة الضائعة
              فتبكي مع العبقري المريض
              و قد خاطب النجمه الساطعة
              **
              تمنيت يا كوكب
              ثباتا كهذا أنام
              على صدرها في الظلام
              وافني كما تغرب
              و يغشى رؤاك الضياء القديم
              بطيئاً كما سارت القافلة
              ترى الباب مثل انعكاس المغيب
              على صفحة الجدول الناحلة
              و يغشى رؤاك الضياء القديم
              ينير لك الغرفة الآفلة
              و يغشى رؤاك الضياء القديم
              فيا لانتفاضتك الهائلة!
              **
              ترى الباب ألقى عليه الأصيل
              ظلالاً من الكرمة العارية
              فما كان غير اعتناق طويل
              عصرنا به القوة الباقية
              **
              و ألقيت عبء السنين
              و رأسي على صدرها
              فشدت عليه اليمين
              و أدنته من ثغرها
              **
              و أيقنت أن الحياة الحياة
              بغير الهوى قصة فاترة
              و إني بغير التي ألهبت
              خيالي بأنفاسها العاطرة
              شريد يشق ازدحام الرجال
              و تخنقه الأعين الساخرة

              تعليق


              • #82
                ربيع الجزائر

                سلاما بلاد اللظى و الخراب
                و مأوى اليتامى و أرض القبور
                أتى الغيث و انحلّ عقد السحاب
                فروى ثرى جائعا للبذور
                و ذاب الجناح الحديد
                على حمرة الفجر تغسل في كل ركن بقايا شهيد
                و تبحث عن ظامئات الجذور
                و ما عاد صبحك نارا تقعقع غضبي و تزرع ليلا
                و أشلاء قتلى
                و تنفث قابيل في كلّ نار يسفّ الصديد
                و أصبحت في هدأة تسمعين نافورة من هتاف
                لديك يبشّر أن الدّجى قد تولى
                و صبحت تستقبلين الصباح المطلاّ
                بتكبيرة من ألوف المآذن كانت تخاف
                فتأوي إلى عاريات الجبال
                تبرقع أصداءها بالرمال
                بماذا ستستقبلين الربيع ؟
                ببقيا من الأعظم البالية
                لها شعلة رشّت الدالية
                تعير العناقيد لون النجيع
                وفي جانبي كل درب حزين
                عيون تحدّق تحت الثرى
                تحدق في عورة العاجزين
                لو تستطيع الكلام
                لصبّت على الظالمين
                حميما من اللعنات من العار من كل غيظ دفين
                ربيعك يمضغ قيح السلام
                بيوتك تبقى طوال المساء
                مفتّحة فيك أبوابها
                لعل المجاهد بعد انطفاء اللهيب و بعد النوى و العناء
                يعود إلى الدار يدفن تحت الغطاء
                جراحا يفرّ إليه الصغار ترفرف أثوابها
                يصيحون بابا فيفطر قلب المساء
                و ماذا حملت لنا من هديّة
                غدا ضاحكا أطلعته الدماء
                و كم دارة في أقاصي الدروب القصيّة
                مفتحة الباب تقرعه الريح في آخر الليل قرعا
                فتخرج أو الصغار
                و مصباحها في يد أرعش الوجد منها
                يرود الدجى ما أنار
                سوى الدرب قفر المدى و هي تصغى و ترهف سمعا
                و ما تحمل الريح إلا نباح الكلاب البعيد
                فتخفت مصباحها من جديد
                و لما استرحنا بكينا الرفاق
                هماس لأنبييس عبر القرون
                وها أنت تدمع فيك العيون
                و تبكين قتلاك
                نامت وغى فاستفاق
                بك الحزن عاد اليتامى يتامى
                ردى عاد ما ظنّ يوما فراق
                سلاما بلاد الثكالى بلاد الأيامى
                سلاما
                سلاما

                تعليق


                • #83
                  رثاء القطيع

                  لقد حدثوني بموت القطيع
                  فشدت على القلب كف الألم
                  رأيتك تبكين بين الثرى
                  و تستصرخين رعاة الغنم
                  و حولك سرب من الراعيات
                  يخففن عنك الضنى و السأم
                  أما أرقت عين هذا التراب
                  دموع لها فوقه منسجم
                  من الأعين الحور ينبوعها
                  فهل تصبح اليوم تحت القدم
                  لقد زوقت تحت أيدي الأصيل
                  سفوح الروابي بظل القمم
                  و قد حوم النوم حول الغدير
                  فما بال أزهاره لم تنم
                  و أمواجه أخلدت للسكون
                  فمات على ضفتيه النغم
                  و كانت تغني بحجر النسيم
                  إذا لفها موهنا و استجم
                  أحزنا على ما أصاب القطيع
                  رفيق هواها عراها السقم
                  و مالك لا تملأين المروج ابتساما
                  فإن الربيع ابتسم
                  و فوق الثرى ذاب قوس السحاب
                  فبادت على جانبيه الظلم
                  رياض كما يشتهي العاشقون
                  و ما صور الفن منذ القدم
                  و نور سها شفاه الزهور
                  و نهر عليه الذهول ارتسم
                  أحزنا على ما أصاب القطيع
                  أليف الروابي اعتراك الألم
                  سأبكي وقد كنت تستضحكين
                  إذا الدمع من ناظري انسجم

                  تعليق


                  • #84
                    رثاء جدتي

                    أسلمتني أيدي القضا للشحون
                    إذ قضى من يردني لسكوني
                    و رمى سهمه بقية آمالي
                    فخرت صريعة من عيوني
                    وودعت أذنه توالي أنغامي
                    و آبت إلى الفناء لجوني
                    جدتي
                    و هي كل ما خلف الدهر
                    من الحب و المنى و الظنون
                    و رجاء بدا فالهمني الص
                    فو و خفت أنواره لحنيني
                    قد فقدت الأم الحنون فأنس
                    تني مصاب الأم الرؤوم الحنون
                    كم تحملت في حياتك سقما
                    ود قلبي لو أنه يعتريني
                    تتلوين في مهاد المنايا
                    و تغيبين في عذاب الأنين
                    و تضجين بالدموع سجاما
                    و تطوفين في بحار السنين
                    ثم آب السفين بعد طواف
                    خاليا عودة الكسير المهين
                    تاركا في البحار عذب أغا
                    نيه لها بالمياه أي رنين
                    يا لها ليلة و قد عادت الر
                    وح إلى ربها و دنيا اليقين
                    فزعت كل مهجة لأساها وار
                    تمى الفكر فوق صدر الشجون
                    و انجلى الفجر حاملا بين
                    كفيه سعيرا عذابه يصليني
                    جاء بأخلفه نوى و بعادا
                    لا يرجى اللقاء فيه بحنين
                    رفعوا نعشها و نحن حيارى
                    و الدموع الغزار ملء العيون
                    أيها القبر كن عليها رحيما
                    مثلما ربت اليتامى بلين
                    أيها القلب هل تلام شمالي
                    و التي تفعل الذنوب يميني
                    لا تلمني فلست قد علم الله
                    أرد القضاء لو يأتيني
                    ولم الموت و الزمان الذي
                    يسلب ما ترتجيه غير صنين
                    جدتي من أبث بعدك شكواي
                    طواني الأسى وقل معيني
                    أنت يا من فتحت قلبك
                    بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني
                    فقليل عي أن أذرف الدمع
                    و يقضي علي طول أنيني
                    ليتني لم أكن رأيتك من
                    قبل و لم ألق منك عطف حنون
                    آه لو لم تعوديني على العطف
                    و آه لو لم أكن أو تكوني

                    تعليق


                    • #85
                      رحل النهار

                      رحل النهار
                      ها إنه انطفأت ذبالته على أفق توهّج دون نار
                      و جليت تنظرين عودة سندباد من السّفار
                      و البحر يصرخ من ورائك بالعواصف و الرعود
                      هو لن يعود
                      أو ما علمت بأنه أسرته آلهة البحار
                      في قلعة سوداء في جزر من الدم و المحار
                      هو لن يعود
                      رحل النهار
                      فلترحلي هو لن يعود
                      الأفق غابات من السحب الثقيلة و الرعود
                      الموت من أثمارهنّ و بعض أرمدة النهار
                      الموت من أمطارهنّ وبعض أرمدة النهار
                      الخوف من ألوانهنّ وبعض أرمدة النهار
                      رحل النهار
                      رحل النهار
                      و كأنّ معصمك اليسار
                      و كأنّ ساعدك اليسار وراء ساعته فنار
                      في شاطيء للموت يحلم بالسفين على انتظار
                      رحل النهار
                      هيهات أن يقف الزمان تمر حتى باللحود
                      خطى الزمان و بالحجارة
                      رحل النهار و لن يعود
                      الأفق غابات من السحب الثقيلة و الرعود
                      الموت من أثمارهنّ و بعض أرمدة النهار
                      الموت من أمطارهنّ و بعض أرمدة النهار
                      الخوف من ألوانهنّ و بعض أرمدة النهال
                      رحل النهار
                      رحل النهار
                      خصلات شعرك لم يصنعها سندباد من الدمار
                      سربت أجاج الماء حتى شاب أشقرها و غار
                      و سائل الحب الكثار
                      مبتلة منطمس بها ألق الوعود
                      و جلست تنظرين هائمة الخواطر في دوار
                      سيعود لا غرق السفين من المحيط إلى القرار
                      سيعود لا حجزته صارخة العواصف في إسار
                      يا سندباد أما تعود ؟
                      كاد الشباب يزول تنطفيء الزنابق في الخدود
                      فمتى تعود
                      أواه مدّ يديك بين القلب عالمه الجديد
                      بهما و يحطم عالم الدم و الأظافر و السعار
                      بيني و لو لهنية دنياه
                      أه متى تعود
                      أترى ستعرف ما سيعرف ما سيعرف كلما انطفأ النار
                      صمت الأصابع من بروق الغيب في ظلم الوجود ؟
                      دعني لآخذ قبضتيك كماء ثلج في انهمار
                      من حيثما وجّهت طرفي ماء ثلج في انهمار
                      في راحتيّ يسيل في قلبي يصبّ إلى قرار
                      يا طالما بهما حلمت كزهرتين على غدير
                      تتفتحان على متاهة عزلتي
                      رحل النهار
                      و البحر متسع و خاو لا غناء سوى الهدير
                      وما يبين سوى شراع رنحته العاصفات و ما يطير
                      إلا فؤادك فوق سطح الماء يخفق في انتظار
                      رحل النهار
                      فلترحلي رحل النهار

                      تعليق


                      • #86
                        رسالة من مقبرة

                        من قاع قبري أصيح
                        حتى تئن القبور
                        من رجع صوتي و هو رمل و ريح
                        من عالم في حفرتي يستريح
                        مركومة في جانبيه القصور
                        و فيه ما في سواه
                        إلا دبيب الحياه
                        حتى الأغاني فيه حتى الزّهور
                        و الشمس إلا أنها لا تدور
                        و الدّود نخار بها في ضريح
                        من عالم قي قاع قبري أصيح
                        لا تيأسوا من مولد أو نشورا
                        النور من طين هنا أو زجاج
                        قفل على باب سور
                        النور في قبري دجى دون نور
                        النور في شباك داري زجاج
                        كم حدّقت بي خلفه من عيون
                        سوداء العار
                        يجرحن بالأهدالب أسراري
                        فاليوم داري لم تعد داري
                        و النور في شبّاك داري ظنون
                        تمتص أغواري
                        و عند بابي يصرخ الجائعون
                        في خبزك اليومي دفء الدّماء
                        فاملأ لنا في كل يوم و عاء
                        من لحمك الحي الذي نشتهيه
                        فنكهة الشمس فيه
                        و فيه طعم الهواء
                        و عند بابي يصرخ الأشقياء
                        أعصر لنا من مقلتيك الضياء
                        فأننا مظلمون
                        و عند بابي يصرخ المخبرون
                        و عر هو المرقى إلى الجلجلة
                        و الصخر يا سيزيف ما أثقله
                        سيزيف إن الصخرة الآخرون
                        لكنّ أصواتا كقرع الطبول
                        تنهلّ في رمسي
                        من عالم الشمس
                        هذي خطى الأحياء بين الحقول
                        في جانب القبر الذي نحن فيه
                        أصداؤها الخضراء
                        تنهلّ في داري
                        أوراق أزهار
                        من عالم الشمس الذي نشتهيه
                        أصداؤها البيضاء
                        يصدعن من حولي جليد الهواء
                        أصداؤها الحمراء
                        تنهل في داري
                        شلال أنوار
                        فالنور في شبّاك داري دماء
                        ينضحن من حيث التقى بالصخور
                        في فوهة القبر المغطاه سور
                        هذا مخاض الأرض لا تيأسي
                        بشراك يا أجداث حان النشور
                        بشراك في وهران أصداء صور
                        سيزيف ألقى عنه العبء الدّهور
                        و استقبل الشمس على الأطلس
                        آه لوهران التي لا تثور

                        تعليق


                        • #87
                          رنة تتمزق

                          الداء يثلج راحتي، ويطفيء الغد ... في خيالي
                          ويشل أنفاسي ويطلقها كأنفاس الذبال
                          تهتز في رئتين يرقص فيهما شبح الزوال
                          مشدودتين إلى ظلام القبر بالدّم والسعال ..
                          **
                          واحسرتا ؟! كذا أموت ؟ كما يجف ندى الصباح ؟
                          ما كاد يلمع بين أفواف الزنابق والأقاحي
                          فتضوع أنفاس الربيع تهزّ أفياء الدوالي
                          حتى تلاشى في الهواء كأنه خفق الجناح !
                          **
                          كم ليلة ناديت باسمك أيها الموت الرهيب
                          وودت لا طلع الشروق علي إن مال الغروب
                          بالأمس كنت أرى دجاك أحب من خفقات آل
                          راقصن آمال الظماء ... فبلها الدم واللهيب !
                          **
                          بالأمس كنت أصيح : خذني في الظلام إلى ذراعك
                          وأعبر بي الأحقاب يطويهن ظل من شراعك
                          خذني إلى كهف تهوم حوله ريح الشمال ..
                          نام الزمان على الزمان به وذابا في شعاعك
                          **
                          كان الهوى وهما يعذبني الحنين إلى لقائه
                          ساءلت عنه الأمنيات وبت أحلم بارتمائه
                          زهراَ ونوراَ في فراغ من شكاة وابتهال ..
                          في ظلمة بين الأضالع تشرئب إلى ضيائه
                          **
                          واليوم حببت الحياة إلى وابتسم الزمان
                          في ثغرها وطفا على أهدابها الغد والحنان
                          سمراء تلتفت النخيل المساهمات إلى الرمال
                          في لونها وتفر ورقاء ويأرج أقحوان
                          **
                          شع الهوى في ناظريها فاحتوانب واحتواها
                          وارتاح صدري وهو يخفق باللحون على شذاها
                          فغفوت استرق الرؤى والشاعرية من رؤاها
                          وأغيب في الدفء المعطر كالغمامة في نداها
                          **
                          عينان سوداوات أصفى من؟ أماسي اللقاء
                          وأحب من نجم الصباح إلى المراعي والرعاء
                          تتلألأ عن الرجا كليلة تخفي دجاها
                          فجراَ يلون بالندى درب الربيع وبالضياء
                          **
                          سمراء يا نجما تألق في مسائي أبغضيني
                          واقسي علي ولا ترقى للشكاة وعذبيني
                          خلي احتقار في العيون وقطبي تلك الشفاها
                          فالداء في صدري تحفز لافتراسك في عيوني !
                          **
                          يا موت يارب المخاوف والدياميس الضريرة
                          اليوم تأتي ؟! من دعاك ؟ ومن أدراك أن تزوره ؟
                          أنا ما دعوتك أيها القاسي فتحرمني هواها
                          دعني أعيش على ابتسامتها وان كانت قصيرة
                          **
                          لا ! سوف أحيى سوف أشقى سوف تمهلني طويلا
                          لن تطفيء المصباح لكن سوف تحرقه فتيلا
                          في ليلة في ليلتين سيلتقي آها فآها
                          حتى يفيض سني النهار فيغرق النور الضئيلا !!
                          **
                          يا للنهاية حين تسدل هذه الرئة الأكيل
                          بين السعال على الدماء فيختم الفصل الطويل
                          والحفرة السوداء تفغر بانطفاء النور فاها
                          إني أخاف أخاف من شبح تخبئه الفصول !!
                          **
                          وغدا إذا ارتجف الشتاء على ابتسامات الربيع
                          وانحل كالظل الهزيل وذاب كاللحن السريع
                          وتفتحت بين السنابل وهي تحلم بالقطيع
                          والناي زنبقة مددت يدي إليها في خشوع
                          **
                          وهويت أنشقها فتصعد كلما صعد العبير
                          من صدري المهدوم حشرجة فتحرق العطور
                          تحت الشفاه الراعشات ويطفأ الحقل النضير
                          شيئا فشيئا .. في عيوني ثم ينقلب الأسير !!

                          تعليق


                          • #88
                            رؤيا في عام 1956

                            حطت الرؤيا على عينيّ صقرا من لهيب
                            إنها تنقضّ تجتثّ السواد
                            تقطع الأعصاب تمتص القذى من كل
                            جفن فالمغيب
                            عاد منها توأما للصبح أنهار المداد
                            ليس تطفي غلة الرؤيا صحارى من نحيب
                            من حجور تلفظ الأشلاء هل جاء المعاد
                            أهو بعث أهو موت أهي نار أم رماد
                            أيها الصقر الالهي الغريب
                            أيها المنقض من أولمب في صمت المساء
                            رافعا روحي لأطباق السماء
                            رافعا روحي غنيميدا جريحا
                            صالبا عيني تموزا مسيحا
                            أيها الصقر الإلهي ترفّق
                            إن روحي تتمزق
                            إنها عادت هشيما يوم أن أمسيت ريحا
                            في غيمة الرؤيا
                            يوم بلا ميعاد
                            جنكيز هل يحيا
                            جنكيز في بغداد
                            عين بلا أجفان
                            تمتد من روحي
                            شدق بلا أسنان
                            ينداح في الريح
                            يعوي أناالأنسان
                            -2-
                            يا جوادا راكضا يعدو على جسم الطريح
                            ياجوادا ساحقا عينيّ بالصخر السنابك
                            رابطا بالأربع الأرجل قلبي
                            فإذا بالنبض نقر للدرابك
                            و إذا بالنار دربي
                            سحّت الرؤيا ضياء من لظاها
                            صابغا ما تبصر العين القريح
                            مازجا بالشيء ظلّه
                            خالطا فيها يهوذا بالمسيح
                            مدخلا في اليوم ليلة
                            بانيا في عروة المهد الضّريح
                            الدماء
                            الدماء
                            الدماء
                            وحّدت بالمجرمين الأبرياء
                            نصبت في شدقيي الذئبة كرّسي القضاء
                            ماذا جنى شعبي
                            حلت به اللعنه
                            من زاده المحنه
                            رحماك يا ربي
                            من مائه الديدان
                            من لبسه الأكفان
                            من طيره الغربان
                            ينقرن في قلبي
                            و اليوم في بيدري
                            لم يبق من حبي
                            شيء هنا حبتان
                            فأمطري أمطري
                            و إن يكون نيران
                            و أثمري أثمري
                            و إن يكن ثعبان

                            تعليق


                            • #89
                              -3-

                              ما الذي يبدو على الأشجار حولي من ظلال
                              منجل يجتثّ أعراق الدوالي
                              قاطعا أعراق تموز الدفينه
                              و على القنب أشلاء حزينة
                              رأس طفل سابح في دمه
                              نهد أم تنقر الديدان فيه في سكينة
                              أي آه من دم في فمه
                              ما الذي ينطف من حلمته من لحمه
                              يا حبال الفنب التقي كحيات السعير
                              و اخنقي روحي و خلي الطفل و الأم الحزينة
                              يا حبالا تسحب الموتى إلى قبر كبير
                              جفنة قد هيّأوها للوليمه
                              يا حبالا تسحب الأحياء من شيخ كبير
                              من فتاة أو عجوز من ضلوع حطموها
                              علقت فيها تميمة
                              من صدور مزّقوها
                              زرعوا فيها بذورا من رصاص من حديد
                              ما الذي تثمر هتيك البذور
                              غير أحجار القبور
                              غير تفاح الصديد

                              -4-

                              تموز هذا أتيس
                              هذا و هذا الربيع
                              يا خبزنا يا أتيس
                              أنبت لنا الحب و أحي اليبيس
                              إلتأم الحفل و جاء الجميع
                              يقدّمون النذور
                              يحيون كل الطقوس
                              و يبذرون البذور
                              سيقان كل الشجر
                              ضارعة و النفوس
                              عطشى تريد المطر
                              شدوا على كل ساق
                              يا رب تمثالك
                              فلتسق كل العراق
                              فلتسق فلاحيك عمالك
                              شدوا على كل ساق
                              أواه ما شدّوا
                              أواه ما سمروا
                              أغصان زيتوننا أثقلها الورد
                              ورد الدم الأحمر
                              شدوا على كل ساق
                              يارب تمثالك
                              فاسمع صلاة الرفاق
                              و لترع فلاحيك عمالك
                              تمثالك البعل
                              تمثالك الطفل
                              تمثالك العذراء
                              تمثالك الجانون و الأبرياء
                              تمثالك الأمّ الشمالية
                              لأنها ليست شيوعية
                              يقطع نهداها
                              تسمل عيناها
                              تصل صلبا فوق زيتونة
                              تهزها الريح الجنوبية
                              تمثالك الآلاف مجنونه
                              من رعبها تمثالك الأحمر
                              كأنه الشقيق إذ يزهر

                              تعليق


                              • #90
                                ستار

                                -1-
                                عيناك و النور الضئيل من الشموع الخابيات
                                و الكأس و اللليل المطل من النوافذ بالنجوم
                                يبحثن في عيني عن قلب و عن حب قديم
                                عن حاضر خاو و ماض في ضباب الذكريات
                                ينأى و يصغر ثم يفنى إنه الصمت العميق
                                و الباب توصده وراءك في الظلام يدا صديق !
                                **
                                -2-
                                كالشاطيء المهجور قلبي لا وميض و لا شراع
                                في ليلة ظلماء بل فضاءها المطر الثقيل -
                                لا صرخة اللقيا تطيف به و لا صمت الرحيل
                                يمناك و النور الضئيل أكان ذاك هو الوداع ؟!
                                باب و ظل يدين تفترقان- ثم هوى الستار
                                ووقفت أنظر في الظلام و سرت أنت إلى النهار
                                **
                                -3-
                                في ناظريك الحالمين رأيت أشباح الدموع
                                أنأى من النجم البعيد تمر في ضوء الشموع
                                و اليأس مد على شفاهك و هي تهمس في اكتئاب
                                ظلاً- كما تلقي جبال نائيات من جليد
                                أطيافهن على غدير تحت أستار الضباب
                                لا تسألي ماذا تريد ؟ فلست أملك ما أريد!
                                **
                                -4-
                                باب و ظل يدين تفترقان- ليتك تعلمين
                                أن الشموع سينطفين, و أن أمطار الشتاء
                                بيني و بينك سوف تهوي كالستار فتصرخين
                                الريح تعول عند بابي لست أسمع من نداء
                                إلا بقايا من حديث رددته الذكريات
                                و سنان هوّم كالسحابه في خيالي ثم مات !
                                **
                                -5-
                                أنا سوف أمضي سوف أنأى سوف يصبح كالجماد
                                قلب قضيت الليل باحثة على الضوء الضئيل
                                على ظله في مقلتي فما رأيت سوى رماد!!
                                أنا سوف أمضي ربما أنسى إذا سال الأصيل
                                بالصمت أنك في انتظاري ترقبين و ترقبين
                                أو ربما طافت بي الذكرى فلم تذك الحنين
                                **
                                -6-
                                الزورق النائي و أنات المجاديف الطوال
                                تدنو على مهل و تدنو في انخفاض و ارتفاع
                                حتى إذا امتدت يداك إلي في شبه ابتهال
                                و همست ها هو ذا يعود! رجعت فارغة الذّراع
                                وأفقت في الظلماء حيرى لا ترين سوى النجوم
                                ترنو إليك من النوافذ في وجوم.. في وجوم !
                                **
                                -7-
                                قد لا أؤوب إليك إلا في الخيال وقد أؤوب
                                لا أملس في قلبي و لا في مقلتي هوى قديم:
                                كفان ترتجفان حول الموقد الخابي.. و كوب
                                تتراقص الأشباح فيه.. و تنظرين إلى النجوم
                                حذر البكاء.. و كيف أنت تهز قلبك في ارتخاء
                                عاد الشتاء..
                                فتهمسين: و سوف يرجع في الشتاء

                                تعليق

                                مواضيع تهمك

                                تقليص

                                المنتدى: المكتبة الالكترونية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 04:01 PM
                                المنتدى: التصنيع والانتاج نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:44 PM
                                المنتدى: التعريف بالهندسة الصناعية نشرت بواسطة: HaMooooDi الوقت: 07-30-2025 الساعة 03:38 PM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-10-2025 الساعة 01:22 AM
                                المنتدى: الجوال والإتصالات نشرت بواسطة: ماريا عبد الله الوقت: 07-04-2025 الساعة 12:04 AM
                                يعمل...
                                X